يتحدّث وزير الصيد البحري والموارد الصيدية سيد أحمد فروخي، في هذا الحوار الذي خصّ به “الشعب”، على هامش رحلة بحرية عاين خلالها مشاريع تربية المائيات بالعاصمة وبومرداس، عن أهداف مشروع قانون الصيد الجديد، الذي ترمي أحكامه على وجه الخصوص إلى تعزيز النشاطات في مجال تربية المائيات ومصائد الأسماك، كما يهدف إلى تحسين عملية تأطير نشاطات الصيد البحري من خلال إعادة تخطيط وتهيئة مناطق نشاطات تربية المائيات ومصائد الأسماك والقيام بخطوات في مجال تحديد المواقع الجغرافية لسفن الصيد، وتشديد العقوبات ضد كل الممارسات غير القانونية أو المضرّة بالقدرات التي تتوفّر عليها مصائد الأسماك.
ولأنّ مشروع القانون الجديد، ينص في أحدى مواده على إعادة بعث نشاطات الصيد في الشعب المرجانية، فقد أكّد الوزير أنّ أولوية الاستغلال ستمنح للجزائريين، في الصيد وتحويل المادة الخام، وحتى يمنع استنزاف هذه الثروة سيتم فتح منطقة الاستغلال لمدة 5 سنوات على أن تغلق لمدة 20 سنة بهدف تجديد هذه الثروة، كاشفا عن الشّروع في التّكوين المهني للغطّاسين على مستوى 3 مدارس خلال الأسابيع القليلة القادمة.
❊ الشعب: صادق مجلس الوزراء المنعقد في شهر أوت على مشروع قانون الصيد الجديد، ما هي الأهداف والمحاور الكبرى التي يتضمّنها؟
❊❊ الوزير سيد أحمد فروخي: مشروع قانون الصيد الجديد يعدل و يتمم القانون رقم 01-11 المؤرخ في 3 جويلية 2001 والمتعلق بالصيد البحري وتربية المائيات، ويثمّن ويتجاوب مع العديد من الإنجازات تمّ تحقيقها في الميدان ويجب تعزيزها مثل الصيد التقليدي، تهيئة مناطق الصيد. وهذه الأشياء لم تكن موجودة بصفة دقيقة في القانون القديم، لهذا أدرج مشروع قانون الصيد الجديد خصيصا الآليات الجديدة المتمثلة في مخطط تهيئة المصائد وتسييرها، الفعل التشاركي لمهني الصيد البحري وتربية المائيات ضمن مسار إعداد ووضع السياسات القطاعية، وضع أنظمة المراقبة عن بعد لسفن الصيد البحري من خلال نظام التموقع الجغرافي الآلي، تهيئة مناطق نشاطات تربية وتسييرها، وإعادة الاعتبار للصيد الحرفي وترقيته. وقد لاحظنا في السّنتين الماضيتين مع المهنيين بعض النقائص عملنا على استدراكها في هذا النص القانوني، بغرض تطوير قدرات الصيد البحري وتربية المائيات من جهة، ومن جهة أخرى لاحظنا على المستوى الدولي بروز آليات قانونية جديدة لها علاقة خصوصا بمدونة السلوك الرشيد من أجل صيد مسؤول، وإنشاء مناطق متخصّصة لتربية المائيات، وكذا الحفاظ على كل معايير البيئة والثروة السمكية، وكذا تلك التي تضمن إعادة الاعتبار للصيد الحرفي في سياق الأمن الغذائي.كما يوجد بعض المصايد الخاصة وضعنا لها الإطار القانوني الذي يتلاءم مع التجربة التي قمنا بها، مثل صيد المرجان.
يمكن القول أنّ مراجعة قانون الصيد، تسمح لنا بإعادة تنظيم المهنة لأنّه توجد مهن متشعبة في القطاع، كما يمهّد لنا الطريق لإعداد البرنامج الخماسي 2015-2020، بشكل يسمح لنا بتجسيده في الميدان، من منطق صيد مسؤول، تشارك فيه جميع الفعاليات لتقوية الأنظمة الإنتاجية في الجزائر.
