ضحايا أبرياء يسقطون يوميا وآخرون يبقون أسرى الإعاقة المزمنة والقائمة مفتوحة مثيرة السؤال المحير: ماذا بعد؟ ما العمل لوقف تراجيديا الموت والرعب الذي يسجل بلا توقف في مختلف جهات الوطن، حاملا تسمية «إرهاب الطرق».
في ظرف قصير اهتزت الجزائر على وقع حوادث مرور رهيبة، آخرها بالمشروحة خلف ضحايا وجرحى وسط حزن وآلام أهاليهم.
حدث هذا مباشرة بعد مأساة الوادي التي خلفت بدورها قتلى ومصابين لم يندمل جرحها بعد. في وقت تستمر فيه حملات التحسيس والتعبئة من الفاعلين، يطل علينا الخبراء والمختصون عبر المنابر المتعددة، صارخين في وجه السائقين المتهورين كفى تماديا في هذه الهمجية، إلى متى تجاهل ثقافة السلامة المرورية في تأدية هذه الوظيفة النبيلة. هي وظيفة ينبغي لصاحبها التحلي بمقاييس المواطنة والأخلاق والمسؤولية في تأمين حياة الناس والسهر على تجنب وقوع كوارث تعددت أسبابها وتقاطعت قصتها المؤلمة والتي من الصعوبة بمكان نسيان تفاصيلها المرعبة.
أمام هذه الصورة المؤلمة، هل مقبول غض الطّرف على ما يجري في طرقنا وعلى حال مركباتنا المهترئة التي تحولت الى ألغام متنقلة، تحصد الأرواح وتبيد حياة الناس بلا تفرقه، مثلما تكشفه الأرقام في الأيام السوداء.
مركبات حولها سواق متهورون إلى “صواريخ” منطلقة بسرعة مفرطة تعدت حدود المنطق، داست على قوانين وإشارات المرور بالطرق، ضربت عرض الحائط أبجديات تعليم مدارس السياقة والنتيجة المفزعة: حوادث سير مؤلمة ومآسي.
شهادات حية تدلى يوميا كلما وقع حادث مروري، تحدد الأسباب وتوجه التعليمات بوجوب الحيطة والحذر، لكن إرهاب الطرق يعود إلينا كل مرة بصوره المفزعة وانعكاساته الخطيرة، مركبات يفقد سائقوها في لحظة سهو أو تهور السيطرة عليها واضعة حدا لحياة آدميين في رمشة عين، مسببة إعاقات مستديمة لآخرين، رغم رحلة البحث عن علاج وإجراء عملية جراحية ميؤوس منها لاستعادة القدرة على السير.
كم من مواطن تبخر حلمه في إقامة مشروع العمر بسبب حادث سير؟. وكم من آخرين لم يسعفهم الحظ في استكمال مشاريع راهنوا عليها وبذلوا من أجلها تضحيات؟. وكم هم من خطفهم الموت في غفلة جراء حادث مرور عابر سببته ممهلات وضعت بلا مواصفات أو عطب تقني في مركبة لم يكلف صاحبها عناء إصلاحها في الوقت؟.
إنها مشكلة وتحد أمام جزائر قررت رفعه باتخاذ التدابير الكفيلة لوقف النزيف. مشكلة كانت أمس في صلب اجتماع الحكومة التي أعطت تعليمات للقطاعات المعنية بوجوب التحرك العاجل لضبط الأعمال التي من شأنها تعميم أمن الطرق للحد من الخسائر في الأرواح البشرية والجرحى الذين يبقون طيلة حياتهم حاملين عاهات وألاما لا تنسى.