تسعى الجزائر جاهدة إلى انتهاج سياسة وقائية فعالة من اجل توفير السلامة المرورية فى طرقاتنا، نظرا لفائدة الدور الوقائي ونتائجه الايجابية للتقليل من حوادث المرور، وعليه تمّ إحداث هيئات تضطلع بهذا الدور منها المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق.
ولمعرفة المزيد عن هذه السياسة كان لـ ''الشعب'' حوارا مع المدير العام للمركز السيد الهاشمي بوطالبي، الذي تناول معنا العديد من قضايا القطاع الراهنة خاصة التي هي محل تساؤلات الرأي العام.
- الشعب: كانت لكم مشاركة في المعرض الذي تنظّمه وزارة النقل بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين سنة من استقلال الجزائر، ما الهدف من ذلك؟
@@ الهاشمي بوطالبي: المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق يشارك في المعرض الذي تنظّمه وزارة النقل، وذلك لإبراز الجهود الجبّارة التي تبذلها الدولة من أجل توفير السلامة المرورية لمستعملي الطريق، فالجزائر تعدّ من البلدان التي تولي اهتماما أكبرا لحماية مستعملي الطريق من إخطار استعمال المركبات منذ مطلع الاستقلال، حيث أنشأت لجنة وطنية للسلامة المرورية سنة ١٩٦٧ تضم كل القطاعات التي لها علاقة بهدا المجال، ولكن مع مرور الوقت تبيّن أنّ هذه الهيئة كانت على مستوى عالي وبعيدة نوعا ما عن الميدان، وهذا ما حال دون تحقيق كل الأهداف المتوخاة منها، لذلك فكّرت السلطات العمومية في إنشاء هيئة أخرى ألا وهي المركز الوطني للأمن عبر الطرق .
كلّفت هذه الهيئة بالتنسيق مع كل القطاعات المعنية بالسلامة المرورية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة، ألا وهي حماية مستعملي الطريق من أخطار حوادث المرور، كما كلّف المركز للاشراف على إجراء البحوث ودراسات علمية حول مختلف الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى حوادث المرور، وبناءً على نتائج هذه الدراسات يقدّم المركز اقتراحات للجهات المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة، كما يكلّف المركز بالتعاون مع القطاعات المعنية لتطوير التربية المرورية، وتحسين وتفعيل منظومة التكوين والتدريب على السياقة، بالاضافة إلى تنظيم وتنشيط عمليات توعية مستعملي الطريق.
وهدفنا الأساسي من المشاركة في المعرض هو إبراز الجهود المبذولة في هذا المجال مثل العمليات التوعوية المنظمة والدعائم التربوية المستعملة في ذلك، والإشارة إلى الدراسات والبحوث المنجزة، والتعديلات التي أدخلت على قانون المرور والتنظيمات المتعلقة بتطبيقه، كما قدّمنا إحصاءات لحوادث المرور وضحاياها وتطورها من سنة ١٩٧٠ إلى غاية هده السنة، وكذا تطور حظيرة المركبات وتزايدها خلال هذه الفترة. ويمكن أن أؤكّد لكم أنّ مشاركتنا كانت إيجابية، لاسيما في ما حقّقه الجناح المخصص للأطفال، والورشة المتاحة للرسوم المعبّرة عن السلوك السليم لتفادي أخطار الطريق، وكذا الدعائم التربوية التوعوية المسطّرة لذلك .
- بعيدا عن أجواء المعرض سيد بوطالبي، رغم أنّ مركزكم يقوم بحملات توعوية وتحسيسية للحد من حوادث المرور، لكن هذه الأخيرة في تزايد مستمر، أين يكمن الخلل؟
@@ بالرغم من السياسة الوطنية المعتمدة والجهود التي تبذلها كل الهيئات والمصالح المعنية للحد من حوادث المرور، إلاّ أنّ الظاهرة لازالت في تزايد مستمر، وهذا راجع إلى عدة أسباب منها الارتفاع الهائل لعدد المركبات في الحظيرة الوطنية، إلاّ أنّ هذا لا يبرّر ارتفاع عدد ضحايا حوادث المرور، وعليه يمكن تقسيم أسباب حوادث المرور إلى أسباب مباشرة وغير مباشرة.
