يمثل تعديل الدستور نقطة إلتقاء كافة الشركاء السياسيين والقانونيين ليس لتمرير تصوراتهم بقدر ما يتطلب الموقف بناء اجماع على تصور يعكس واقع وتطلعات المجموعة الوطنية آخذا في الإعتبار تراكم المسار التاريخي ورصيد التجربة السياسية بحيث يتركز الجهد المطلوب على تعزيز مكانة المبادىء والقيم السامية وتدعيمها باحكام جديدة بعيدا عن أي إنزلاق قد يمس بركائز الاستقرار ويعرض المفاهيم لخطر مغالطات محتملة ليس للشعب الجزائري فيها ناقة ولا جمل.
وفي هذا السياق يفترض أن لا تسقط الطبقة السياسية ممثلة في الأحزاب ومختلف التيارات في دوامة التسابق المحموم في تقديم تصورات جاهزة أو مستوردة، بينما للجزائر موروث سياسي تنظيمي يمتد إلى تلك النصوص والمواثيق الأساسية التي حملت البلاد وقادتها بالتدرج إلى الأمام ومواكبة مختلف الإصلاحات دون فقدان للتوازن أو الإرتماء في اللاوضوح.
وبالطبع لا يمكن لأي شريك سياسي الإنفراد بالنقاش وإنما الحكمة والمسؤولية الإلتزام بجملة من الضوابط التي تؤطر العملية وتصونها من أي إنحراف ومن ثمة التعاطي مع مسألة تعديل الدستور بروح من المسؤولية الوطنية التي تكرس الإستمرارية والتواصل في ظل الدفع بوتيرة الإصلاحات الهادفة.
وضمن مسار الإصلاحات الدستورية بهذا المفهوم الإيجابي لا جدال حول تكريس المباديء والقيم الجمهورية في إطار المباديء الاسلامية في ظل انهاء أي لبس بشأن الهوية العربية الأمازيغية بما يعزز أواصر المجموعة الوطنية الأمر الذي يضمن التفرغ وبقوة لقضايا التنمية.
وما يستدعيه الموقف التواصل إلى إعادة صياغة بناء المنظومة الدستورية بما يدقق ويعمق صلاحيات المؤسسات الرسمية والمنتخبة وفقا لقاعدة التوازن والتكامل وإعطاء ثقل أكبر للارادة الشعبية مع تفادي إنعكاسات سلبية لقاعدة الأغلبية وما تحمله من أخطار على النمط الديمقراطي، مع تعميق مبدأ التداول السلمي وتوسيع التمثيل التعددي مع المجالس المنتخبة وغيرها من الآليات التي تسمح لكافة التوجهات من التواجد في الحياة العامة.
مسؤولية وطنية
شوهد:1683 مرة