❊ يتضمّن مشروع قانون الصيد عدة أحكام ترمي على وجه الخصوص إلى تعزيز النشاطات في مجال تربية المائيات، فهل ستكون الأولوية لتشجيع استزراع الأسماك في المياه العذبة بالمناطق الداخلية والهضاب العليا، أو في الأقفاص العائمة على مستوى البحر، خاصة وأنّ مصالحكم رفعت رهان فتح مناصب شغل في المناطق التي لا تتوفر على موارد اقتصادية؟
سنقوم بالاثنين، حيث نعمل على تطوير تربية المائيات في البحر خاصة وأنها أعطت
نتائج إيجابية في التجربة الماضية، فضلا على أن الاستثمار فيها يكون أكثر مرونة وسهلا في الأقفاص العائمة، كما أنّ المنتوج البحري مفضل لدى المستهلك، في حين تحتاج منتوجات المياه العذبة بعض الوقت لتأخذ حصتها من الإستهلاك، لكن لا ننسى في نفس الوقت أنه في بعض المناطق الداخلية توجد إمكانيات لتطوير إنتاج السمك في المياه العذبة، ممّا يسمح بخلق مناصب شغل، ومورد جديد في هذه المناطق للاستهلاك، وهو ما يجعلنا نستمر في تشجيع الاستثمار الخاص في تربية المائيات بهذه المناطق.
❊ أكبر مشكل يعاني منه المستثمرون في مجال تربية المائيات سواء في المياه العذبة أو في البحر هو نقص المدخلات، وهو ما أثّر على تطوير هذا النّوع من الاستثمارات، كيف ستعالجون هذا المشكل ؟
❊❊ ربما هذا الظّاهر ولكن في الباطن فيه نقص في التحكم في المناطق المتخصّصة، واليوم يمكن توفير الإمكانيات لتطوير هذه النّشاطات في هذه المناطق، وفي أماكن محدّدة على طول السّاحل، والعلاقة في القانون أصبحت واضحة، وتعطي الرّؤية اللاّزمة للمستثمرين، أما المدخلات فأعتقد أنّه مشكل ثانوي لا يشكّل عائقا.
❊ ولكن المدخلات يتم استيرادها من الخارج ويتسبّب تأخّر وصولها أحيانا في موت الأسماك، وهو ما اشتكى منه بعض المستثمرين سواء بالجنوب أو بالشمال؟
❊❊ فيه تسهيلات من أجل وصول هذه المدخلات، كما أنّه توجد اليوم بواخر تقوم بإنزال المدخلات مباشرة في الأقفاص العائمة، يعني على المستوى التقني فيه تقدّم في هذا المجال، لهذا مشكل المدخلات لا يشكّل عائقا كبيرا. ومستقبلا سيتم التّركيز على إنشاء مناطق متخصّصة، وتعزيز القدرات التّكوينية والتّأطير اللاّزم حتى يكون المشروع ناجحا ومستديما، لهذا عندما نخصّص مناطق واضحة ونهيّئها، نسهّل على المستثمر تجسيد المشروع بسرعة.
أكثر من 100 منطقة لتوسيع الاستثمار في تربية المائيات بالبحر
❊ وهل تمّ تحديد عدد المناطق المخصّصة للاستثمار في تربية المائيات؟
❊❊ حدّدنا في وقت سابق أكثر من 100 منطقة، واليوم نعكف على دراسة دقيقة
ومسح شامل لكل الساحل من أجل تحديد مناطق جديدة، ولكن الشيء المؤكّد أنّنا لدينا قدرات كبيرة، ويمكن توسيع الاستثمار إلى مناطق أخرى، توجد بعض الولايات قطعت أشواطا كبيرة في الاستثمار في تربية المائيات بالبحر مثل بومرداس بمنطقة زموري وتيزي وزو بمنطقة أزفون، نأمل أن تتوسّع مثل هذه التّجارب النّاجحة إلى ولايات ساحلية أخرى.