الأسباب المباشرة تكمن بالدرجة الأولى في عدم احترام قواعد السلامة المرورية بصفة عامة وقانون المرور بصفة خاصة من طرف مستعملي الطريق، لاسيما السواق منهم الذين يتعمدون السياقة بطريقة عشوائية من خلال الإفراط في السرعة والتجاوزات الخطيرة التي تؤدي إلى حصد أرواح آلاف الضحايا. أما بالنسبة للأسباب غير مباشرة فهي تتعلق بالاختلال الموجود بين حجم حظيرة المركبات والمنشات القاعدية، حيث أنّ عدد المركبات زاد بنسبة أعلى من توسيع وتهيئة المنشات القاعدية اللازمة لاستعمالها، وهذا ما يؤدي إلى الاكتظاظ الذي يزيد حتما من عوامل الخطورة في الطريق.
٨٠٪ من الحوادث يتحمّل مسؤوليتها السائق
- هذا يعني سيدي الكريم أنّكم تعتبرون أنّ السائق هو المسؤول الوحيد على حوادث المرور، في حين أنّ هناك معطيات أخرى.
@@ لقد أثبتت التحقيقات الميدانية في أسباب وقوع حوادث المرور، أنّ ٨٠ بالمئة منها يتحمل السائق وحده مسؤولية وقوعها، لأنّه هو المسؤول عن صيانة مركبته وملزم بتفحصها للتأكد من أنّها في حالة جيدة، كما أنّه ملزم بضبط سرعة مركبته حسب حالة الجو وحالة الطريق إن كانت وضعيتها جيدة أو بها عيوب، مبللة أو بها حفر، فالسائق هو الطرف العاقل الذي يمكنه أن يتفادى العيوب والنقائص التي يمكن أن توجد في المركبة أو في الطريق.
- كيف تقيّم مدراس السياقة في الوقت الحالي سيما بعد أن وجّهت إليها انتقادات كبيرة؟
@@ أشرت من قبل إلى أهمية منظومة التكوين والتدريب على السياقة فيي توفير السلامة المرورية، وهذا ما حدا بالمركز إلى إبرام اتفاقية مع جامعة الجزائر معهد الوقاية والارغونوميا ببوزريعة، حيث قام بدراسة علمية حول منظومة التكوين والتدريب على السياقة، فأبرزت العيوب والنقائص الموجودة فيها، أسفرت عن نتائج قدّمت إلى الوزارة المعنية، والتي بدورها شرعت منذ أكثر من سنة في تطوير هذه المنظومة بدءا بتحسين برامج التعليم ومدة التكوين وأساليبه، بالاضافة إلى تطوير وعصرنة مدارس السياقة من حيث التجهيزات والطرق البيداغوجية الواجب العمل بمقتضاها، وكذا مراجعة مستوى ومؤهلات المسيّرين والمكوّنين، ومراجعة طرق الامتحانات عن طريق إدخال وسائل علمية مثل المنظومة المعلوماتية لضمان الموضوعية، وتفادي ما أمكن من اقتراف الأخطاء البشرية.
- وفيما يخص سحب رخصة السياقة بالتنقيط، ما هي آخر المستجدات بخصوص هذا الاجراء؟
@@ رخصة السياقة بالنقاط هي طريقة بيداغوجية معتمدة من قبل الكثير من الدول المتطورة، وذلك بغية حث السائقين على التحلي بروح المسؤولية لحماية أنفسهم وحماية غيرهم ممّن يقاسمونهم استعمال الطريق، من خلال جعل السائق يشعر بالعواقب الوخيمة المنجرة عن أى تهاون أو استهتار بالقانون، عن طريق سحب نقاط من رصيده كلّما ارتكب خطأ، هذه الطريقة ستدخل حيز التنفيذ بداية نوفمبر القادم أي بعد مرور سنة كاملة من صدور المرسوم الذي ينص على اعتماد الرخصة بالنقاط، ومن شأن هذا التطبيق أن يعزّز إجراءات وتدابير السلامة المرورية فى بلادنا.
