خلال الأنشطة المنظمة احتفالا بذكرى تأسيس المجالس الشعبية البلدية، برز إصرار على وجوب منح الجماعات المحلية صلاحيات واسعة، تساعدها على اتخاذ القرار المحلي الأنسب في إدارة شؤون الرعية والتكفل بانشغالاتها، بعيدا عن مؤشرات فوقية تفرضها مركزية الحكم. كما كان التأكيد الصريح على إشراك المواطن في التسيير، واختيار البرامج والمشاريع التي تجعل منه شريكا فعليا في المعادلة الديمقراطية، موقفه يُستند إليه وصوتُه يُسمع دون اعتباره مجرد وعاء انتخابي.
يجب التذكير بأن قانون البلدية لـ2017، حسم هذه المسألة، وحدّد الإطار المرجعي لنشاط المجلس الشعبي المحلي، ضبط صلاحياته وكيفية سيره وإشراك المواطن في خيارات التنمية المحلية، التي تأخذ في الاعتبار تهيئة الإقليم وتحسين ظروف معيشة ساكنيه، بل هناك قواعد أساسية، تفرض على المسيرين المحليين إطلاع المواطن باستمرار بمداولات المجلس والقرارات المتخذة، لكن القلة القليلة من رؤساء البلديات هذا الإجراء، الأمر الذي يعيد في كل مرة، الطلب الملحّ، توسيع صلاحيات الجماعات المحلية للتكفل أكثر بالساكنة من حيث توفير الشغل، الاستثمار وجلب إيرادات تحتاج إليها في تمويل المشاريع والنفقات العمومية دون الإتكالية المفرطة على ميزانية الدولة.
لا زال هناك حديث يُتداول عند أهل الاختصاص والمواطنين بأن الصلاحيات الموسّعة محلّ طلب واستعجال، يفرضها الظرف الحساس، لا سيما في جانب الاستثمار الذي يستدعي قوانين عاجلة إضافية للخروج من مركزية القرار المستمر بشكل أو بآخر. وهي حاجة ملحّة لبلدية ترى أنها في حاجة ماسّة إلى مرونة المبادرة بالاستثمار لتحريك عجلة الاقتصاد المحلي وما يحمله من مزايا توفير مناصب عمل للشباب حاملي المشاريع وخريجي المعاهد والجامعات.
من هذه الزاوية تبقى البلدية النواة الأولى للديمقراطية التشاركية وخلية أساسية للدولة، تمتلك استقلالية مالية تؤهلها لاتخاذ المبادرة للنهوض بالفعل التنموي على أحسن حال مراعاة للمداخيل والخصوصية الجغرافية الاقتصادية. لهذا تحتل البلدية مكانة مميزة في برنامج عمل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي يستند إلى مقاربة جديدة تصب في «إصلاح شامل للدولة بكل فروعها ومؤسساتها الجمهورية يسمح بتكريس دولة حديثة ذات نجاعة و شرعية بأدائها، و«استراتيجية» محركة للتنمية وضامنة للمصلحة العليا».
ضمن هذا التوجه، يؤكد ذات البرنامج الرئاسي على وجوب الاعتماد على كفاءات منتخبين محليين يعطون للمسؤولية حق قدرها من التكليف، ويضعون أنفسهم في خدمة المواطن، منتخبون يعيرون اهتماما للمرفق العمومي المحلي، يتحلّون بالنزاهة والشفافية في إدارة المال العام والمرافقة لبناء مجتمع مدني نشيط في نظام إقليمي وتقسيم إداري يسمح بالتوازن والاستقرار في الجزائر الجديدة.