❊ طالب الوزير الأول في زياراته الميدانية لبعض الولايات السّاحلية، باستغلال مياه محطات توليد الكهرباء في تربية المائيات على مستوى البحر، هل شرعتم في تجسيد هذا الاقتراح؟
❊❊ نقوم حاليا بدراسة المشروع، لأنّ كل مشروع في هذا المجال لديه خصوصياته، ويجب الملائمة بين هذه الصناعة والأنشطة المرتبطة بتربية المائيات، وعندما يمكن القيام بهذا العمل المشترك وتتوفّر الإمكانيات التقنية، سنشجّع المهنيين والمتعاملين على الاستثمار في هذا المجال.
استغلال متناوب للمرجان ومنع تسويقه في شكله الخام
❊ ينصّ مشروع القانون الجديد، على إعادة بعث نشاطات الصيد في الشّعب المرجانية بعد حظر لمدة أكثر من 13 سنة، كيف سيكون استغلال هذا المورد البحري لمنع استنزافه مثلما وقع في السنوات الماضية، ولتوقيف تهريبه؟
❊❊ في إطار استئناف نشاطات صيد المرجان، أخذنا بعين الاعتبار المحافظة على هذه الثروة، وقد تمّ وضع إطار تشريعي وتنظيمي ملائم لغرض تأمين استغلاله المستديم وضمان تثمينه على أكمل وجه، لهذا سيتم فتح مناطق الاستغلال لمدة 5 سنوات وتغلق لمدة 20 سنة لضمان ديمومة هذا المورد. من جهة أخرى سيكون تأطير تقني لهذا الصيد الخاص سيما ما تعلق بطريقة الصيد والمراقبة، وفي هذا الإطار سيتم خلق وكالة وطنية للتنمية المستديمة للصيد البحري وتربية المائيات مكلّفة بتنظيم ومتابعة استغلال المرجان، سيكون مقرّها بولاية الطارف، كما سنشرع في تكوين غطّاسين في مجال الغوص العميق لتمهين هذا العمل، لأنّ الغوص هو التقنية الوحيدة لصيد المرجان.
ومن الناحية القانونية، صادقت الحكومة على مرسومين تنفيذيين يتضمّن الأول إنشاء الوكالة الوطنية للتنمية المستديمة للصيد البحري وتربية المائيات، تنظيمها وسيرها، والمكلفة بتنظيم ومتابعة استغلال المرجان، ومرسوم تنفيذي آخر يحدّد شروط وكيفيات صيد المرجان، بما في ذلك النّصوص التطبيقية التي يتم إعدادها أو تلك التي قيد الدراسة، كما تتواجد 5 مناشير على مستوى الأمانة العامة للحكومة، على أن يستكمل الإطار القانوني قبل نهاية السنة.
❊ ومتى ينطلق الصّيد الفعلي للمرجان؟
❊❊ انطلاق صيد المرجان مرهون بمدى نشر كل النّصوص والآليات القانونية التي تؤطّره، ونحن عملنا على إعداد مشروع القانون الجديد والمراسيم التنفيذية في وقت واحد، وهو ما يسرع في تنفيذ قرار رفع الحظر عن صيد المرجان قبل نهاية السنة الجارية.
❊ لمن ستمنح رخص استغلال المرجان هل للصيادين الجزائريين، أو يتم الإستعانة بالأجانب؟
❊❊ أكيد الأولوية ستمنح للصيادين الجزائريين، وقد ألحّ الوزير الأول على التكوين، فالغوص في العمق يتطلّب تجربة وقدرات خاصة، لذا سنركّز على التكوين لتوفير القدرات في هذا المجال، كما سنعطي الأولوية للمتعاملين الجزائريين لتحويل المادة الخام، يعني بناء هذه الشعبة سيكون على اليد العاملة المحلية.
