حملت رسالة رئيس الجمهورية في ذكرى عيد النصر، دلالات سياسية ورموزا، تؤكد على استكمال إقامة الدولة الوطنية الحديثة التي أوصى بها من ضحوا من أجل الوطن، رافضين مشروعا استيطانيا استعماريا ظلت فرنسا تروج له، خطأ، على مدار أزيد من قرن.
ذكّر الرئيس عبد المجيد تبون ببرنامجه الذي شدد على القطيعة مع ممارسات الماضي، بخارطة الطريق المعتمدة في تشييد الجمهورية الجديدة المراهنة على إصلاح شامل للدولة بكل فروعها ومؤسساتها، واضعة أخلقة العمل السياسي قاعدة، ونزاهة المسؤولية منهاجا للممارسة. وهي الدولة التي تعتمد مرجعية نوفمبر محطة انطلاق في مسار التقويم والتجدد، واضعة الكفاءة معيارا لتقلد الوظائف، في ظرف تطبعه تحديات معقدة، تستدعي رفعها لكسب ثقة مواطن ينتظر تكفلاً بانشغالاته.
ذكر الرئيس بهذا المعطى الثابت، الذي أدرجه ضمن التزاماته 54، بلغة الفصل الحسم، قائلا إن «الجزائر الوفية لرسالة الشهداء لن تسمح بالممارسات والذهنيات التي زرعت بذور الفساد السياسي والمالي وكادت بانحرافاتها الخطيرة أن تقوض أركان الدولة الوطنية».
من خلال المقاربة السياسية والنظرة القبلية والبعدية، أعاد إلى الاذهان دولة المؤسسات محل البناء، التي تتقوى في الميدان وتتعزز هياكلها ومنشآتها بالإصلاح الشامل والتغيير الجذري الذي شرعت فيه بورشات عدة، تتصدرها مراجعة الدستور والاتصال، في انتظار القانون الانتخابي، رابطا الحاضر بالماضي في الانطلاق نحو المستقبل.
إنها دولة تعتمد على المساءلة والمحاسبة أمام هيئات الرقابة والمواطن، تنتهج الشفافية في إدارة المال العام وتتابع عن قرب الإجراءات المتعلقة بخدمة الرعية وإشراكها في المشاريع والبرامج وتراهن على مرافقة الإعلام للعمل السياسي، اعتمادا على منهج الاحترافية دون السقوط في التهويل وفبركة الأخبار المغلوطة.
هي دولة يسندها فريق عمل يتقاسم الوظيفة لغاية واحدة؛ دعم الديمقراطية وتعزيز الحريات والحقوق من خلال حوار توافقي يقبل بتضحية ثانية في سبيل الوطن.
بهذه الطريقة التي سار عليها الأسلاف وقدموا درسا لا ينسى في النضال والتضحية، تتواصل المسيرة معزِّزة قوة التجند في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه الجزائر في مواجهة فيروس «كورونا» الفتاك، مراهنة على نظام اليقظة القصوى والتأهب لحماية المواطنين من خطر كارثة وبائية غير مسبوقة لم تعرف لها البشرية مثيلا.
ترافق العملية حملة تحسيس، انخرطت فيها مختلف مكونات الأمة من علماء ورياضيين وأهل الثقافة يطالبون المواطنين الالتزام بتدابير الوقاية وعدم الانسياق وراء مروجي مغالطات تستخف بالوباء التاجي الذي أدخل العالم في طوارئ والجزائر لا تشكل الاستثناء في مواجهة خطره.