لقاءات متعددة وندوات كثيرة تعقد هذه الأيام حول منظومة الإعلام، ترافع من أجل التغيير الشامل للقطاع الحساس، بما يسمح له بتأدية وظيفة مهنية باتت أكثر من ضرورة في الجزائر الجديدة، باعتبارها تدمج ضمن الالتزامات 54 حول استكمال دولة المؤسسات.
تعددت توجهات الأفكار وتباينت طروحاتها في تشريح وضع اتصالي ليس على ما يرام، لكن اتفقت حول جوهر واحد، آن الأوان لعلاج الخلل بمنهجية مقاربة تعتمد الحوار الواسع مع الفاعلين وأهل الاختصاص قاعدة، للتوصل إلى أرضية توافق تنطلق منها الممارسة السليمة في زمن عولمة الإعلام وقوته التأثيرية على تماسك الجبهة الداخلية والسلم الاجتماعي ووظائف المؤسسات.
من هذه الزاوية، يمكن قراءة أبعاد الورشات المفتوحة في قطاع الاتصال وفهم مقصدها وغايتها المتمثلة في مراجعة شاملة لمنظومة إعلام تحكمها تشريعات تجاوزها الزمن ولم تعد تسمح بأداء الوظيفة السليمة في مرافقة العمل السياسي وترجمة جهود السلطات نحو تلبية مطالب مشروعة وتطلعات تنتظر بشغف.
هذا المسعى مدرج في خارطة طريق بناء الجمهورية الجديدة، التي تعتمد التوافق الوطني منهاجا وسياسة، لتجسيد التغيير الجذري والإصلاحات الشاملة التي تعد مراجعة الدستور أول خطوتها، متبوعة بتغيير القانون الانتخابي وكذا الإعلام الذي شرع في تنظيم ورشات في إطار شراكة وحوار مع الفاعلين، بدءاً من الصحافة الإلكترونية واللقاء مع ممثلي نقابات الصحافيين.
خلال اللقاءين، تم التأكيد على اتخاذ تدابير عاجلة لتصحيح مسار التقويم والتجدد في قطاع الاتصال تساعده على التخلص من تبعات مرحلة سابقة مليئة بالتناقضات والفوضى، جراء حالة لاإستقرار عاشتها البلاد وتحولات سريعة اعتمدتها لم تستند على أسس سليمة وتعددية لم تحكمها قواعد ثابتة، أخلت بالمعادلة الإعلامية وأبقت على الأزمة قائمة معقدة بلا حل.
لهذا بات من الحتمي الإنطلاق في تسوية هذه الوضعية بمراجعة قانوني الإعلام لـ2012 والسمعي البصري لـ2014، وعلاج إشكالية فضائيات خاصة، خاضعة لتشريع أجنبي وتبث برامج بلادنا كما لو أنها خاضعة للقانون الجزائري.
وهي مسألة أثارها وزير الاتصال الناطق الرسمي عمار بلحيمر، أكثر من مرة، مؤكدا عدم التسامح مع هذا الأمر، الذي يتناقض مع مسار البناء الوطني والإرادة السياسية في تحقيق حرية الصحافة وضمان احترام قواعد الاحترافية وأخلاقيات المهنة، التي يعد الاتصال فيها أحد التزامات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
في هذا الإطار، جاءت النصوص التطبيقية لمختلف القوانين بغرض تطهير منظومة الاتصال وتقوية أدائها الاحترافي المبني على أخلاقيات مهنة ومصداقية، تجنب حدوث أي انحراف محتمل بعدم التهجم على الآخرين والمساس بحياتهم الخاصة باسم السبق الصحفي أو حرية التعبير وتجاهل المبدأ الثابت، إن الصحافة حرية ومسؤولية.