عصب الإصلاحات

بقلم: فنيدس بن بلة
14 فيفري 2020

حدّد مخطط عمل الحكومة الخيارات الممكنة في حشد الموارد المالية الضرورية لتمويل المشاريع والنفقات اعتمادا على مقاربة الإصلاح البنكي والجبائي، قاعدة ثابتة لاستقطاب كتلة مالية في السوق الموازية تقدر بالملايير. لم يستبعد المخطط خيارا آخر محل نقاش طويل يتعلق بتشجيع الصيرفة الإسلامية التي فرضت نفسها في السوق المصرفية. أكد على هذا الطرح الوزير الأول عبد العزيز جراد أمام النواب الذين وضعوا الأصبع على الجرح، عارضين بدورهم، مقاربة واقعية للإصلاحات الجذرية التي تمس قطاعات السياسة والاقتصاد بشكل أساسي غير مكتفين بطرح أسئلة وإثارة إشكاليات تبقي على الأزمة.
انصبّ اهتمامهم على البدائل الحتمية للخروج من وضع صعب وتراكم تعقيدات لم تنل حقها من العلاج، وهي الآن مدرجة ضمن أولويات مخطط عمل الحكومة الذي كشف عن مؤشرات حل عبر خارطة طريق تتضمن 54 التزاما، مراهنا على حشد الطاقات البشرية والكفاءات في هذا التحول نحو الجمهورية الجديدة.
بالنسبة لتمويل الإصلاحات الجذرية المعوّل عليها في تأسيس منظومة اقتصادية موسعة تمهيدا للإقلاع المنتظر، يرى نواب أن تجاوز هذه الإشكالية يكمن في استقطاب الكتلة المالية خارج البنوك والمصارف التي تتسبب في استنزاف طاقات البلاد وتآكل قيمة الدينار وتعمق فجوة التضخم.
يتذكر الجميع ممارسات أخلّت بسيولة المنظومة البنكية، اتهم فيها متعاملون اقتصاديون بادخار ثلث الكتلة النقدية المتداولة خارج البنوك، تراوحت بين 1500 و2000 مليار دج. هذه الوضعية غير الطبيعية المستمرة تفرض تدابير استعجالية لوقف النزيف، وأول الحلول يبدأ بعصرنة القطاع المصرفي وتحسين خدماته وإضفاء مزيد من الشفافية والمرونة عليه لاستقطاب أكبر حجم من الأموال.
وثاني إجراء، ضرورة تحلي البنوك بالواقعية والنجاعة في مرافقة مشاريع الاقتصاد وتمويل الاستثمار في الصناعات التحويلية الغذائية، المؤسسات الناشئة والاقتصاد الرقمي والذكاء الصناعي، الذي يعدّ أقوى تحد للمخطط الحكومي الذي حدّد خيارات الإقلاع، باعتماد نموذج اقتصادي قائم على التنويع الاقتصادي في إطار سياسة بديلة للمحروقات، غايتها تلبية الطلب الوطني المتزايد وتصدير فائض العلامة «صنع في الجزائر» إلى أسواق جوارية وقارية منها إفريقيا بعد دخول منطقة التبادل الحر حيز التنفيذ العام الجاري.
تستحضرنا هنا تجربة تسويق «منتوج بلادي»، التي عرفت الرواج، لما تتوفر عليه من مواصفات عالية الجودة وأسعار تفاضلية، حتى تجاوزت شهرتها الحدود إلى فضاءات بعيدة، خاصة بمنطقة غرب إفريقيا، عبر معبر مصطفى بن بولعيد الحدودي مع موريتانيا. وهي تجربة تندرج في سياق استبدال المنتوج المستورد بالمحلي لتوفير احتياطي الصرف، الذي عرف استنزافا لا يطاق، بفعل آفة تضخيم الفواتير والتلاعب بالتجارة الخارجية، تورط فيها أشخاص هم تحت طائلة القانون.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024