وصفها الأمين العام الأممي غوتيريس بـ «وباء التضليل الخطير»، واعتبرتها اليونيسكو تهديدا صريحا لممارسة الصحافة بلا خوف ولا محاباة. وتجندت دول المعمورة كلها في محاربتها بأكبر ما تملكه من وسائل، تعزيزا لمنظومة إعلامية تحتكم إلى المصداقية ولا تقبل بأي مساس بأخلاقيات المهنة، في زمن حرية الاتصال ومسؤوليته.
هذا هو عنوان احتفالية اليوم العالمي لحرية التعبير التي كانت، أمس، محطة فاصلة حاسمة لتقييم مسار مهنة متاعب تتكيف مع المتغيرات وتتسلح بالموضوعية لإيصال الرسالة الإعلامية إلى المتلقي في أسرع وقت ومن مصدرها بلا تزييف ولا تحريف.
أكبر خطر استدعى التجند الدائم والحيطة، الأخبار المفبركة «فايك نيوز» التي تتداول عبر شبكات تواصل من أناس لا يحتكمون الى العقل ولا يستندون للضمير في نشر معلومات غير مؤسسة بغرض التهويل والمضاربة.
هذه الوضعية التي تسجل في الجزائر، حتمت على الإعلام الوطني، مضاعفة الجهد في نقل معلومة صحيحة، خاصة ما تعلق منها بمحاربة وباء كورونا، غايتها إطلاع المواطن على أدق تفاصيل الوباء وإقناعه بجدوى الإلتزام بتدابير وقائية تؤمِّنه من أي خطر محتمل.
أدى انتشار الفيروس بسرعة فائقة إلى ظهور ما اصطلح على تسميته «بوباء معلوماتي»، يروج عبر شبكات التواصل ومواقع افتراضية، صار كل واحد منشئ لها يرى في نفسه أنه وحده مالك الحقيقة المطلقة، وله أحقية تسويق أي كلام أو سرد تحليل عن «كوفيد-19» الذي تجاوز الحدود واخترق الأوطان فارضا طوارئ على المخابر بحثا عن لقاح مناسب أو علاج دوائي ينقذ البشرية من كارثة وبائية لم تشهدها من قبل.
أمام هذه الزحمة، وجدت وسائل الإعلام الوطنية نفسها أمام وضع جديد حتم عليها الانطلاق في حملات تعبئة مرافقة لمستخدمي الصحة المجندين في الصفوف الأمامية، محسسة مواطنين استخفوا بالوباء فانساقوا وراء الأخبار المضللة والإشاعات والتهويل، روجها من لا ضمير له، مساهما في نشر الهلع والخوف بين الناس، مما دفع بعضهم إلى حد التشكيك في صحة وجود الفيروس واندفع في سلوكيات أخلت بالتدابير الاحترازية.
أدى الإعلام الوطني، دوره الريادي في الوضعية الصحية الطارئة، فارضا نفسه شريكا كاملا في تسيير الأزمة الوبائية وكشف عن احترافية عالية في مهامه في عولمة الاتصال والزمن الرقمي الافتراضي والانترنت مكسر الحواجز والممنوعات غايته الأسمى توفير للمواطن المعلومة الصحيحة تحسسه بجدوى الالتزام بالوقاية، باعتبارها مخرج النجاة.