لا حديث هذه الأيام سوى عن حملات تضامن وتآزر مع عائلات معوزة ومن فقدوا وظيفة في قرى نائية ومناطق ظل في مختلف الولايات، كشفت عن التحدي الجزائري الذي يبرز في كل مرحلة صعبة، صانعا التمايز، متخذا من الطوارئ قوّة انطلاق لإدارة الأزمات برؤية واقعية وبعد نظر.
تمثل هذه الصورة الحيّة قوافل التضامن التي تجوب البلاد طولا وعرضا مقربة المسافات البعيدة، متجاوزة حواجز الجغرافيا، أبطالها مؤسسات، مجتمع مدني وشباب متطوّع أبهر بسلوك التآخي والتآزر مزيلا كليشيهات وأفكار مسبقة.
الجديد في الحركية التضامنية المألوفة كلما طفت على السطح تعقيدات، أنها تنظم تحت تأطير وإشراف هيئات نظامية، تتقاسم الوظيفة مع المبادرين بالخير شعارهم «اليد في اليد» لتجاوز محنة غير مألوفة تواجه بعمل جماعي واتحاد. هي حركية تؤسس لحوكمة تضامنية تشكلها مؤسسات الدولة والفاعلون الاجتماعيون الاقتصاديون لغاية واحدة : الوقوف إلى جانب من هم في أشدّ الحاجة إلى مساعدة تخفّف عنهم تداعيات الفيروس التاجي وتشعرهم أنهم ليسوا في عزلة متروكين لشأنهم يواجهون بمفردهم الليالي الحالكات.
تتواصل هذه القوافل التي تحدّت الزمن الصعب وأسّست لتقليد جديد يدشن تزامنا مع صرف إعانات أقرّتها الدولة للأسر المعوزة والمتأثرة بإجراءات الوقاية من وباء كورونا، من خلال حوالات 10 آلاف دج لعائلات تمّ إحصاؤها بدقة وشفافية بإشراك لجان أحياء حتى لا تقع هناك تلاعبات وتجاوزات.
بهذه الحوكمة الثلاثية الأطراف دولة، قطاع خاص ومجتمع مدني، برز معطى ثابت في معادلة التضامن الوطني وأظهر قوّة تلاحم الجبهة الداخلية أساس الاستقرار الوطني والسيادة إلى درجة أشعر المواطنين حرارة الانتماء لبلاد منحتهم كل الرعاية والعناية، دون أن تتركهم أسرى اليأس والقنوط.
وكان هذا مضمون الخطاب السياسي منذ الوهلة الأولى لانتشار الوباء الذي اتخذت بشأنه تدابير احترازية مبكرا وشدد خلالها على تجنّد مستخدمي الصحة والشركاء المرافقين للمواجهة، بتوظيف أقصى الجهود والتجارب للحيلولة دون انتشار «كوفيد-19». وكان التأكيد في نفس الوقت على مرافقة الجهد الصحي بالعمل التضامني مع عائلات واقعة تحت حجر صحي وعزل منزلي.
يتذكر الجميع القرارات الاستعجالية التي اتخذت حول التكفل بآثار الاضرار الناجمة عن انتشار الفيروس التاجي على النشاط الاقتصادي ومناصب الشغل، بعد عملية إحصائية دقيقة تعطي كل ذي حق حقه بروح مسؤولة والتزام وطني، وتعطي انطلاقة متجدّدة للبناء والتقويم.