العواصم الغربية تستخدم الارهاب لتنفيذ اجندات ضيقة
قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، د.مصباح مناس لـ»الشعب»، أن تعامل أوروبا مع الظاهرة الإرهابية من منطلق «أجندة المصالح الحيوية»، جعلها عاجزة عن وضع استراتيجية أمنية ناجعة للتصدي للتهديدات الأمنية، واعتبر أن الحلول التي تطرحها لمواجهة الإرهاب ليست مبنية على مقاربة شاملة.
لازالت عواصم البلدان الأوروبية، تستهدف من حين لآخر من قبل الإرهابيين الذين يطلق عليهم وصف «الذئاب المنفردة»، ولم تفلح التدابير الأمنية المشددة والمنسقة بين دول الاتحاد الأوروبي في التصدي استباقيا للإرهابيين ومخططاتهم.
ويعلق أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، د.مصباح مناس، على الهجمات الأخيرة التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، وثاني أكبر مدن اسبانيا برشلونة، بأنها « الإمعان في جوهر المقاربة الأوروبية لمحاربة التطرف والإرهاب».
وأوضح مناس، أنه «من الناحية الأمنية، لا توجد دولة في العالم مهما كانت قوتها وتجربتها وإمكاناتها التقنية، تستطيع أن تتفادى الاختراقات بنسبة 100 بالمائة»، مفيدا بأن الدول الأوروبية ليست استثناء في خارطة نشاط الجماعات الإرهابية وليست غير قابلة للاختراق.
واعتبر المتحدث، أن الخلل يكمن في المقاربة الأوروبية ككل، « إذ أنها لا تأخذ بعين الاعتبار عوامل كثيرة، على غرار التنسيق الأمني الجاد مع الدول المتهمة بأنها مصدر أو منطلق للجماعات الإرهابية».
وتابع «الإرهاب ظاهرة كونية تهدد الجميع، ولها عوامل ومسببات معروفة من تجارب البلدان الرائدة في مجال الحرب عليها مثل الجزائر»، وأضاف « الفقر مثلا هو أم الآفات وعلى رأسها الإرهاب ويجب أن يحظى باهتمام بالغ».
واستطرد قائلا « لكن أوروبا كرست الاختلالات القائمة حاليا في النظام الاقتصادي العالمي، وتعمل على رفاهية المجتمعات الغربية المتطورة على مجتمعات آخرين ولم تساعد دول إفريقيا ودول أخرى تعاني اقتصادي للخروج من الأزمات التي تعاني منها».
وانتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تعامل البلدان الأوروبية، مع الأزمات الأمنية في سوريا والعراق، وتنقل الأشخاص عبر الحدود منها وإليها، إلى جانب عدم اتفاقها على صياغة تعريف واحد للظاهرة الإرهابية بتواطؤ مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وتشير تقارير إلى أن أعداد عناصر الجماعات الإرهابية المنحدرين من دول أروبية (فرنسا على وجه الخصوص) تقدر بالآلاف وتواجه تحدي خطير يتمثل في عودة هؤلاء، وسبق لوزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب أن تحدث في الأيام القليلة الماضية عن عودة 257 إرهابيا إلى بلاده من سوريا.
وقال الاستاذ مصباح مناس، أن الانتقال السهل للعناصر الإرهابية بين أوروبا والمناطق الساخنة في الشرق الأوسط، يبين « أن تعامل أوروبا مع الظاهرة الإرهابية يخضع لازدواجية المعايير وليس للموضوعية».
وأوضح، في وقت ما كانت تنظر بعض البلدان الأوروبية، إلى بشار الأسد أنه ديكتاتور ينبغي اسقاطه مهما كلف الأمر، وبالتالي فهي توظف ورقة «الإرهاب»، في تحقيق مصالح معينة، وتتغير نظرتها للظاهرة بتغير أجنداتها الخاصة.
ورأى أنه لو اتفقت القوى الدولية على مفهوم موحد للإرهاب، لما استطاعت المناورة واستخدامها كورقة لتنفيذ حسابات وأجندات سياسية واقتصادية معينة.
وأفاد في الوقت ذاته، أنه ينظر بنوع من الريبة، لتزايد الهجمات في العواصم الأوروبية «بسبب إمكانية استغلالها للتدخل في دول معينة متهمة بأنها مصدر للإرهاب، ولن يكون التدخل لمحاربتها ولكن كذريعة لتنفيذ أجندة ترتبط بمصالح حيوية على حساب استقرار وأمن الشعوب الأخرى».