...أم الاختراع

بقلم: فنيدس بن بلة
04 أفريل 2020

لم تبق أي جامعة جزائرية على الهامش تنتظر مؤشرات فوقية للقيام بمبادرات وابتكارات تساعد على محاربة وباء كورونا المستجد، فارضة نفسها شريكا في السلامة الصحية بصفتها أحد أسس النظام الإمني ومعادلة الاستقرار ككل.
ظهر هذا جيدا لمن تتبع الجهود المضنية في سبيل تأمين البلاد من شر كورونا المتمادي في حصد الأرواح البريئة وترك آخرين عرضة للمعاناة والمقاومة، في وقت تتجند فيه الأطقم الطبية لتوظيف أقصى ما توفر لهم من وسائل في التكفل بحالات الإصابة المتزايدة بشكل يبعث على القلق، مما يستدعي تدابير أكثر ردعية في تطبيق الإجراءات الاحترازية المشددة لوقاية آمنة.
تسير في هذا الاتجاه المخابر الجامعية، ورشات طلابية شكلت على عجل من أجل الاندماج في مسار رفع التحدي الكبير، بتوظيف ما توصلت إليه من معارف، لإنجاز شيء ما، يرافق عملية التكفل بالمواطنين في هذا الظرف العصيب وعرض خدمات ومنتوجات على مصالح صحية واستشفائية هي في أمس الحاجة إليها.
على حد المثل القائل «الحاجة أم الاختراع»، نجحت مؤسسات جامعية في تحضير مستحضرات طبية لصناعة سوائل معقمة ضرورية لمستشفيات، مقدمة تجربة حية عن دور الجامعات في زمن الأزمات والكوارث ووظيفتها البنائية في عرض مقترحات حلول لتعقيدات الراهن ومشاكل المرحلة دون الاكتفاء بدور ثانوي يبعدها عن وظيفتها الحقة، كقاطرة تطور وقيادة لا تكتفي بتخرج موارد بشرية فقط، بعضهم يمرون بتربص آخر يشترطه سوق الشغل أحيانا.
تدعم هذه المبادرة ما أقدمت عليه مؤسسات صناعية كثيرة من تجارب مدرجة في سياق الجهد الوطني لمكافحة انتشار الفيروس القاتل، منها شركة «GQTECH» التي أظهرت مؤخرا أنها من وزن كبار المبدعين بتطوير أول نموذج جزائري لجهاز التنفس الاصطناعي، بالتنسيق مع منتدى رؤسات المؤسسات ومركز تنمية التكنولوجيات المتطورة ووزارات.
الإنجاز دليل على التزام في تطوير البحث العلمي وتوظيف الإمكانات المتوفرة في سبيل مد جسور تواصل بين المؤسسة الاقتصادية وبيئتها الاجتماعية، تلبية لاحتياجات معبر عنها وقت الشدة، مكرسة علاقة جدلية بينها والمجتمع الذي يحيط بها وينتظر منها دوما المساهمة في علاج تعقيداته، مهما كبرت وصعبت.
بهذه الوظيفة الحيوية التي أنشئت من أجلها وتناضل لإثبات الذات في محيط ليس دائما مساعدا لها تطبعه تنافسات حادة، تكسب المؤسسة مكانتها المستحقة وتعزز موقعها في خدمة مجتمع تواق إليها، خاصة في الليالي الحالكات والمثال الحي تقدمه المبادرات متعددة الاختصاص في محاربة داء كورونا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19639

العدد 19639

الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
العدد 19638

العدد 19638

الإثنين 02 ديسمبر 2024
العدد 19637

العدد 19637

الأحد 01 ديسمبر 2024
العدد 19636

العدد 19636

السبت 30 نوفمبر 2024