اختيار العهدة الثّانية تجديد ثقة وتأكيد على تمسّك الجزائريّـيـن بالجمهورية النّوفمبرية
لن نحيد عـن قيمنا ومبادئنـا تحت أي ظـرف وثابتون تجاه القضايــا العادلة
وفاؤنا لمبادئنـا عرّضنـا للاستعـداء والتّآمـر والضّغـوط والمساومات
بلادنا تحظى بتقدير دولي نعتز به وغايتنـا مواصلـــة رسالـــة شهدائنـــا وتعــزيز السّلــم
نمتلك نهجا تضامنيا وسياسات تعـاون ضمـن الصّداقـة والشّراكـة وحســن الجـوار
هدفنا استقلاليـة القرار الاقتصـادي والتّأسيـس لاقتصاد عصـــري دون التّخلـي عـــن اجتماعيــة الدّولـة
نفتخـر بـأنّ قرار إنشـاء البرلمـان العربـي صـدر بقمّـة الجزائر سنــة 2005
نعتبر الإصلاح منهجا استراتيجيّا وحضاريا..لذلك نتطلّع إلى إصلاح الجامعة العربية
بــين الجزائـر ومصــر محطّــات ثوريــة وانتصــارات وشهـداء ودمـاء طاهـرة ونضـال
أكّد رئيس مجلس الأمّة، المجاهد صالح قوجيل، في حوار أدلى به لجريدة “الأهرام” المصرية، اختيار الرّئيس تبون لمواصلة مسيرة البناء، هو تجديد ثقة وتأكيد على التّمسّك بالجمهورية النوفمبرية، وقال إنّ الجزائريّين ثابتون على المبادئ والقيم السّامية، ملتزمون بالقضايا العادلة، حتى إن استعدت المواقف الشريفة بعض المتآمرين، وأضاف أن الجزائر تعتبر الإصلاح منهجا استراتيجيا حضاريا، يحدوها إلى التطلع إلى إصلاح الجامعة العربية، مؤكّدا أنّ صدور قرار إنشاء البرلمان العربي بقمّة الجزائر، مفخرة حقيقيّة، ليوضّح أنّ الجزائر المنتصرة منهجها التعاون ضمن الصّداقة والشّراكة وحسن الجوار، كما تطرّق إلى العلاقات الجزائرية المصرية التي ترتكز على بعدين هامين..استراتيجي وتاريخي، وهي علاقات يوثّقها النّضال المشترك، وامتزاج الدّماء الطّاهرة في ميادين الشّرف.
- الأهرام: ما رأيك في العلاقات المصرية الجزائرية الآن؟
رئيس مجلس الأمّة المجاهد صالح قوجيل: في البداية أتوجّه من خلال جريدتكم العريقة بأحرّ وأخلص التّحيات لجمهورية مصر العربية شعبا ورئيسا وبرلمانا، والتي تحضرني عنها من خلال حواري معكم ذكريات وتاريخ ومحطات ثورية وإنسانية لا تنسى..، نعلم جميعا أنّ الجزائر ومصر دولتان محوريتان في منطقة شمال إفريقيا، وأن كل واحدة منهما تتمتّع بموقع جغرافي وجيوسياسي متميز، كما تجمعهما علاقات أخوية قويّة وتاريخ مشترك زاخر بمحطات ثورية وانتصارات تحفظها الذّاكرة العالمية عموما والعربية على وجه الخصوص..فنحن نتقاسم مع أشقّائنا المصريين هموم الأمّة، وبيننا شهداء ودماء طاهرة ونضال مشترك، وتعاون صادق على دحر الاستعمار ومناصرة القضايا العادلة.
