تطرّقت الباحثة والأكاديمية إسلام بن عمر مع جريدة ''الشعب'' إلى أول بحث علمي متعلق بالحالة المالية للصحفي بالجزائر، في مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر بعنوان: ''شبكة أجور الصحفيين ودور النقابة في حماية حقوقهم''، حيث استطاعت من خلالها أن توضح واقع الصحفي الذي ظل غائبا ومهمّشا، وطرحت قضية يعاني منها الكثير من الصحفيين والمتعلقة باستغلال حقوقهم.
- الشعب: أول دراسة تتطرّق للوضعية المالية للصحفي وواقع العمل النقابي، حدّثينا عن محتوى البحث ورسالة التخرج التي تمّ مناقشتها بالمدرسة العليا للصحافة تحت عنوان: ''شبكة أجور الصحفيين ودور النقابات في حماية حقوقهم المادية''.
@@ الباحثة إسلام بن عمر: يحتوي البحث الذي كان يعدّ أول رسالة تخرّج بالمدرسة العليا للصحافة وفي أول دفعة على ثلاث فصول، الفصل الأول يدرس الصحافي المحترف، حقوقه المادية في نصوص القوانين التشريعية، أما الثاني فيدرس العمل النقابي ودوره في حماية الحقوق المادية للصحفي، قُسّم إلى مرحلتين، خلال الأحادية الحزبية وخلال التعددية الحزبية، أما الفصل الأخير وهو لبّ الدراسة فكان تحت عنوان دراسة شبكة الأجور الخاصة بالصحفيين في القطاعين العام والخاص والفرق بينهما.
- هل تجدين أنّ مذكرة التخرج حول شبكة أجور الصحفيين ودور النقابات في حماية حقوقهم المادية، تخدم الصحفي وتعيد له كرامته؟
@@ لست مخوّلة للحكم ولكنّني تناولتها من جانب أنّه من غير المعقول أن يبقى أجر الصحفي من الطابوهات التي لا يجب مناقشتها رغم الجهد الكبير الذي يقدّمه في خدمة الرأي العام، فالمذكرة قد تخدم الصحفي وذلك بالكشف على أرقام وأجور الصحفيين بالمؤسسات الإعلامية من تلفزيون، إذاعة ووكالة أنباء بالإضافة إلى قطاع الصحافة المكتوبة سواء كانت العمومية أو الخاصة ودراسة الفرق بينهما.
- ما هو الدافع لدراسة الجانب الاجتماعي للصحفي؟
@@ اختياري لهذا الموضوع لم يكن عشوائيا، فمن خلال احتكاكي بالصحفيين وملاحظتي لتخبّطهم في موضوع الأجور الذي يعدّ العامل الحساس والمهم لديهم، وهو المرآة العاكسة لوضعيتهم الاجتماعية بالاضافة إلى آنية الموضوع، حيث يجري العمل على تطبيق شبكة
خاصة بأجور الصحفيين الجزائريين بالقطاع العمومي ولم يسبق لأحد أن تطرق لها بالدراسة، حينها قرّرت دراسة هذا الموضوع الذي يبقى من طابوهات الصحافة في الجزائر.
أما الدوافع من اختيار هذه الدراسة هي تسليط الضوء على الوضع المادي للصحفي الجزائري، وتحديد العلاقة بين الصحفيين الجزائريين والنقابات الجزائرية، ودور هذه الأخيرة في الدفاع عن حقوقهم ومعرفة مكانتها في أوساط الصحفيين وفي الحقل الاعلامي.
- ما هي أهم النتائج التي خلص إليها البحث؟
@@ خلصت الدراسة إلى عدة نتائج، كان أهمها التباين في الأجور التي يتحصل عليها الصحفيين، حيث يتقاضى صحفيو القطاع العمومي أجورا أحسن من صحفيي القطاع الخاص، خاصة بعد المصادقة على شبكة الأجور الجديدة. وصحفيو الصحف الصادرة بالفرنسية يتقاضون أيضا أجورا أحسن من صحفيي الصحف الصادرة بالعربية، بالإضافة إلى أنّ القطاع العمومي يعتمد على هيكل أجور معين في تسديد أجور صحفييه موضح في الاتفاقيات الجماعية الخاصة بكل مؤسسة على عكس صحفيي القطاع الخاص الذي لا يعتمد على هيكل ومخطط واضح لتسديد هذه الأجور، أي أنّ هناك خللا وغموضا في تصنيف أجور الصحفيين، فعدم الاهتمام بترتيب الصحفيين وجميع مكونات الأجر يعقّد عمل الصحفيين عند هذا القطاع. كما يعتبر عدم تقاضي الأجر بانتظام وانخفاض قيمته له علاقة بالوضعية المالية السيئة للمؤسسات الإعلامية الخاصة، التي تستغل خريجي معاهد الاعلام الذين يمثلون الشريحة الكبيرة من الصحفيين، وهو ما يؤثر على أدانهم المهني ووضعيتهم واستقرارهم في المؤسسة.
