حمل لقاء الوزير المنتدب للبيئة الصحراوية مع الجمعيات وممثلي المجتمع المدني مدلولا سياسيا وأبعادا لها أهميتها في مسعى التغيير المنشود لاستكمال بناء الدولة الوطنية، في زمن الثورة الصناعية الرابعة، التي تفرض تحديات تستدعي مواجهتها بأساليب مغايرة في التسيير والاستشراف.
هي أساليب تفرض حوارا موسّعا مع الفاعلين والمواطنين، باعتبارهم شركاء في التحول ومصدر قرار السياسات المحلية وخيارات بلوغ أهداف التنمية المستديمة، حيث يكون فيها الإنسان والبيئة الحلقة المفصلية في المعادلة الثابتة.
في زمن الاقتصاد الرقمي والمدن الذكية، لم يعد مقبولا مزيدا من التريث والانتظار وتأجيل نقاشات تخص مصير الأمة ونهضتها.
الحوار الذي اعتُمد منهجا في برنامج الرئيس تبون يصبّ في هذا الاتجاه، حيث أعطى تعليمات بضرورة التفتح على المحيط ومدّ جسور التواصل معه لإشراكه في كل كبيرة وصغيرة تخص مختلف أوجه الحياة العامة والشأن الوطني.
من خلال السياسة الاتصالية الجديدة، تبرز للعيان الأفكار النيرة والمبادرات الناجعة الجديرة بالإتباع دون السقوط في التهويل والمضاربة الكلامية وانتشار المعلومة المغلوطة ‘فايك نيوز»، مثلما هو متداول حاليا عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول «الغاز الصخري، الذي هو في طور الاستكشاف ولم يدخل مرحلة التنقيب بعد.
من خلال هذا المنهج أيضا، يذوب الجليد ويبدّد أي سوء فهم ويتم التخلص من أفكار مسبقة وكليشيهات غير مؤسسة مرسخة في الأذهان، وتشعر الأطراف، مهما تباعدت آراءهم، بأنهم فاعلون في معادلة التغيير الجذري وورشات الإصلاح المنتهجة لعلاج الاختلالات في منظومة الحكم، وظائف السلطات، الرقابة التشريعية، استقلالية القضاء وما إلى ذلك من مجالات تفرض اعتماد مواصفات الحكامة والرشادة منهاجا ضروريا لإدارة شؤون الرعية وتسيير دواليب الدولة.
إنها المقاربة الواقعية للسياسة الوطنية في انتهاجها للشفافية والصراحة، تكسب من خلالها، ثقة المواطن وتجعله مطّلعا على الملفات والبرامج والخيارات، خاصة ما تعلق منها بالمكانة التي تحتلها صحراؤنا في تهيئة الإقليم والتنمية الوطنية منذ اعتماد وزارة منتدبة، تتولى هذا الأمر، مراهنة على السكان، مرافقة إياهم في التكفل بانشغالاتهم وإيلائهم العناية التي هم أحق بها في مسار التقويم والتجدّد.
«تطلعات وآفاق البيئة الصحراوية»، موضوع النقاش مع ممثلي المجتمع المدني، هي انطلاقة سليمة من هذه الزاوية، لأنها تعطي إجابة عن انشغالات مطروحة وتحدّد بدائل التغيير، بعيدا عن الإبقاء على أسئلة مطروحة تزيد في تعقيدات الراهن وتؤجل الحلول.
اللقاء بهذا المفهوم، يجسّد عمليا مصطلح الديمقراطية التشاركية، التي تجعل المواطن طرفا فاعلا ومسؤولا في اختيار البرامج الإنمائية التي لا تتوقف على الجماعات المحلية وحدها.