عاش في هدوء ورحل في هدوء يوم جمعة مقدّسة، قام بدوره مجاهدا على أكمل وجه وما آثار الرصاصات الـ18 إلا بصمات خلّدت وفاءه حتى النخاع لوطنه.
رمز التضحية ونكران الذات، بعيدا عن المستنقعات السياسية، عاش نظيفا ومات نظيفا.
مدرسة الوطنية وحبّ الجزائر إلاّ الجزائر، تشهد له بذلك المنظمات الجماهيرية التي كانت المؤطّر الأنجح في وقت قيادته لحزب جبهة التحرير الوطني، المعبئ الأمثل لمختلف فئات وشرائح المجتمع.
يقال، إن ما ألمه وترك جرحا عميقا في نفسه ذلك الطلب الغريب والاستفزازي لأحد المسؤولين السابقين في السلطة الخاص بتقديم شهادة الجنسية كضرورة لاستكمال ملف إداري للراحل.
أهكذا يفعل الزمان بالرعيل الأول لمجاهدي حرب التحرير المظفرة أو ما تفعله أيادي ترى دوما في الجزائر البقرة الحلوب. أمام هذه التصرفات وتلك، فضّل أكبر جريح في الثورة الاعتزال السياسي عن دراية وقناعة.
كان قائدا فذا لا يحمل حقدا في قرارة نفسه، أمنيته الوحيدة الازدهار والاستقرار لوطن عانى طويلا ويلات الاستعمار.
كان محمد الصالح، الصالح المخلص لوطنه ولشعبه لم يستغل مكانته ووظائفه ولو مرة لخدمة مصالح ضيقة بشهادة رفقاء دربه، أفراد عائلته، أصدقائه ومقربيه. لم يزعج طيلة حياته أحدا بأي كلام أو فعل.
مدينة بريكة التي عاش وترعرع فيها هو وكافة أفراد أسرته تكنّ له معزّة خاصة وقدرا عاليا، معتبرة إياه أحد رموز عزّتها ومرجعية للأجيال.
رحمك الله أيّها المجاهد الشهيد، تغمّد الله روحك الطاهرة وأسكنك فسيح جناته.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون