جاءت القناة التلفزيونية "المعرفة"، التي تشرع في البث التجريبي اليوم، لإعطاء إضافة للمشهد السمعي البصري الذي يسابق الزمن لاحتلال موقع يليق به في خارطة إعلامية اقتحمتها الثورة الرقمية والانفجار المعرفي الإلكتروني، تاركة بصمات لها أثرها على مضامين الحياة، وسط تنافس إعلامي محموم فرض الخروج من برامج تقليدية روتينية إلى أخرى جديدة مراهنة على استقطاب مشاهد واقع تحت تأثير منابر لاستمالته وتوجيهه حسب المصلحة والنفوذ.
في زمن الفيديو وشبكات التواصل الاجتماعي المخترقة للحدود والحواجز، لم يعد الإعلام يكتفي بنقل المعلومة الصحيحة من مصدرها، حريصا على أخلاقيات مهنة واحترافية، لكن تحول إلى أداة اتصال لها تأثيرها الرهيب على الرأي العام وتوجيهه. وقيل في أكثر من مناسبة، «من لا يملك الإعلام يعرض سيادته للاختراق والمساس».
لهذا، جاءت القناة التلفزيونية التي أوصى بها مجلس الوزراء لتضيف إلى الإعلام الوطني قيمة يحتاجها وتلبي طلبات وتطلعات مشروعة، في جزائر يراد لها أن تكون قوية ومؤثرة في مجرى الأحداث، مثلما ناضل وضحى من أجلها رواد الحركة الوطنية والثورة المظفرة.
ظهور قناة «المعرفة»، تزامنا مع الاحتفالية بعيد الطالب، له مدلوله ورمزيته وبعده الاستراتيجي، حيث يجد الطالب من خلالها منافذ للتحصيل العلمي المعرفي وفق برامج وطنية تعرّف بالإنجازات والمكاسب وتؤرخ لمسار بناء وانتماء وتحوّل لاستكمال إقامة الدولة الوطنية التي تجعل من أصالتها ومرجعيتها النوفمبرية محطة للتفتح والعصرنة، بعيدا عن الاغتراب الفكري والحضاري.
يحدث هذا في إطار مقاربة استباقية، غايتها وضع الاتصال في سياق التحول الوطني والتغيير المنشود الذي يحتل الأولوية في توجه جزائر القرن الواحد والعشرين.
إنها جزائر الإصلاحات التي تراهن على التنوع ضمن الوحدة والرؤية المنسجمة التوافقية، يشعر كل واحد فيها بحرارة الانتماء وحب الوطن، الذي اتخذ من اهتزازات الماضي وأزمات الحاضر درسا في الذهاب إلى الأبعد في مشروع نهضوي يأخذ في الاعتبار تحديات الراهن وإملاءات الظرف، باستقلالية قرار سياسي، يشكل الإعلام أحد روافده القوية وأسس توازن معادلته، يعد فيها المواطن فاعلا وشريكا في إدارة شؤونه وتسيير قضاياه.
أظهرت كورونا هذا الأمر، حيث كان المواطن في أولى الصفوف مقاومة للوباء محسسا بجدوى الالتزام بالتدابير الاحترازية، مقدما ولاءه ومساهماته بروح وطنية ومواطنة في الهبة التضامنية مضرب المثل في التآخي ومواجهة الأخطار، مقدما أوسع معاني التفاعل مع الوطن المفدى اليوم وأبدا.