هل هي انطلاقة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي «كناس»، نحو أكبر مرافقة للسلطات العمومية في رصد سياسات إنمائية في قطاعات حيوية يعوّل عليها في البناء الوطني، اعتمادا على اقتراحات حلول لتعقيدات الراهن والمستقبل دون الإبقاء على أسئلة مطروحة ومشاكل مؤجلة؟.
هذا ما يتضح من خلال تنصيب رضا تير رئيسا للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، وما رافقه من تأكيدات وتطمينات على وجوب إعطاء «كناس» دوره المستحق في تأدية مهام دستورية، ما أحوج الجمهورية الجديدة إليها، التي تنشُد التغيير الشامل والإصلاحات الجذرية في إقامة دولة المؤسسات، حيث صلاحيات واسعة تمنح للمجلس وأبواب مبادرة وشراكة تفتح أمامه دون القبول بدور هامشي.
بعد المجلس الوطني للاستثمار والصلاحيات المخولة له، جاء دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي افتقد في مرحلة معينة بعضا من حركيته، خاصة منذ رحيل رئيسه السابق محمد الصغير بابس، والدور الذي أداه في ترتيب البيت الداخلي وعقد الجلسات الماراطونية مع الفاعلين وتحفيزهم بجدوى المساهمة في النقاش العام حول أمهات القضايا الوطنية وأكثرها استعجالا واستفحالا.
رد الاعتبار للمجالس وإسناد الصلاحيات الدستورية التي تضطلع بها كان ضمن التزامات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، المؤكد دوما على العمل الجماعي والمقاربة التوافقية في تسيير الشأن العام وإدارة المؤسسات بتقاسم وظيفي وتكامل مهام لبلوغ الأهداف والغايات، ومن هذه المجالس «كناس».
تستند السلطات العمومية في إعادة الاعتبار إلى المجلس وإدماجه في سيرورة التحول ومسار التقويم، إلى تجربة لها وزنها وثراؤها في رصد التوجهات نحو إقامة منظومة اقتصادية متنوّعة، متحرّرة من التبعية المفرطة للمحروقات واقتراح البدائل، اعتمادا على ورشات عمل تضمّ كفاءات قدمت تقارير لها جدواها عن التنمية البشرية، اقتصاد المعرفة، أهداف التنمية البشرية. فكانت بحق مصدر معلومة موثوقة لمنظمات دولية ووكالات مختصة في إعداد أعمال عن الجزائر، بعدما كانت تستعمل من قبل مصادر غير مؤسسة روّجت لأرقام خاطئة وكّرست صورة مغشوشة عن إنجازات البلاد.
في كل عمل أنجزه «كناس» سابقا، كان هناك حرص على الترويج للمعلومة الدقيقة التي تضمنتها تقارير نصف سنوية معدّة بإحكام مع أرقام مسجلة حول الظرف الاقتصادي والاجتماعي، اعتمادا على مقترحات منبثقة عن نقاشات وحوارات معرفية بين الخبراء حول بدائل علاج الخلل وتجاوز الإخفاق.
على هذا المنوال، يرتقب من «كناس» تأدية مهامه الدستورية لاستكمال دولة المؤسسات، اعتمادا على مقاربة ثلاثية المنطلقات: التنمية البشرية، الإنتقال الطاقوي وإقتصاد المعرفة والرقمنة. وتمثل هذه المقاربة تحديات الجزائر الجديدة التي رسمتها خارطة طريق، شدّد عليها مجلس الوزراء وحدّد آليات تجسيدها وجنّد الموارد المالية والبشرية لها. و»كناس» له مكانته في هذا التحدي، بصفته فضاء للتشاور والحوار وقوّة اقتراح وشراكة، لها وزنها في معادلة التغيير.
قوة اقتراح وشراكة
بقلم: فنيدس بن بلة
09
مارس
2020
شوهد:859 مرة