❊ و لكن في ظل غياب مدارس متخصّصة في تكوين الغطاسين، أين سيتم تكوين تلك الفئة؟
❊❊ سنقوم بإنشاء ورشات تكوينية على مستوى مدرسة الصيد البحري بالقالة، ومدرسة المرسى بالجزائر العاصمة، ومدرسة الصيد البحري بوهران. والبداية ستكون بتكوين الغطّاسين الذين لديهم دبلوم في رياضة الغطس، وستمنح لهم شهادة في الغطس المهني، وعملية التكوين ستنطلق في الأسابيع المقبلة عبر الثلاث مدارس السّابقة الذكر.
❊ يشكّك بعض المهنيين والصيادين في نتائج دراسة تقييم ثروة المرجان التي تمّ إعدادها من قبل خبراء أجانب، حتى أنّ البعض منهم متخوّف من عدم وجود الشعب المرجانية في المناطق التي ستفتح للاستغلال بسبب استنزاف هذا المورد في السنوات الماضية، ما تعليقكم؟
❊❊ في البداية كانت لدينا تحفّظات حول إعادة فتح صيد المرجان، وتركنا الأمور تتّضح والحكومة تتّخذ قرارا لوضع الآليات القانونية الكفيلة بإعادة بعث صيد المرجان، بشكل يسمح بالمحافظة على هذه الثروة وتأمين استغلالها المستديم، من خلال استئناف معقول لنشاطات الصيد من جهة، والرفع من شدة المخالفات والتشديد في العقوبات المرتبطة بالصيد غير المشروع من جهة أخرى، لذا ستمكّن الإجراءات القانونية الموضوعة اليوم من تقليص ممارسات الصيد والتسويق غير الشرعيين لهذا المورد الصيد، فقد وضعنا مخطّطا لتسيير واستغلال متناوب للمرجان على كامل الشريط الساحلي، وثمنا المرجان على المستوى الوطني من خلال منع تصديره في شكله الخام أو نصف المصنع، وتقصي مسار تحويل المرجان، وتسويقه في شكله الخام ونصف المصنع. كما رفعنا من شدة المخالفات المرتّبة بصيد المرجان مع تشديد العقوبات، ولأجل ذلك تمّ تعزيز جهاز المراقبة والمتابعة عن بعد لنشاطات سفن صيد المرجان.وفي الأسابيع المقبلة سننطلق في تنظيم أيام دراسية حول ثروة المرجان ومشروع القانون لشرح بنوده وأهدافه، خاصة وأنّه يأتي ليمهّد الطّريق لإعداد خطّة البرنامج الخماسي المقبل.
مشاورات مع أهل
الاختصاص والشّركاء
❊ على ذكر مخطّط البرنامج الخماسي 2015-2020، كنتم قد أعطيتم تعليمات في وقت سابق للشّروع في تنظيم جلسات جهوية لتحضير خطّة البرنامج الخماسي بالتنسيق مع المهنيين ومختلف الفعاليات على المستوى المحلي، أين وصلت التّحضيرات؟
❊❊ بالفعل انطلقت المشاورات على مستوى الولايات، وسنقوم بخرجات ميدانية لمعاينة هذا العمل، وكذا لتقييم كل الجهود والأعمال التي أنجزت في الخماسي الماضي على المستوى المحلي، والتحضير للبرنامج الجديد مع جميع المهنيين والإطارات والعاملين في القطاع. وقد انطلقنا في هذا العمل منذ أكثر من شهرين، على أن تختتم هذه المشاورات بتنظيم ندوة وطنية شهر نوفمبر المقبل نحدّد فيها أولويات البرنامج الخماسي المقبل، لننطلق في تجسيده في الآجال المحدّدة.