مواقف متأصلة

بقلم: فنيدس بن بلة
27 نوفمبر 2019

هبة سياسية وشعبية أحدثها البرلمان الأوروبي الذي يحاول التدخل في شأن الجزائر السائرة بعزيمة نحوالخروج من الأزمة اعتمادا على الحل الدستوري مدخل الديمقراطية واستكمال بناء الدولة الوطنية الجديدة. أحزاب، جمعيات مترشحو الرئاسيات مسيرات شعبية كلهم اتفقوا على المبدأ الواحد الثابت رفض أي تدخل في الشؤون الداخلية.
عاد بنا هذا الموقف الجزائري المتأصل إلى ما ظل يردد في كل المراحل الصعبة التي عرفتها الجزائر والمحطات المصيرية التي اجتازتها بتحد جاعلة من هذا السلوك الحاقد الدفين قوة تلاحم وتضامن ورص الصف.
عبر عن هذا الطرح جهارا رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في مجلس الوزراء. وكشفت النقاب عنه المؤسسة العسكرية التي جزمت قيادتها العليا بأن جزائر الحرية والسيدة لن تقبل بأية إملاءات ومساومات.
عبر عن هذا الطرح أيضا المترشحون للرئاسيات وجعلوا منه أرضية توافق واتفاق وتلاحم جبهة داخلية محصنة ضد الاختراق . تقع عليها مسؤولية الانخراط في المسار المؤدي إلى انتخابات رئاسية شفافة تفضي إلى اختيار من يتولى مهام قيادة الجمهورية وفتح ورشات الإصلاح والتقويم.
السؤال المحير كيف للبرلمان الأوروبي أن يعتمد هذا الموقف ويقفز على مبدأ الشراكة الموقعة مع الجزائر ولا يحترم بنود الاتفاق ومضمونه؟ كيف له أن يتجاهل ما تحقق منذ 22 فيفري الماضي من مكاسب وإنجازات تمخضت عن مسيرات سلمية حضارية، مضرب المثل ومحل الاهتمام ولماذا يغض الطرف عن المسار السلمي الهادئ المؤدي إلى الاستحقاق الرئاسي الذي اتخذت بشأنه تدابير وضمانات للتصويت على الرئيس الشرعي المنتظر بشغف وفق ما يمليه الحل الدستوري مخرج الأزمة والانسداد.
لم ينظر البرلمان الأوروبي إلى الآليات القانونية والتجهيزات اللّوجستية والموارد البشرية المجندة في سبيل إنجاح الموعد الانتخابي الذي تفصلنا عنه أيام معدودات، لم يراع ما تقوم به الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة من جهود مضنية في تهيئة المناخ للاقتراع المصيري وحرصها الدؤوب على إجرائه في شفافية ونزاهة. قفز على كل هذا عن قصد وراح يكرر بخبث ودهاء مواقف لوبيات وتجار الأزمة الذين لم يتوقفوا لحظة خلال العشرية السوداء عن صب الزيت على النار وتمادوا عبر فضائيات ومنابر إعلامية في تبييض وجه الإرهاب بترديد عبارات مسمومة «من يقتل من؟» واستبدالها لاحقا بـ «من يتصالح مع من؟».
اختار هؤلاء هذا النهج لكنهم أخطأوا التقدير والحسابات متناسين أن مثل هذه المواقف وثقت عرى التلاحم بين الجزائرين وقوت إصرارهم على السير نحوالبناء الديمقراطي والبقاء دوما على أتم الاستعداد لمواجهة أي طارئ وتهديد. وموقفهم من البرلمان الأوروبي في هذا الظرف الحساس، المثال الحي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024