الشكر والتقدير للرئيس تبون علـــى الدعـم الدبلوماسـي والمـادي والإنســاني
يؤكد سفير دولة فلسطين بالجزائر فايز أبوعيطة، أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ سنة كاملة، من حرب إبادة وتنكيل واضطهاد وظلم، لم تشهد لها البشرية مثيلا، ستبقى وصمة عار على جبين كل العالم، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني البطل الوحيد في هذه المعركة.
ولم يفوت الحوار، الذي خص به «الشعب»، ليتقدم ببالغ الشكر والتقدير لدولة الجزائر، وعلى رأسها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، على كل ما قدمته من دعم سياسي ومادي وإنساني للقضية الفلسطينية، مثمنا الجهود الدبلوماسية الجبارة منذ أن باشرت عضويتها بمجلس الأمن مطلع السنة الجارية.
«الشعب»: سنة كاملة مرت على حرب إبادة شنعاء لم تشهد لها البشرية مثيلا، يشنها الكيان الصهيوني الغاشم على غزة، ما هي حصيلة جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بعد كل هذه المدة؟
سفير دولة فلسطين: السابع أكتوبر 2023- السابع أكتوبر 2024، عام دموي أسود مر على الشعب الفلسطيني، تعرض خلاله لأبشع مجازر عرفها التاريخ القديم والحديث؛ مجازر إبادة حقيقية طالت البشر والحجر، قتل الصهاينة بدم بارد خلالها ما يزيد عن 15 ألف طفل، وما يزيد عن 15 ألف امرأة، وعدد إجمالي من شهداء وضحايا هذه الحرب البربرية الهمجية من قبل قوات احتلال الكيان الصهيوني، يفوق 41 ألف شهيد تم إحصاؤهم بالعدد، ناهيك عن إحصاء نفس العدد تحت الأنقاض، ويوجد شهداء وضحايا لم يتم إحصاؤهم، ولم يتم التعرف عليهم وتم دفنهم في قبور جماعية، وإلى ذلك تم إحصاء أكثر من 100 ألف جريح.
إذن، نستطيع أن نقول، هذا العام الأسودُ في تاريخ الشعب الفلسطيني، حصلت خلاله حرب إبادة جماعية، بلغ خلاله عدد الشهداء والجرحى ربع مليون فلسطيني، تعرضوا إما للقتل أو الإصابة، ناهيك عن إحصاء أكثر من 11 ألف فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، بالإضافة إلى تدمير قطاع غزة تدميرا شبه كلي طال عشرات المباني، بالإضافة إلى كافة الجامعات وكافة المدارس والمستشفيات، وكل البنية التحتية التي شيدت على مدار أزيد من قرن كامل.
غزة من أجمل مدن العالم، لكن للأسف الشديد حولها هذا الاحتلال المجرم الفاشي، إلى أثر بعد عين، نظرا للسلاح الذي يمتلكه الاحتلال الصهيوني، والمدعوم به من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
لم تنل الجرائم البشعة ومحاولات التصفية من الفلسطينيين الذين رفضوا مغادرة أرضهم، ولا محاولات الإذلال والتجويع ولم يقايض الشعب الأبي شربة ماء أو حبة دواء بوجودهم على أرضه.
