أفضل درجات التعبير جسّدتها الملاحم البطولية التي صنعت ولازالت تُصنع في ربوع الجزائر، تترجم بوفاء التلاحم، التآزر وتكشف قوة وحدة وطنية ازدادت تعزيزا ودلالة مع تفشي وباء كورونا.
هي صور عبرت خلالها مكونات الأمة صراحة عن الوقوف إلى جانب السلك الصحي في معركة إبعاد شبح فيروس سريع الانتشار والوقاية منه العلاج الآمن، مجددة عرفانها للأطقم الطبية وشبه الطبية في خطوط الدفاع الأمامية متخذين من رصيدهم المعرفي العلمي سلاحا في مواجهة عدو شديد الخطر على حياة المواطن والمنظومة الصحية برمتها.
من كل الولايات المستنفرة لمكافحة الوباء، رددت الحناجر بصوت عال ومدوٍّ، كلمات الأنشودة التاريخية التي تحمل عبارات الصمود والتصدي وتقسم بعدم الاستسلام لليأس:
«سوف نبقى هنا كي يزول الألم، سوف نحيا هنا سوف يحلو النغم».
بصوت واحد رددت أيضا على الملأ، متحدية الظرف الصحي الصعب، متجاوزة ما يروج من أخبار التهويل والإشاعة بالقول الفصل والحسم:
«رغم كيد العدا رغم كل النقم، سوف نسعى إلى أن تعم النعم»
مبدية روح التجند والمقاومة والسير وراء الأطقم الطبية إلى أبعد الحدود، قائلة: «سوف نرنو الى رفع كل الهمم، للمسير للعلا ومناجاة القمم. فلنقم كلنا للدواء والقلم، كلنا عطف على من يصارع السقم، ولنواصل المسير نحو غاية أهم، ونكون حقا خير أمة بين الأمم».
إنها ملحمة التحدي الجزائري الذي يبرز في كل محنة وليال سوداء يجتازها الوطن المفدى.
تحد ترجمته بصدق صرخات الأفواه البريئة وهي تشيد بدور مستخدمي الصحة الذين يقدمون أغلى التضحيات في سبيل أن يحيا المواطنون وتستأنف الحياة الطبيعية في أبعد معانيها وأكبر دلالاتها، متخذين من ميثاق الشرف والقسم الطبي، قاعدة لإعادة الأمل للنفوس الحائرة، واضعين ثقتهم في الشركاء لمرافقتهم في تأدية المهمة النبيلة بأخلاقيات مهنة عالية ونقاء ضمير.
هذا التجند من مستخدمي الصحة، أكسبهم ثقة، أعطاهم مصداقية وأعاد لهم الاعتبار ومكانة اجتماعية انتظرها الجيش الأبيض منذ سنوات، وظل يتمسك بها حتى جاء الموعد والمحطة الفاصلة التي أظهرت خلالها الأطقم الطبية وشبه الطبية أنهم مناضلو ميدان وأن التجند في سبيل إنقاذ حياة المواطنين هو أغلى ما يمكن أن يقدم في هذا الظرف العصيب الذي تجتازه البلاد بروح التآخي والتآزر، سقطت خلاله الحسابات والكليشيهات أمام عرى التضامن وسيمفونية ملحمة خالدة تدوّي في ربوع الوطن: «سوف نبقى هنا حتى كي يزول الألم».