تجاوبت الكفاءات الجزائرية المقيمة بالخارج مع توجّهات الجزائر الجديدة، مبدية إرادة صادقة للاندماج في مسار التقويم والتجدّد، المنطلق من أسس بديلة ومقاربة استشرافية تعالج اختلالات الماضي وتعزّز متطلبات الحاضر والمستقبل.
ظهر هذا في ندوة منتدى الكفاءات الجزائرية، أمس، حيث أبرز الحضور الحاجة الملحّة لإشراك النخبة في التغيير الجذري، الممر الحتمي إلى استكمال بناء الدولة الوطنية الحديثة، التي التزم بتجسيدها الرئيس تبون ومنحها الأولوية والاستعجال في برنامج عمل، يرافع لسياسة خارجية مبنية على دبلوماسية اقتصادية، مجنّدة لخدمة التنمية الوطنية والمستثمرين الوطنيين، بمن فيهم أبناء الجالية بالمهجر، الذين يستدعي الظرف الراهن، إشراكهم في مشروع التجديد الوطني.
طالبت الكفاءات الجزائرية التي أبقت دوما على علاقات الاتصال والتواصل مع الوطن الأم، المحمول في القلب والمرسخ في الذاكرة، رغم بعد الجغرافيا وحواجز الغربة وحرقة البعد عن الأهل والديار، بوضع آليات هيكلية وإدارية، تجعل من هذا الطموح أمرا ممكنا، ولا تترك المبادرة أسيرة جمود أو عدم انطلاقها بالوتيرة التي تفرضها المرحلة.
فالتحديات كبيرة وتطلعات البلاد نحو إقامة جمهورية جديدة تستجيب لمطالب مشروعة، تفرض وضع أرضية صلبة لبلوغ هذه الغاية.
تابعت الجالية باهتمام بالغ ما أنجز، وأدركت مغزى ما تقرر وما يجري تطبيقه في الإصلاحات العميقة، مبدية ارتياحها من إنشاء وزارة منتدبة للتكفل بها، وحماية حقوقها وحرياتها، وهي ترى نفسها الآن، مؤهلة لأن تكون لها كلمة وموقع في التحول للمشاركة في السياسة الاقتصادية الجديدة، المنفتحة على المحيط الدولي، لتحقيق التنوع الاقتصادي، الذي يعتبر خيارا لابد منه لتأمين مداخيل أكثر وتوفير مناصب شغل أوسع وثروة دائمة دون اتكالية على المحروقات.
إدماج الكفاءات الجزائرية بالمهجر، وفق هذه الرؤية، يفرض إقامة شبكة وطنية للمعلومات تساعد على معرفة نوعية هذه الموارد البشرية، تخصصاتها ومستواها المعرفي، بصفة تسمح بتحسين الاتصال معها وتعميم استخدام التكنولوجيات الحديثة للتواصل في التحول الرقمي وعولمة الاقتصاد الذكي.
الكفاءات الجزائرية أسمعت صوتها عاليا بالقول، إنها حريصة على مسعى الاندماج في بناء الجزائر الجديدة، مرافعة لأجل المرور إلى حلول تطبيقية في إقامة شراكة مع الفاعلين داخل الوطن، وإنجاز مشاريع تضع المواطن في قلب المعادلة، مؤكدة أن خبراتها وتجاربها، أحق وأولى أن تستفيد منها الجزائر في المرحلة الحساسة التي تمر بها، استجابة للنموذج الاقتصادي الذي وضع نصب الأعين لرفع تحدي النمو واقتصاد المعرفة. إنه اقتصاد يراهن من خلاله على مضاعفة عدد المؤسسات الناشئة وإبراز جيل جديد من المقاولين والمتعاملين، متجنّدين من أجل تشييد منظومة اقتصادية جزائرية لها مواصفاتها وعلامتها المسجلة المنتظرة بشغف «منتوج بلادي».