- هل يمكن القول إن الشعب الفلسطيني أحبط مخططات إفراغ الأرض الفلسطينية من الفلسطينيين، وتصفية القضية نهائيا؟
إن الشعب الفلسطيني، كما أسلفنا، تعرض لأبشع عملية إبادة جماعية، ولكنه أيضا تعرض إلى أبشع عملية تنكيل واضطهاد وظلم عرفتها البشرية في العالم. أزيد من (2) مليوني فلسطيني تعرضوا للتهجير القسري من بيوتهم ونزحوا منها تحت القصف وتحت القتل، دون مراعاة أبسط مقومات النزوح أو التهجير وفق القوانين الإنسانية، بل تعرض الشعب الفلسطيني هذا العام إلى أبشع عملية تنكيل، وفرض على هؤلاء المواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة، النزوح من منازلهم إلى أماكن ضيقة ومحدودة في منطقة تسمى مواصي خان يونس ومواصي رفح، يعني كل سكان قطاع غزة يعيشون بهذه المنطقة، التي لا تستطيع استيعاب كم هائل من النازحين يزيد عددهم عن مليوني نازح، من جنوب قطاع غزة، ومن شرق قطاع غزة، ومن شمال قطاع غزة، بما فيها مدينة غزة، ويعيشون في خيام بالية لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، وتفتقر لأبسط مقوم من مقومات الحياة الإنسانية، التي تمكن القاطنين فيها من نساء وأطفال وكبار السن من قضاء أبسط حوائجهم الإنسانية، للأسف الشديد.
حتى على حبة الدواء، وعلى الطعام، وعلى شربة ماء وعلى كل شيء فرضوا حصارا مطبقا، لدرجة أن عدد الوفيات الطبيعية ارتفع 6 أضعاف الوفيات الطبيعية، لماذا؟ لأنه لا يوجد حبة دواء، ترتفع حرارة الطفل يموت، أو يرتفع ضغط الدم أو منسوب السكر في الدم لدى مرضى السكري، فيموتون لعدم تناولهم الدواء، وبالتالي بالإضافة إلى القتل المباشر الذي يتعرض له المواطنون الفلسطينيون البواسل، هناك عملية قتل غير مباشرة من خلال الحصار.
جل هؤلاء الشهداء ويفوق عددهم 95٪، هم من المواطنين الذين رفضوا مغادرة بيوتهم التي تؤويهم، وتم قتلهم بقصف بيوتهم وهم بداخلها، وجزء كبير منهم مازال تحت الأنقاض وجثث ألقيت بالشوارع، وجثث تحللت للأسف الشديد. هذا الاحتلال الغاشم لا يحترم جثة الميت التي تنص على احترامها كل الشرائع السماوية، وتركها لتتحلل وتنهشها الحيوانات الضالة، يسيء للأحياء والأموات، لم يحترم أبسط مقومات الحياة.
وبالرغم من كل ذلك، إلا أنني أستطيع أن أقول إن الشعب الفلسطيني وهو البطل الوحيد في هذه المعركة، الشعب الفلسطيني عانى كل هذا الألم والمعاناة، وهو يدرك أن واجبه هو الحفاظ على البقاء على هذه الأرض، وهو يصمد ليس رغبة في الصمود، وإنما رغبة في الحفاظ على أرض فلسطين، يصمد لأنه يدرك أن الهدف الحقيقي من حرب الإبادة الجماعية، ترحيل الشعب الفلسطيني وتهجيره عن أرضه.
إن هذه الحرب تؤكد أن الاحتلال يتعامل معها على أنها حرب وجودية، وهكذا عقلية الكيان الصهيوني المجرم والحكومة اليمينية المتطرفة، وبالتالي لا يريد الاحتلال الصهيوني المجرم وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، ويريد أن يبقى الوجود الصهيوني على هذه الأرض فقط لليهود وللصهانية الموجودين على أرض فلسطين والقادمين من كل أصقاع العالم، ليتواجدوا على أرض فلسطين وينشئوا هذا «الكيان المارق» على أنقاض الشعب الفلسطيني وحقوقه، ولذلك تجد الفلسطيني -وبكل ألم أقولها- إنه يصمد بالرغم من انتهاك كرامته وحقوقه وجعله يعيش في أبأس وضع ممكن أن يتحمله بشر، تخيلوا امرأة يجوع أطفالها ولا تجد لهم كسرة خبز، كيف سيكون وضعها، أو أب لا يستطيع توفير أبسط مقومات الحياة لأبنائه الذين يعيشون في خيمة، بلا طعام ولا دواء ولا تعليم ولا صحة.