فلا يجوز ربط الحق المادي للصحفي جراء عمله بالوضعية المالية للمؤسسة التي تتحكم فيها عوامل أخرى لا يتدخل فيها الصحفي كالاشهار، التوزيع، الطباعة، الضرائب...
وبالتالي فإنّ عدم اهتمام المؤسسات الاعلامية وخاصة قطاع الصحافة المكتوبة في الجزائر بدفع الأجور والتعويضات للصحفي يزيد من إثقال كاهله وتعقيد وضعيته الاجتماعية وتنقص من فعاليته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ عدم الاهتمام يبيّن عدم وجود مقاييس واضحة لدفع هاته الأجور والتعويضات، وذلك لا يتأتّى إلاّ بوضع اتفاقيات جماعية تجعل المطالبة بالأجر وبالتعويضات أمرا مشروعا للصحفي.
أما عن دور النقابات الصحفية الموجودة بالجزائر في حماية الحقوق المادية للصحفي، فالصحفي إلى حد الآن لم يتوصّل إلى تشكيل إطار قوي يحمي المهنة والعاملين في هذا الحقل، لأنّ الصراعات الداخلية والمصالح الضيّقة مسّت بجوهر العمل النضالي الذي تبنى عليه أي نقابة للصحفيين.
فالنقابات عموما لا تظهر إلاّ في المناسبات كون أنّ عناصرها ليسوا متفرّغين للعمل النقابي وهمّهم النشاط والتدخل، ويوضّحون لدى الهيئات للدفاع عن أصحاب المهنة ويكون لهم حضورا إعلاميا عبر وسائل الاعلام.
- ما هي المواقف التي صادفتكم خلال بحثكم، وعلى ماذا استندتم لتدعيم دراستكم؟
@@ ككل بحث علمي هناك مواقف كثيرة صادفتني أثناء القيام بهذا البحث، لكن أهم موقف يبقى هو الحالة الصعبة التي يعيشها قطاع الصحافة والصحفيين بالجزائر، واعتمدت في تدعيم هذه الدراسة على الاتفاقيات الجماعية الخاصة بمؤسسات القطاع العمومي وبعض الوثائق الخاصة بالقطاع الخاص، ووثائق كشف الراتب لبعض الصحافيين والمراسلين الصحفيين.
وما زاد من إثراء هذه الدراسة هي المقابلات التي اعتمدت عليها بشكل كبير، زادت عن عشرين مقابلة مع الصحافيين والنقابيين وأصحاب الاختصاص.
- بعد الانتهاء من مذكرة التخرج لنيل شهادة الماستر، ما هو مشروعكم القادم؟
@@ بعد الانتهاء من شهادة الماستر إن شاء اللّه يكون المشروع القادم شهادة الدكتوراه، ومواصلة البحث العلمي في مجال وضعية الصحفي وحقوقه في الجزائر.
- كلمة أخيرة؟
@@ الحمد للّه أولا وآخرا على إنجازي لهذه الدراسة ولهذا الموضوع الذي يعدّ صعبا نوعا ما نظرا لقلة المراجع التي تخدم الدراسة ولسرية رقام الأجور المتعلقة بالصحفيين. كما أتقدّم بالشكر الجزيل للأستاذ المشرف البروفيسور براهيم براهيمي، ولكل من ساعدني على إنجاز هذه المذكرة من أساتذة، صحافيين، أصدقاء وزملاء.
- في كلمة أخيرة ماذا تقول إسلام لقراء جريدة ''الشعب''؟
@@ أتقدّم بالشكر إلى طاقم جريدة ''الشعب'' الذي أتاح لي فرصة الاطلال على جمهورها الكريم، وأتمنى أن أواصل في التنقيب على كل ما يشغل بال المهنة والقطاع الصحفي بصفة خاصة.