من هذا المنطلق، ترتكز العلاقات بين البلدين على بعدٍين هامين إستراتيجيٍّ وتاريخي، وبصفتي مجاهد من الرعيل الأول، شهدت الدعم الكبير ومتعدّد الأشكال الذي قدّمته مصر لثورة نوفمبر المجيدة ودفعت ثمنه ضغطا عدائيا لم يزد المصريين إلا التحاما بأشقائهم الجزائريين، وتمسّكا بدعم ومساعدة الجزائر حتى تنال استقلالها الكامل. وأتذكّر - ككل الجزائريّين - إذاعة صوت العرب التي كانت صوتا صادحا بالحق ضد الاستعمار في الجزائر وفي قارة إفريقيا، كما أذكر باعتزاز بث بيان أول نوفمبر 1954 عبر موجاتها من القاهرة، ولأن ما يجمعنا مع أشقائنا هو السند المتبادل، لم تتخلَّف بلادي عن نداء الواجب، وشاركت بقوة بجيشها الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني بحق وجدارة خلال الحرب العربية ضد الكيان الصهيوني عام 1967 وخلال ملحمة السادس من أكتوبر 1973، رغم أنها كانت في السنوات الأولى لبناء الدولة بعد الاستقلال. محطات التضامن هذه تشكّل نموذجا حقيقيا تقتدي به الأجيال العربية، وتستلهم منه معاني الأخوّة الفعلية، وكيف يتجسّد المصير العربي المشترك.
وقد تعزّزت العلاقات الجزائرية المصرية بشكل كبير في السنوات الأخيرة بفعل توافق الرؤى وتطابق وجهات النظر بين قائدي البلدين، السيد عبد المجيد تبون والسيد عبد الفتاح السيسي حول عديد القضايا الدولية والإقليمية. وفي هذا الإطار وجب التذكير بزيارة العمل التي قام بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى مصر يومي 24 و25 جانفي 2022، حيث كانت محطة داعمة للتعاون الثنائي ومعززة للتنسيق المشترك على الصعيدين الإفريقي والعربي، بالإضافة لما تقوم به اللجنة العليا المشتركة المصرية الجزائرية، والتي تؤطّر سبل التعاون بين مختلف الهيئات في الدولتين، وما يترتب من دفع قوي للشراكة الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
- ما أوجه التّعاون بين البرلمان المصري والجزائري؟
العلاقات البرلمانية الجزائرية المصرية تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للطّرفين، نابعة من دورها في تعزيز العلاقات الثنائية الرسمية والشعبية، وكذا دور هذا التعاون في الدفاع عن مواقف البلدين وعن المنظومة القيمية التي تكرسها سياستهما الخارجية لاسيما فيما يتعلق بمصالح الأمة العربية.
لذلك نسعى من خلال آليات الدبلوماسية البرلمانية إلى زيادة وتيرة التعاون بين الهيئات التشريعية في البلدين، وذلك عبر تبادل الزيارات والخبرات وتفعيل مجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية، وعبر التنسيق في المنظمات والجمعيات البرلمانية الدولية والإقليمية، على غرار الاتحاد البرلماني الدولي والإفريقي والعربي، والبرلمانيين الإفريقي والعربي، وكذا اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وبرلمان المتوسط. فالبرلمانان الجزائري والمصري لهما رصيد ثري من التنسيق والتضامن، لاسيما في المجموعة العربية للاتحاد البرلماني الدولي، أين تظافرت جهودهما لفرض بند طارئ حول جرائم الإبادة والتهجير القسري التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يتجسّد تعاونهما في العمل البرلماني متعدّد الأطراف لتحقيق طموحات الشعوب الإفريقية والعربية والمتوسطية في الأمن والتقدم والاستقرار والتنمية.
- كيف ترى دعم البرلمان العربي للقضايا الوطنية؟
للبرلمان العربي مسؤوليات جسيمة تجاه قضايا الأمّة العربية باعتباره يمثّل صوت شعوبها، وهو بالمناسبة يحمل رمزية معبّرة عن توافق الجزائر ومصر ومكانتهما في جسد وروح الأمّة، فنحن نعتز باحتضان مصر مقرّه الدائم، ونفتخر بأنّ قرار إنشائه صدر في قمة الجزائر في ربيع 2005، وأوّل اجتماع له كان في القاهرة في ديسمبر من نفس العام. قرار تأسيسه جاء إدراكا من قادة الدول العربية لضرورة وجود مؤسسة تمثيلية شعبية ترافق المسار الديمقراطي في الوطن العربي، هذه المؤسّسة البرلمانية الجامعة تعد أحد أهم فواعل العمل العربي المشترك، ومنبرا يحتضن مساهمة البرلمانيين في تعزيز الوحدة والتوافق وتكريس الممارسة الديمقراطية، وهي حاليا تقوم بدورها وتمارس صلاحياتها لتحقيق أهدافها من خلال لجانها الدائمة والفرعية، وتأثيرها يتجاوز العالم العربي بالنظر إلى آليات عملها الواسعة إعلاميا ودبلوماسيا.