عملية إذلال ممنهجة يمارسها هذا الاحتلال المجرم، وهذا لا يقل قسوة عن القتل المباشر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ماذا يبقى للإنسان عندما يعيش مثل هذه الظروف، لإذلاله وكسره وكسر إرادته، ولكن الشعب الفلسطيني يدرك أن واجبه هو الصمود على هذه الأرض ليحافظ عليها، لأنه يعرف بأن الهدف الحقيقي لهذه الحرب هي اجتثاثه من أرضه.
- الشعب الفلسطيني يدفع تكلفة باهظة للغاية، لكنه في المقابل أعاد قضيته إلى قلب العالم أجمع، كيف تقيمون التفاعل الدولي مع كل ما يجري منذ السابع أكتوبر من العام الماضي، على صعيد الجماهير وعلى صعيد الأمم المتحدة؟
وصمة عار على جبين كل العالم استمرار حرب الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني. هذه الحرب التي دامت سنة كاملة، كان لابد أن تتوقف في اليوم الأول، لو كان هنالك ضمير حقيقي. ولكن للأسف الشديد، لا. شاهدنا هبات جماهيرية كبير على نطاق واسع من أغلب شعوب المعمورة، ترفض وتستنكر الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني. ولكن للأسف الشديد،، أن كل ذلك لم يوقف هذا الاحتلال المجرم عند حدوده، أو توقف هذه الحرب وهذه المجازر، بل بالعكس تمادى هذا الاحتلال، لأنه مع الأسف الشديد. على المستوى الرسمي، الدول التي تمتلك حق الفيتو وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وبريطانيا، توفر الغطاء السياسي والغطاء العسكري والغطاء المادي لهذا المجرم، أي الاحتلال، ليستمر في ارتكاب هذه الجرائم.
لذلك، أقول وصمة عار في جبين البشرية أن تقف صامتة ومتفرجة. صحيح أن أغلب دول العالم رفضت أن تستمر هذه المجازر وعبرت عن إدانتها ورفضها لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة. ولكن للأسف الشديد، هل أوقفت هذه المواقف الحرب؟ ضمير الإنسانية يجب أن يتحرك ليمارس ضغطا أكبرَ على الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول العظمى من أجل العمل على لجم ووقف هذا العدوان.
تقود الجزائر، بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، جهودا حثيثة بالأمم المتحدة. إلى أي مدى تساهم في رفع الحصار الدولي المفروض على القضية الفلسطينية؟
بالتوازي حقيقة كانت هناك مواقف مشرفة قادتها الجزائر في أروقة الأمم المتحدة، وتحديدا في مجلس الأمن، كون دولة الجزائر تتبوأ موقعا مهما اليوم، بموجب عضويتها في مجلس الأمن، ممثلة للمجموعة العربية، ولذلك مافتئت وماانفكت عن تقديم العديد من مشاريع القرارات التي تطالب بوقف هذا العدوان ووقف المجازر اللاإنسانية وحرب الإبادة الجماعية المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني.
واستطاعت الجزائر بفضل مواقفها إحراج الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تسعى دائما لعرقلة قرارات دولة الجزائر وعرقلة قرارات مجلس الأمن، ولكن الجزائر ثابرت وآخر مبادرتها كان مشروع قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في مجلس الأمن، وأيضا اعتبار فلسطين عضوا أمميا كامل العضوية.
وعندما عرقلت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع القرار الجزائري، اتفقت فلسطين والجزائر على أن يتم تقديم مشروع القرار في الجمعية العامة، وفعلا تم الأمر وحصل القرار على تأييد الأغلبية الساحقة، إذ صوتت 143 دولة لمنح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وتضمن هذا القرار توصية باسم الجمعية العامة إلى مجلس الأمن، لأخذها بعين الاعتبار. ولكن للأسف الشديد، الولايات المتحدة الأمريكية تعرقل كل هذه المشاريع.
