هل تجد حملات التعبئة استجابة من مواطنين يستخفون بتدابير الحجر الصحي والعزل المنزلي، مستمرين في اختراقهم لنظام اليقظة والتأهب لمواجهة فيروس كورونا، كأن شيئا لم يكن. أطباء رجال أمن وحماية مدنية، لم يتوقفوا لحظة في مناشدة الجميع بلطف بوجوب الالتزام بالتدابير الاحترازية لأنها تحمل الإجابة الفورية والخيار الآمن لوضع الفيروس التاجي تحت السيطرة وتجاوز كارثة وبائية بأقل كلفة وضرر.
نقول هذا بعد تحذيرات أطلقها أهل الاختصاص مجدّدا، بأنّ موجة ثانية من «كوفيد-19» غير مستبعدة في ظل تمادي التراخي والاستهتار من ذوي النفوس المريضة، الذين لم تكلفهم أنفسهم عناء الاجتهاد لفهم الفيروس، طرق تفشيه وسهولة اختراقه الحواجز والممنوعات بوجود بيئة مساعدة له ومنها على وجه التحديد عدم الالتزام بالتدابير الوقائية.
إنّها مقاربة اعتمدت منذ الوهلة الأولى لمواجهة «كوفيد-19»، روّج لها بالصوت والصورة عبر مختلف الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل، غايتها إقناع المواطنين بجدوى الخيار الاحترازي باعتباره الممر الآمن لمرحلة ما بعد كورونا، حيث الحياة تتواصل بصفة طبيعية ولا مكانة فيه لكابوس شغل الورى ولّد تهويلا ومغالطات.
للأسف لم تصل هذه الرسالة إلى عامة الناس وتفهم كما يجب، حيث يسجل تمادي بعض السلوكيات المنعزلة بتجاهل عن قصد، هذا المعطى الثابت، والاستمرار في المخاطرة بالحياة وحياة الآخرين، من خلال اختراق تدابير الوقاية وضرب عرض الحائط الجهود الوطنية في محاربة الوباء والآليات الصحية المسخرة في معركة مصيرية يقودها طواقم طبية وشبه طبية مرافقين من شركاء، مساندين من إعلام وطني انخرط مبكرا في الاستراتيجية الاستباقية ليس فقط في تغطية الأحداث ورصد تطوراتها المتسابقة بل التصدي لتجار الأزمة ومروّجي الإشاعة، بسرد معلومة دقيقة عن الوباء وتحصين الذات من خطره بعيدا عن الأخبار المفبركة «فايك نيوز».
بهذه المهمة النبيلة التي تؤدى، بروح مسؤولة، أخلاقيات مهنة والتزام، أثبت الإعلام الوطني التقليدي والجديد، باقتدار أنه مرافق للعمل الصحي في تسيير الأزمة الوبائية، مساهما في التعبئة التامة لتجاوز الخطر ورفع التحدي.
من خلال حوارات مفتوحة مع أهل الاختصاص والعارفين بخبايا الوباء والوقاية منه، نقل الإعلام صورة صادقة عن الجهود الوطنية مترجما بأمانة الأهداف والغايات مكرّرا بلا توقف نداءه للمواطنين بواجب الالتزام بقواعد اللعبة لاحترام تدابير الحجر، للحيلولة دون وقوع مكروه وما يحمله من خطورة قد تعيد آليات المواجهة والتصدي إلى نقطة البداية.