البرلمان العربي جسّد مركزية القضية الفلسطينية في أشغاله ومخرجات جلساته، وساهم في التصدي لمحاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما أسّس تقليدا محمودا بإنشاء قوانين استرشادية لتوحيد التشريعات العربية حول التنمية والرقمنة والأمن والاستثمار والتعليم والمرأة والمناخ ومكافحة الإٍرهاب، بالإضافة إلى إصدار تقارير دورية حول الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ووضعية حقوق الإنسان في الدول العربية من أجل الوقوف على الإنجازات واستدراك النقائص.
من جهتنا، نسعى بالتعاون مع أشقّائنا العرب إلى تقريب البرلمان العربي أكثر من انشغالات المواطن ومن أمهات القضايا العربية، لاسيما وأن مجلس الأمة يترأّس لجنة الشؤون الخارجية والسياسية والأمن القومي، ولا مناص من الإصلاح لبلوغ ذلك. نحن في الجزائر نعتبر الإصلاح منهجا استراتيجيا وحضاريا لا يعيب، لذلك نتطلّع إلى تطوير العمل والأداء في إطار مرافعتنا من أجل إصلاح جامعة الدول العربية، بما يناسب تطلّعات شعوبنا، وينسجم مع ما تنتظره من البرلمانات في ظل راهن دولي ينزلق نحو الفوضى. نحن أمام تحديات جسيمة، ولا بد أن نكون على قدر مناسب من المسؤولية والمصداقية والالتزام.
- كيف ترى الدّور الدبلوماسي للبرلمان الجزائري؟
هو دور متوافق مع الزخم الذي تعرفه الدبلوماسية الرسمية، والتي عادت إلى سابق مجدها بتوجيه وإشراف من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون. دبلوماسيتنا البرلمانية فيها شيء من الخصوصية، نابعة من خصوصية مصدرها التاريخي الدائم وهو بيان أول نوفمبر 1954، لدينا مبادئ وقيم لا نحيد عنها تحت أي ظرف، وممارسات دبلوماسية عريقة تمليها مواقفنا الثابتة تجاه القضايا العادلة في العالم، ونملك نهجا تضامنيا معروفا وسياسات تعاون وتنسيق تحت أطر الصّداقة والشراكة وحسن الجوار، وكذا حس مسؤولية عال تجاه قضايا أمّتنا العربية وقارتنا الإفريقية..
هذه أهم محاور الدبلوماسية الجزائرية، نشكّل على ضوئها دبلوماسية البرلمان الجزائري، وننسج من تعاليمها لقاءاتنا الثنائية ونشاطاتنا الدولية والإقليمية متعددة الأطراف.
يمكنني القول أنّ البرلمان الجزائري ازداد حضورا على الصعيد الدبلوماسي في الأربع سنوات الماضية، تزامنا مع الحركية التي طبعت كل شيء في الجزائر الجديدة التي يرسي دعائمها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، فقد احتضن الدورة 17 لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والدورة 36 للاتحاد البرلماني العربي، وتضمّن إعلان الجزائر لكلا المؤتمرين توصيات وحلول لمعالجة الاختلالات، وحل الأزمات في العالمين العربي والإسلامي.
- الجزائر عرفت تغييرات جذرية في دستورها وقوانينها منذ الحراك الشّعبي في 2019 بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، حدّثنا عن أهمّها؟
حقيقة..لقد شهدت الجزائر تغييرا جادّا وملموسا سياسيا واقتصاديا استجابة لمطالب الحراك الشعبي السلمي المبارك. البداية كانت ببناء المؤسّسات فهي عصب الدولة الحديثة، لذلك شهدت الجزائر طوال المرحلة الموالية للانتخابات الرئاسية، عددا من المحطات الهامة التي كانت عهدا التزم به رئيس الجمهورية في برنامجه الوطني، أبرزها تنظيم استفتاء شعبي حول تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020. اختيار التاريخ لم يأت عبثا، فتعديل الدستور هو المحطة الأولى لتحول جذري أقبلت عليه الجزائر لتحقيق ما سطره بيان أول نوفمبر 1954، ولمد جسور التواصل بين جيل نوفمبر والجيل الجديد من الجزائريات والجزائريين، الذين يطمحون إلى بناء جمهورية جديدة تصان فيها الحقوق، ويسودها القانون والعدالة الاجتماعية.