ناهيك عن ذلك، ترتب عن قرار مجلس الأمن رفع مكانة فلسطين الدولية، ومنح دولة فلسطين المزيد من المزايا والحقوق داخل الأمم المتحدة، بما في ذلك تقديم مشاريع قرارات، الحديث باسم دولة فلسطين، والحديث باسم المجموعات الدولية، إلى جانب وضع مقعد لدولة فلسطين مع باقي مقاعد الدول الأخرى، حسب الأحرف الأبجدية، وبالتالي رفع مكانة فلسطين الدولية ليس فقط بالأمم المتحدة ولكن عبر كل الهيئات الدولية، وهذا يعتبر إنجازا للدبلوماسية الفلسطينية وإنجازا للدبلوماسية الجزائرية، .
ودعوني أتقدم ببالغ الشكر والتقدير لدولة الجزائر، وعلى رأسها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، على كل ما قدمته من دعم سياسي ومادي وإنساني، إذ أرسلت عشرات القوافل، وأقامت جسرا جويا من أجل توصيل المساعدات الإنسانية للمكلومين والمنكوبين في قطاع غزة، من أجل تعزيز صمودهم على أرضهم، في مواجهة حرب الإبادة الجماعية.
ولا ننسى أن الجزائر استقبلت العديد من الدفعات من الجرحى والمصابين لعلاجهم. كل الشكر لدولة الجزائر الشقيقة، ولرئيسها السيد عبد المجيد تبون، ولوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، على كل الجهود الدبلوماسية التي تقودها الجزائر، في كافة المنظمات الدولية من أجل دعم وإسناد القضية الفلسطينية.
- قادة الكيان الصهيوني صاروا مطلوبين من قبل محكمة العدل الدولية، وهو ما نادت به الجزائر منذ الأيام الأولى للعدوان، حين دعا الرئيس تبون أحرار العالم لإنهاء حالة الحصانة التي يتمتع بها الكيان الغاشم. هل تعتبرون مسار العدالة الدولية من بين المكاسب التي حققتها القضية الفلسطينية؟
الجزائر أدت دورا كبيرا في هذا الشأن، وأيضا دول أخرى مثل جنوب إفريقيا، التي تقدمت بدعوى لمحكمة العدل الدولية من أجل وقف هذا العدوان على الشعب الفلسطيني. ودولة فلسطين أيضا رفعت قضايا. ورفع محامون جزائريون قضايا، لأن الرئيس عبد المجيد تبون، من بداية هذه الحرب، وجه وطالب الحقوقيين الجزائريين، سواء محامين أو قضاة، بتقديم عرائض بمحكمة العدل الدولية لمحاكمة قادة الكيان الصهيوني على جرائم الإبادة، والآن الصهاينة يخشون حقيقة على قادتهم وعلى مجرمي الحرب، بمن فيهم نتنياهو وغالانت وزير الحرب الصهيوني، الاعتقال وتقديمهم للمحاكمة في أي وقت. وبالتالي كل هذه الجهود من نضال دبلوماسي وقانوني على كل المستويات، يقوم بها الشعب الفلسطيني، مسنودا بالدبلوماسية الجزائرية من أجل لجم هذا العدوان.
- كلمة أخيرة
الوجع كبير والألم كبير، وعام دموي حقيقي أسود مروا على الشعب الفلسطيني نتيجة هذا الصمت الدولي، الأمريكي- البريطاني- الفرنسي، على الجرائم البشعة التي يرتكبها الصهاينة، ولكنه أيضا عام صمود لشعبنا الفلسطيني وأهلنا بأرضه، وتمسك بوجودهم على أرض فلسطين من أجل إفشال كل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.
وأيضا أوجه رسالة محبة وتقدير واعتزاز كبير بالشعب الفلسطيني، وأوجه رسالة شكر كبيرة للدبلوماسية الجزائرية، وعلى رأسها السيد الرئيس عبد المجيد تبون.