إرادة ومسؤولية

بقلم: فنيدس بن بلة
27 أفريل 2020

فرض وباء كورونا قواعد عمل جديدة في العلاقات الاجتماعية وفجر طاقات إبداعية وعزز العمل التضامني، حيث يلعب فيه المجتمع المدني والشباب دور الشريك الهام في الهبة الوطنية التي صنعت أسمى صور المواطنة والوطنية في ظرف استثنائي تعيشه البلاد.
المشهد، وإن كان مألوفا في سلوك الجزائريين الذي يعطيهم التمايز في اتخاذ من الظروف الصعبة محطة انطلاق نحو الانفراج والخروج من الأزمات بأقل الأضرار وأقوى عزيمة وتحد، فإن كورونا قد زاد من حملات التآزر والتآخي أشعرت كل مواطن بمكانة تحت الشمس، يحظى بالرعاية والعناية دون تهميش وعزلة.
رأينا هذا أثناء عمليات التكفل بالعائلات المعوزة بالأقاليم النائية ومناطق الظل التي تولتها الجماعات المحلية، حيث لعبت لجان الأحياء دورا بارزا في إحصاء الأسر المعنية بمنح التضامن بضبط الملفات والقوائم بدقة وشفافية.
تترجم هذه الممارسة، أحد أسس المعادلة التضامنية في أبعد مداها وحركيتها الديمقراطية التشاركية التي يكون فيها المواطن طرفا فاعلا له وزنه في النشاط الاجتماعي العمومي، باعتباره ليس فقط قناة تشاور وحوار، بل منفذا لسياسات محلية تحرص الجماعات الوطنية على تأديتها كما يجب وتوصي بتجسيدها بفعالية ومصداقية، تحدث قطيعة مع تجارب سابقة أثرت اختلالاتها على النسيج الاجتماعي والجبهة الداخلية مدخل الاستقرار الوطني.
منذ بداية مواجهة الفيروس التاجي، انطلقت جمعيات شبابية بتلقائية إلى جانب مؤسسات ورجال أعمال في عمل تضامني واسع دون انتظار مؤشرات ضوئية، مرافقة الهبة الوطنية في مد يد المساعدة، بتعقيم الشوارع والساحات العمومية وتسليم الكمامات للفرق الطبية المرابطة في خط الدفاع الأمامي كاشفة عن مقاربة ذات قيمة، معبرة بصدق عن مفهوم جديد للمجتمع المدني المتطلع لتحمل مسؤوليته كاملة في تأدية خدمة عمومية ذات منفعة.
أظهرت هذه الجمعيات التي يقودها شباب يتحدون الظرف الصعب، تغييرا في وظيفة المجتمع المدني بصفته طرفا مهما في التنظيم الإقليمي، مساهما في قرار تسيير الإدارة المحلية وحلقة وصل مع السكان.
جسدت الجمعيات الشبابية مبدأ الجوارية في نشاطها اليومي، محسسة بجدوى التدابير الاحترازية وقواعد الالتزام بالعزل المنزلي في مرحلة سابقة من نظام اليقظة والتأهب، وتواصل الآن تأدية المهام التطوعية عقب الإقرار بتوسيع قطاعات النشاط وفتح محلات تجارية ضرورية، مبرزة الحاجة الملحة للتباعد الاجتماعي وتجاوز سلوك الاستهتار وما يحمله من خطر محدق بالأفراد ويضع المنظومة الصحية كلها في عين الإعصار.  

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024