دستور 2020، كرّس نقلة نوعية من حيث تغيير أنماط الحوكمة السياسية في الجزائر، انطلاقا من إعادة تنظيم السلطات والفصل بينها بشكل متوازن، وتكريس مبدأ استقلالية العدالة وأخلقة الحياة العامة عبر مكافحة الفساد بكل أشكاله، وتحديد العهدات الانتخابية بالإضافة للضبط الدقيق للحصانة البرلمانية. كما عزّز الدستور الجديد الحريات والحقوق العامة ومكتسبات المرأة الجزائرية وأفرد للشباب مكانة خاصة، هناك العديد من المسائل التي نظّمها الدستور، والتي تشكّل في الواقع ضمانات دستورية على توجّهنا الصحيح نحو جزائر جديدة، وقد أثمرت فعلا رسوخا ديمقراطيا حقيقيا عزّز استقلالية القرار السياسي الوطني.
- الجانب الاقتصادي لم يكن بعيدا عن التّغيير، حيث تمّ تعديل عديد القوانين الخاصة بعدة قطاعات..ما الهدف الذي سطّرته الجزائر من كل هذا؟
الهدف هو استقلالية القرار الاقتصادي استكمالا لاستقلالية القرار السياسي، والتأسيس لاقتصاد عصري متنوّع قائم على المعرفة والابتكار دون التخلي عن الطابع الاجتماعي للدولة. الاقتصاد هو دائما جوهر كل تغيير، وفقا لمقاربة الجزائر التي تربط الأمن بكافة أنواعه بنجاح التنمية. إنّه رهاننا اليوم، والتحدي العظيم الذين نرفعه بإرادة وعزم، ونجحنا فيه بنسبة كبيرة، فاقتصاد الجزائر هو ثالث اقتصاد في إفريقيا. لقد شهدت الجزائر نهضة اقتصادية حقيقية، بنتائج ملموسة وأرقام واقعية دقيقة، وقد رافق البرلمان هذا التغيير الإيجابي من خلال تشريع قوانين تنعش الاقتصاد الوطني وتحفّز على الشراكات المربحة، وعلى رأسها قانون الاستثمار الزاخر بالمزايا والضمانات. وفي هذا السياق، أحيّي وتيرة التعاون الاقتصادي بين الجزائر ومصر، وأدعو إلى رفع حجم الاستثمارات والمبادلات التجارية بينهما. يجدر بنا حماية مقدرات شعوبنا والتوجه نحو اقتصاد جديد أكثر إنصافا، وذلك من خلال التكتل خلف فضاءاتنا الاقتصادية المشتركة على غرار منطقة التجارة الحرة العربية، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
- الشباب كان في قلب مسيرة التّغيير وعوّل عليه الرئيس تبون منذ توليه مقاليد الحكم، كما تعهّد بالعمل على إيصالهم لأكبر المسؤوليات..هل يمكن اعتبار ذلك تمهيدا لتشبيب الطّبقة السياسية والحاكمة في الجزائر؟
فعلا، تمكين الشباب وإشراكه في الحياة السياسية والاقتصادية وصناعة القرار، يعد محورا أساسيا في برامج رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وعهدا قطعه والتزم به..مثلا كثير من أعضاء البرلمان والوزراء والولاة شباب، وهم يقودون بجدارة وكفاءة قاطرة الاقتصاد الوطني: المؤسسات الناشئة، ونعوّل عليهم لإنجاح الانتقال الطاقوي لتحكّمهم في التكنولوجيات الحديثة. وكما ذكرت آنفا، الجزائر تتجه نحو تكريس اقتصاد المعرفة، وهو مجال شبابي بامتياز لارتباطه بالثورة الرقمية والإنجازات العلمية. ومن هذا المنطلق، حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على استحداث وتنصيب المجلس الأعلى للشباب كهيئة دستورية تتكفّل بشؤون واهتمامات الشباب، وتشكّل منبرا لإشراكهم في اتخاذ القرارات التي تخصّهم.