وتجدر الإشارة، إلى أنّ الرخصة بالنقاط عندنا تتضمن ٢٤ نقطة، ولكنها لا تنص على سحب الرخصة ولا تعليقها، لأنّ ذلك منصوص عليه في القانون الصادر سنة ٢٠٠٩.
- هل الفحص التقني للسيارات كاف للحد من حوادث السير؟ وما هي الاجراءات التي تعتمدها الجزائر في منح رخص فتح مراكز الفحص؟
@@ بالطبع، الفحص التقني للسيارات يندرج ضمن إجراءات السلامة المرورية، وهو عملية دورية للتأكد من حالة السيارة هل هي صالحة للاستعمال في الطرقات أم غير صالحة، والجزائر كبقية الدول قد أنشات مؤسسة خاصة بذلك وهي المؤسسة الوطنية للفحص التقني للمركبات، فهي التي تشرف على العملية، ولمعرفة المزيد عليكم الاتصال بالمؤسسة.
التعاون والتنسيق مع كل الشركاء
- ما هي المساهمة العملية للمركز بخصوص السلامة المرورية؟ وكيف بإمكانه كسب الرهان؟
@@ أكيد أنّ المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرقات بالتعاون مع كل القطاعات المعنية حقّق نتائج ملموسة ــ وإن كانت غير كافية ــ وذلك بالعمليات التوعوية العديدة المنظمة والاقتراحات المقدمة للجهات المعنية سواء فيما يتعلق بتحسين المحيط وتوفير شروط السلامة المرورية فيه، أو فيما يتعلق بتطوير منظومة التكوين والتدريب على السياقة، أو تعديل القوانين وكذا خلق جو من التعاون والتنسيق بين كل الشركاء.
ويمكن الإشارة إلى النتائج الايجابية المحقّقة خاصة خلال سنة ٢٠٠٥ وسنة ٢٠١٠، حيث شهدتا انخفاضا معتبرا في عدد الضحايا، مثلا خلال ٢٠١٠ انخفض عدد القتلى بزهاء ١٠٠٠ قتيل مقارنة بما سجّل سنة ٢٠٠٩.
ولازالت الجهود مبذولة من قبل كل المعنيين من أجل تحقيق نتائج أفضل، وذلك بتكثيف العمليات التوعوية وتحسين شروط السلامة المرورية عبر الطرق، والسهر على فرض احترام قانون المرور من قبل مستعملي الطريق في إطار التعاون وتضافر الجهود بين كل الجهات المعنية.
- في الأخير سيد بوطالبي، نودّ أن تطلعنا على آخر إحصائيات المركز لحوادث المرور.
@@ خلّفت حوادث المرور ٢٥١٥ قتيل و٣٩٤١٨ جريح خلال الأشهر السبع الأول، بمعدل ١٢ قتيل و١٨٥ جريح في اليوم. وحسب آخر حصيلة للمركز، فقد ارتفع عدد حوادث المرور المميتة بـ ٧٨ ، ٢ بالمائة خلال نفس الفترة، في حين ارتفع عدد حوادث المرور الجسدية بـ ٦٦ ، ٣ بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة٢٠١١، حيث تمّ تسجيل ٢٤٤٧ وفاة و٣٨٠٢٧ جريح.
ويعدّ الإفراط في السرعة أهم سبب في حوادث المرور بـ ٩٧ ، ٢٢ بالمائة متبوعا بالتجاوزات الخطيرة بـ ٨٣ ، ٨، وفقدان التحكم في السيارة بـ ١١ ، ٦ بالمائة، وعدم احترام المسافة الأمنية بـ ٧٠ ، ٥ بالمائة.