أنشطة متعددة افتراضية بادرت بها أكثر من جهة، مكسّرة حالة الحصار المفروض من فيروس كورونا الذي وحد العالم أجمع، لأول مرة، حول غاية واحدة مصيرية؛ التأهب لمواجهة الوباء وجعله في استنفار بحثا عن العلاج الآمن للبشرية.
أمام الخطر المستفحل الذي خلف آلاف الضحايا وأدخل مدنا كبرى ومناطق بأكملها تحت الحجر الصحي، جاءت مبادرات لربط الصلة بين المواطنين والتفاعل بينهم للتواصل وتجاوز «بسيكوز» الفيروس، الذي وإن أثار قلقا في بداية ظهوره، فقد غذّى روح التحدي وعدم الاستسلام لدى الكثيرين، خاصة عقب حملات التحسيس والتعبئة.
هي حملات ساهمت فيها أكثر من جهة ودعمتها أطراف ضمن تقاسم وظيفي، جاعلة المواطن شريكا في السلامة الصحية وإدارة الأزمة الكبرى التي يواجهها الوطن.
هذا التوجه زاد في مصداقية التجنيد ضد وباء لا دواء ولا لقاح له في الظرف الراهن، سوى الوقاية التي تكسب الرهان بمعرفة الفيروس التاجي، كيفية انتشاره وسبل مواجهته بالتدابير الاحترازية التي تضمنها نظام اليقظة والتأهب والتحلي بروح المسؤولية.
إنها مقاربة استباقية تحرص عليها السلطات المختصة، محسّسة المواطن بالانخراط في حملة التعبئة، باعتباره الحلقة المفصلية في السياسة الصحية للتأمين من كارثة وبائية يتجنّد الجميع لتجاوزها بالتآزر والتضامن وتضافر الجهود، بعيدا عن ذهنية «تخطي راسي».
نذكّر بجدّية الإجراءات التي اتُّخِذَت من السلطات مبكرا لمواجهة تفشي وباء كورونا، حيث شدد خلالها على الدور التحسيسي في المواجهة وإطلاع المواطن بأدق التفاصيل عن هذا الفيروس وتدابير الوقاية منه، دون ترك المجال لتجار الأزمة وأصحاب نوايا سيئة يروجون لمغالطات. ظهر هذا في كل لقاء تقييمي حول الوضعية، حيث بقدر ما تعطى خلاله أرقام عن حصيلة الإصابة بالداء، تقدم كذلك شروحات عن ضرورة تجاوز عقدة الخوف والارتباك بالتسلح بشروط الوقاية أولا.
وزاد المسعى قوة ودعما، اللجنة العلمية للإنذار المبكر والمتابعة والإعلام، المستحدثة مؤخرا، استجابة لانشغالات تتمثل في الاتصال الشامل والمحكم في سرد الأخبار الموثوقة حول الوباء التاجي، باعتبارها طريقة تكرس مصداقية لدى المواطن وتزرع فيه ثقة في لعب دور الشريك الكامل دون بقائه عرضة لمغالطات وتهويل مواقع اتصال لا تعير الاهتمام لمشاعر الناس، همها زرع الرعب ومحاولة التأثير على نظام اليقظة والتأهب المعتمد على فرق طبية ومصالح صحية مؤطرة، جاعلة من مواجهة «كورونا» معركة مصيرية للتأمين من خطر وبائي قاتل.