مواضيع حساسة تناولها، أمس، اجتماع الحكومة برئاسة عبد العزيز جراد، تتعلق بالتدابير المتخذة في سبيل استكمال إقامة الدولة الوطنية الحديثة التي تمنح صلاحيات واسعة للمؤسسات ولا تستند على الشخصنة واحتكار القرار.
من هذه المواضيع القطاعية، التي تحتل الأولوية في مخطط عمل الحكومة، رقمنة الإدارة التي تجسّد وفق خارطة طريق يعول عليها في عصرنة تسيير المرفق العمومي وتفتح المصالح على المواطنين وتقدّم لهم خدمات فورية تجنّبهم عناء التنقل وطرْق الأبواب والانتظار في طوابير مملة.
نذكر أن رقمنة الإدارة، مدرجة ضمن مشروع الجزائر الإلكترونية سنة 2013، الذي يوظف آخر تكنولوجيات الإتصالات للدفع بعجلة التنمية الوطنية والتكفل بالمواطن، من خلال خدمات جديدة يستدعيها الظرف الراهن والمستقبل.
المشروع قطع خطوات كبيرة، من خلال رقمنة مصالح الحالة المدنية بالبلديات والإدارات الجبائية والجمركية والقضائية، حيث تم تبسيط الإجراءات الإدارية لاستخراج الوثائق ووضع الملفات والمشاريع، تكريسا للامركزية.
ودعما لهذا التوجه، يجري التحضير لتوسيع عملية رقمنة الإدارة وتوسيع استخدامها في مختلف القطاعات، بهدف عصرنة التسيير ونجاعته بإضفاء عليه مرونة وأنسنة، على حد ما اصطلح عليه في علم الإدارة، لمد جسور اتصال وتواصل مع مواطن يطالب بالتكفل بهمومه والاقتراب منه وإشراكه في إدارة شؤونه واختيار المشاريع الجوارية دون وضعه على الهامش والنظر إليه كورقة انتخابية يُتَفَقد عند كل موسم اقتراع، ليترك بعده لشأنه.
يدرج هذا ضمن التغيير المنشود في الجمهورية الجديدة التي فتحت ورشات إصلاحات، بدءاً بتعديل الدستور والاتصال وغيره، لرفع تحديات الراهن في مسعى إصلاح شامل لفروع ومؤسسات البلاد التي تضع نفسها في خدمة المواطن وكسب ثقته. وهو مسعى مرهون بتطبيق استراتيجية وطنية تجيب على تساؤلات الحاضر والانطلاق في مسعى التقويم والنجاعة بمراجعة أساليب عمل وتسيير الهيئات الإدارية بمختلف تشعباتها وتخصصاتها وترقية دورها.
إنه مسعى يكسب رهانه من خلال الإدارة الإلكترونية التي تلعب دورها الريادي في الإصلاح الشامل للتنظيم الإقليمي وتسيير المرفق العمومي المحلي وتحديد صلاحيات الجماعات المحلية ومنحها مكانة تستحقها في التقسيم الإداري المعتمد في إطار سياسة التوازن الجهوي وتطبيق مبدإ التساوي في حق التنمية بين الأقاليم تجاوزا للخلل المطروح في أكثر من بقعة ومنها مناطق الظل. وهي مناطق تحظى بالأولوية في البرنامج الرئاسي وتوجه إليها عناية قصوى من أجل التكفل بصفة تسمح لها بالإقلاع والمشاركة في التنمية الوطنية عبر برامج خاصة بها يمنحها مداخيل وموارد هامة تمكنها من تعزيز دورها في الاقتصاد الوطني المقبل على تحولات جذرية تخفف الإتكالية على المحروقات.