لقد تولى الشباب الجزائري القيادة في الكثير من المحطات المفصلية في تاريخنا، فهو لا يحتاج إلى تمهيد ليتولى زمام الحاضر والمستقبل..هذا مسار حتمي.
- الجزائر تعيش في جوار ملتهب، وتتعرّض لضغوط كبيرة بسبب مواقفها المساندة للشّعوب وقضايا التحرر وعلى رأسها القضية الفلسطينية..ما سرّ هذا الصّمود وتمكّن البلد من مواجهة كل هذا؟
حقيقة، وفاؤنا لمبادئنا عرّضنا للاستعداء والتآمر والضغوط والمساومات، مواجهتنا لهذا المحيط ليست هيّنة..لكن صمودنا أيضا ليس هيّنا على من يحاول التدخل في شؤوننا أو المساس بأمن شعبنا وبسيادتنا واستقلالية قراراتنا. العالم كله يدرك مدى قدرتنا على المواجهة والنفس الطويل الذي قهرنا به استعمارا دام 132 سنة..، كما يكمن السر في عدالة ما نؤمن به وندافع عنه، وفي تلاحم الشعب الجزائري الذي شكّل جبهة داخلية قوية عصية على التلاعب والتضليل، وكذا الوعي السياسي العالي لشبابنا والتفاف الجزائريات والجزائريين حول قيادتنا التي تحظى بثقة الشعب، والرابطة الفريدة التي تجمعهم مع الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني الثوري، البطل بحق وجدارة.
من هنا أيضا، تشعّ الحكمة من إصرار الجزائر على تحقيق استقلالية القرار الاقتصادي لحماية مواقفنا من المساومة والضغوط.
الجزائر تحظى بتقدير دولي نعتز به، فنحن نجنح إلى السلم في حل النزاعات، وننبذ العنف والتطرف ولا نسعى إلى التموقُع في الساحة الدولية والقارية والإقليمية لغرض الهيمنة، بل من أجل مواصلة رسالة شهدائنا، وتجسيد المثل العليا التي ورثها الشعب الجزائري عنهم، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين. وقد لاحظتم الأولويات التي حدّدتها الجزائر لعهدتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، ومنها إعلاء صوت إفريقيا المستضعفة شعوبها، ودفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه الشعوب المستعمرة، فقضايا تصفية الاستعمار في إفريقيا وفي العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي أدمت قلوبنا، هي ركيزة أساسية في السياسة الخارجية لبلادنا، وخيار رسمي وشعبي لا رجعة فيه.
- الجزائر عاشت ثاني انتخابات رئاسية لها بعد الحراك، اختار فيها الجزائريّون الاستمرار بعد تزكية الرّئيس تبون لعهدة ثانية..هل هذا تأكيد على نجاح الإصلاحات وعرفان للإنجازات؟
نعم، هو كذلك..الاستمرارية لا تكون إلا لخير والجزائر الجديدة أثمرت كل خير، الجزائريّون اختاروا الاستمرارية بانتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية لعهدة رئاسية ثانية بكل حرية وسيادة في إطار ممارسة ديمقراطية حقيقية، لأنّهم عاينوا وفاءه بالتزاماته خلال العهدة الأولى من خلال حملات الإصلاح والتغيير التي بادر بها في كافة المجالات، وعبر رعايته لملف الذاكرة الوطنية ومدّه جسورا أراد البعض قطعها بين الماضي والحاضر والمستقبل.، فهو حقّا تأكيد على نجاح هذه الإصلاحات، وتطلّع إلى المزيد من الإنجازات. إنّها ثقة جديدة في قدرة الجزائر الجديدة على مواجهة التحديات والمحافظة على المكاسب، وتأكيد جديد على تمسّك الجزائريّات والجزائريّين بالجمهورية النوفمبرية، التي تبنّت جديا المشروع الوطني لبيان أول نوفمبر 1954، وشعاره الخالد “من الشّعب وإلى الشّعب”.