حق غير قابل للتصرف

بقلم: فنيدس بن بلة
04 فيفري 2020

قدم أساتذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية من "منتدى الشعب"، مقاربة في علاج الأزمة الليبية، مبرزين الدور الريادي للجزائر التي احتضنت من قبل جولات حوار ليبي ليبي وهي مستعدة لاستكمال المهمة، تمهيدا لبلوغ التوافق الذي يعول عليه في التهدئة قبل المصالحة وبناء دولة المؤسسات.
أظهر الأساتذة من «منتدى الشعب»، الذي عرف نقاشا مستفيضا عن التحولات المتسارعة في العلاقات الدولية وعودة التصارع الجيواستراتيجي بين القوى الكبرى، من أجل التموقع في خارطة يعاد تشكيلها على أنقاض «يالطا» و«بوتسدام» و«سان فرانسيسكو». وهي خارطة يسعى أصحابها لفرض أمر واقع، خدمة لمصالح واستجابة لمتطلبات نفوذ على حساب دول ناشئة تطالب بـ«دمقرطة العلاقات» والأخذ في الاعتبار مستجدات الراهن وتحديات المستقبل.
في سياق النقاش العام، الذي تميز بتحليل معمق، فتحت «الشعب» المجال للخوض في تداعيات أكبر مناورة تستهدف أمن البلد الجار الشقيق واستقراره، تطبيقا لما اصطلح عليه بـ«الفوضى الخلاقة» وما تبعها من خطط التدخل في الشأن الليبي وتعميق الصراع بين الفرقاء عبر تنفيذ حرب بالوكالة لتغليب طرف على آخر. وهي مناورة طبقت بمكر في الجهة الشرقية من العالم العربي، حيث كانت العراق وسوريا بالخصوص مسرحا لها لسنوات، لكن مرارة الدرس لم يحفظ والعبرة لم تستوعب، مما يعيد طرح السؤال المحير: ما العمل؟ وكيف السبيل للتصدي لهذه المؤامرة التي تحيكها قوى الخارج باستغلال تناقضات الداخل للإبقاء على النظام العربي هشا والهوية مغيبة منزوعة من معادلة الانتماء والوجود.
في هذا الجو المشحون بالتوتر والتحركات الدبلوماسية من أجل إقناع الأطراف الليبية بالتضحية والتنازل عن المصالح الضيقة في سبيل الوفاق الوطني الذي يتوجب بلوغه بالحوار الموسع والجلوس أمام طاولة واحدة، برز دور الجزائر الريادي في مرافقة المسعى الأممي نحو الانفراج. وهو دور حظي بالتحليل المعمق من قبل المتدخلين في المنتدى الذين وإن تعددت أراؤهم وتشعبت الرؤى، تقاطعت حول الحل السياسي الآمن لليبيا أنهكتها حرب مدمرة، استهدفت عمقها الأمني وسيادتها ووحدتها الترابية واستقرارها.
الجزائر التي تحمل الخصوصية في التعامل مع الدول، وليس الأشخاص والميليشيات، تقدم مقاربة أخرى تراهن على الخيار السياسي، يتولاه الليبيون أنفسهم، مؤكدة أن هذا الحق في إدارة شؤونهم وتولّي مصيرهم غير القابل للتصرف.
أكدت الجزائر على هذا الطرح في كل جولات دبلوماسيتها، وأسمعته للوفود التي زارتها وجددته في ندوات، داعية إلى الكف عن حصر الأزمة في ثنائية المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية فائز السراج، لأن ليبيا يمثلها كل الليبيين. وهم وحدهم الأحق بتقرير مصيرهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19639

العدد 19639

الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
العدد 19638

العدد 19638

الإثنين 02 ديسمبر 2024
العدد 19637

العدد 19637

الأحد 01 ديسمبر 2024
العدد 19636

العدد 19636

السبت 30 نوفمبر 2024