في كل الحقب والمراحل التي قطعتها البلاد، احتلت المرأة الجزائرية مكانة مميزة وفرضت نفسها شريكا كاملا في التحول واستكمال إقامة الدولة الوطنية الحديثة دون القبول بدور ثانوي هامشي يخلّ بتوازن معادلة البناء الوطني والتطور.
من الكفاح التحرري إلى استعادة السيادة الوطنية والانطلاق في ورشات التعمير، ظلّت الجزائرية تسير على نفس الدرب، متخذة من تحديات الماضي والحاضر انطلاقة متجدّدة نحو المستقبل، وفيّة لرسالة الأسلاف في إقامة جزائر الشموخ، لا تستسلم للاضطرابات والمتاعب، ولا تفقدها الليالي الحالكات عزيمة الإنماء والبناء.
بهذه السمة، صنعت الجزائرية الاستثناء في التاريخ لحقب سلكتها وتطورات شاركت فيها بروح مسؤولة جديرة بالتوقف عندها في عيدها العالمي. بهذه العزيمة والمقاربة الاستباقية التي قدمتها وهي تتابع تعاقب الأحداث وتطوراتها في المشهد الوطني، تركت بصماتها وحكايات تضحيات جسام تتناقلها الأجيال وتحفظها عن ظهر قلب وترى فيها شهادات وفاء وعرفان للوطن المفدى، الذي تعدّ المحافظة عليه أمانة وفرض عين.
على هذا الدرب سارت الجزائرية ولا زالت متشبعة بقيم المواطنة والوطنية، متّخذة من نوفمبر العهد، مرجعية في مواكبة التحوّلات مساهمة في تعزيز الصرح الوطني وحماية الهوية وصيانة ثوابت لا تقبل المساس تحت أي ظرف أو طارئ.
من حقبة الاستقلال، مرورا بالعشرية السوداء إلى الأزمة السياسية التي خرجت منها البلاد منتصرة معتمدة على الخيار الدستوري حلا نحو الانفراج لاستكمال المشروع الوطني، كانت المرأة الجزائرية في أولى الصفوف تناضل لبقاء الجمهورية واقفة متحدية حملات عدائية مسعورة بالخارج اتخذت من منابر تلفزيونية عربية وأعجمية فضاء للتهجم على الوطن ومحاولة الزج به في مستنقع اللا استقرار بتبييض وجه الإرهاب مرددة العبارة «من يقتل من؟» ثم استبدالها بـ»من يتصالح مع من؟».
بنفس التحدي، رافعت المرأة لجزائر التغيير والإصلاح الجذري لإقامة الجمهورية الجديدة، مردّدة في مسيرات سلمية إلى جانب الرجل هتافات لاستكمال بناء دولة المؤسسات حيث تحتفظ فيها السلطات بكامل الصلاحيات ولا تتداخل في الوظائف، ولا مكانة فيها لشخصنة الحكم والانفراد بالقرار السياسي.
تتخذ الجزائرية نظرتها من مسار التقويم والتجدّد، وتسمع صوتها ورؤيتها في إدارة الشأن العام والحكامة الديمقراطية، استنادا إلى المكانة التي بلغتها بعد نضالات وتضحيات لا تتوقف في الزمكان وتتخذ من المكاسب المحققة أرضية انطلاق نحو المزيد، فقد اعتلت مناصب عليا في الهرم السياسي، أسندت لها مهام سامية في مؤسسات الجمهورية وأجهزتها وتشارك في صنع القرار، مدركة ان تحديات الراهن وتهديدات الظرف تفرض يقظة وتجندا وتضحية ثانية من أجل استقرار وطني تحقق بالدم والدمع.