القوانين المستقرة، الشفافة والجذابة وحدها كفيلة بجلب الاستثمار المنتج، المعوّل عليه في الحركية الاقتصادية التي تراهن عليها البلاد، لضمان إيرادات تحتاجها الخزينة والمشاريع دون اتكالية مفرطة على المحروقات.
هذا الانشغال عكسه، أمس، الملتقى الدولي للمحامين حول «الحماية القانونية والقضائية للاستثمار»، مؤكدا على بدائل الاقلاع الاقتصادي، يكون فيه الاستثمار قاطرة التحول، اعتمادا على ديمومة منظومة تشريعية ملائمة، تعطي مؤشرا على سلامة مناخ الأعمال التي يوفر لها الجهاز القضائي ضمانة وحماية في حالة نزاع.
ليست المرة الأولى التي يرافع فيها المحامي والمتعامل معا لجدوى التفكير العاجل، في آليات تشريعية مستقرة تقنع رجال الأعمال الباحثين عن فرص استثمار وشراكة، بأن كل شيء على ما يرام، وأن المنظومة القانونية التي سنّت بإحكام، غايتها تهيئة الأجواء لتوظيف رساميل في أكثر من مجال وقطاع يعود بالفائدة على أصحابه. وأن أجهزة العدالة مجنّدة لتوفير الحماية اللازمة لكل متعامل نزيه، تحسّسه بأن له ضمانات بصفته شريكا في العملية الاستثمارية وطرفا فاعلا في مسعى التنوع الاقتصادي المرتقب.
هذه تحديات، اتّخذ البرنامج الرئاسي تدابير لرفعها، تطبيقا لالتزامات مراهنة على الكفاءات، مرتكزة على منظومة تشريعية مرنة ومستقرة، لا تتغير كل لحظة، مثيرة للتساؤل والريبة لدى المستثمرين ولا تجعلهم يتحفّزون بالقدر الكافي لإنجاز مشاريع وإقامة صفقات وفق دفتر شروط ملائمة.
من هنا تفهم الاشكالية، لماذا جاءت تعديلات في بنود قانون المحروقات، وتعديل المركز القانوني للقاعدة 51 / 49 بالنسبة لمشاريع غير استراتيجية، مانحة مرونة أكبر في إقامة شراكة متعددة لا تشترط مثل هذا القيد. بهذا التعديل سمحت الجزائر، بفتح أبواب استثمار واسع في قطاع المحروقات رافعة من العقود المبرمة مع الشركاء إلى المستوى الدولي.
تظهر التزامات الرئيس تبون الـ54، الأهمية الممنوحة لمراجعة المنظومة التشريعية وتكييفها مع متطلبات التحوّل الراهن وما يفرضه من إجراءات قانونية تشجع على إنشاء مؤسسات، ومرافقة المتعاملين الاقتصاديين في إنجاز مشاريع استثمار، تكون أرضية متينة لمنظومة اقتصادية إنتاجية، متنوعة ومتحرّرة من الريع البترولي.
من بين الالتزامات الواردة في البرنامج الرئاسي، الذي تضمنه بالتفصيل مخطط العمل الحكومي المصادق عليه في اجتماع مجلس الوزراء قبل عرضه على النواب، «تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر لتنويع وتكثيف الصادرات خارج المحروقات وإصلاح نظام تمويل الاستثمار والنظام المصرفي لتعميم استخدام وسائل الدفع الحديثة وإنشاء بنوك متخصصة»، وتعزّز هذا الجهد، منظومة تشريعية لا تقدم تحفيزات للمستثمر فقط، بل تمنحه حماية ومرافقة قضائية تؤمّن مصالحه وقت المنازعات، مهما كبرت وتعقّدت.