حملت الاحتفالية بـ8 مارس حالة من التمايز، كاشفة عن دور المرأة الشريك في التغيير المنشود في بالجزائر التي تخطت أزمة سياسية اعتمادا على الذات لاستكمال البناء الوطني، حيث أظهرت خارطة طريق للمشروع الوطني الذي يستند إلى برنامج رئاسي غايته تجسيد 54 التزاما، تحتل فيه الجزائرية مكانة واعتبارا بصفتها أساس التوازن في معادلة النهوض بالوطن المفدى ومنطلق التقويم والتجدد. وهو منطلق يستند إلى نضالات وتضحيات النساء الجزائريات عبر التاريخ، أقسمن على البقاء في أولى الصفوف يتحدين الصعاب ويتخذن من الظروف الوعرة، محطة مسار في البناء والإنماء دون السقوط في اليأس والإحباط.
في مختلف محطات الاحتفالية باليوم العالمي للمرأة، والتكريمات التي تمت، كانت هناك وقفة عرفان وتقدير لجهود الجزائرية التي لم تتأخر يوما عن تلبية نداء الواجب الوطني وضرب أقوى الأمثلة في الوعي السياسي والشجاعة في خدمة الجزائر، وتقديم تضحية أخرى استدعتها المصلحة العليا للبلاد، وطالبت بها المرحلة ووضعتها التحولات والطوارئ في أولى الاستعجالات والأولوية.
شدد على هذه الرؤية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في الحفل التكريمي، أمس، مقدما مقاربة استباقية عن دور المرأة الجزائرية في الجمهورية الجديدة التي ساهمت ولا زالت في تعبيد الطريق إليها، بالانخراط في مسعى التحول، مراهنة على الخيار الدستوري في إقامة دولة المؤسسات التي تهيئ أرضيتها ورشات الإصلاحات الشاملة، بدءا بمراجعة وثيقة أسمى القوانين: الدستور، وتغيير القانون الانتخابي بما يسمح بممارسة ديمقراطية سليمة.
في ظل هذا التحول السلمي الذي تعيشه البلاد، تبرز مكانة المرأة الجزائرية وتُسند لها مهام في إصلاح شامل للدولة بكل فروعها ومؤسساتها، تسمح بعمل متناغم للمؤسسات وحماية الحقوق والحريات، منها حقوق النساء التي تقرر ضمانها بصفة شفافة ونزاهة بتنفيذ سياسة فعالة لترقية تمكين المرأة من تجاوز المحاصصة ومرافقتها في اعتلاء مناصب عليا وتحمل مسؤولية المشاركة في صناعة القرار.
ويزيد في تحقيق هذا المبتغى، الدستور التوافقي محل المراجعة، السياسة المنتهجة التي تعطي صورة حقيقة للمرأة الجزائرية، تبعدها عن الانسياق وراء المفهوم التقليدي الذي أبقاها في مرتبة هامشية غير منصفة لها. وهي سياسة أحدثت القطيعة مع ممارسات سابقة بمرافقة حواء في اقتحام مجالات متعددة سياسية واقتصادية، خاصة بعد نجاحها في إقامة مؤسسات منتجة توفر مناصب شغل لخريجي المعاهد والمدارس والجامعات وتساهم في تعزيز مداخيل البلاد، التي تسابق الزمان من أجل التحرر من عبء الاتكال على المحروقات، مثلما جدد التأكيد عليه، أمس، اجتماع مجلس الوزراء، مقدما رؤية استشرافية تشدد على التجند لرفع تحديات الحاضر والآتي وكسب رهان المستقبل.