الرّئيس المدير العام للجزائرية للطّاقة..لطفي زنادي لـ “الشعب”:

الأمـن المـائي..أولوية قصوى في برنامـج الرّئيـس تبـون

حوار: فايزة بلعريبي

 ملتزمـون بخدمة عمومية مستمـرّة.. والمواطـن لـن يعيـش هاجــس نـدرة الميــاه

 السّيادة على قطـاع تحلية ميـاه البحـر.. إنجـاز تحقّـق بــإرادة سياسية قويّــة

 البرنامـج أنجز في ظـرف زمنـي قياسـي بسواعـد جزائريــة خالصــة

 تعدّدت البرامج الوطنية التي تندرج ضمن الإستراتيجية الاستشرافية التي تبنّتها السلطات العمومية بمتابعة شخصية، صارمة وآنية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلا أنها تتقاسم الهدف ذاته وهو تعزيز الأمن المائي للبلاد، وما يمثّله من عامل مؤثّر بشكل مباشر على استقرارها الاجتماعي. من البرنامج الإستعجالي إلى البرنامجين التكميلي الأول والتكميلي الثاني المتعلقين بتحلية مياه البحر، تمكّنت مؤسسات وطنية كبرى على رأسها، الشركة الجزائرية للطاقة - فرع سوناطراك - من تحقيق نتائج غير مسبوقة في قطاع تحلية مياه، حيث بسطت السيادة الوطنية للمؤسسات الجزائرية على هذا القطاع. تفاصيل التجربة الجزائرية التي تمكّنت اليوم من إطلاق أضخم المشاريع إفريقيا، حدثنا عنها الرئيس المدير العام للشركة الجزائرية للطاقة - فرع سوناطراك - القائمة على إنجاز محطات تحلية مياه البحر، لطفي زنادي، في هذا الحوار الحصري لـ “الشعب”..إليكموه.

- الشعب: في ظل شح الأمطار ونقص المياه، برزت تحلية مياه البحر كحل بديل تلعب شركتكم دورا أساسيا في تأمينه. قبل التطرق إلى تفاصيل ذلك، نود لو تعرفونا بالشركة الجزائرية للطاقة..ما هي مهمتها الرئيسية ضمن المكون الاقتصادي الوطني؟
 الرئيس المدير العام للجزائرية للطاقة: في البداية نود أن نشكر من خلال فريقكم، جريدة “الشعب” على هذا الاهتمام واللقاء الذي دعوتمونا إليه. بداية يجب معرفة أن الشركة الجزائرية للطاقة - فرع مجمع سوناطراك - ما هي إلا أداة من أدوات الدولة الجزائرية لتطبيق استراتيجياتها ومشاريعها الكبرى، بصفة خاصة، كل ما هو متعلق بالاستراتيجية الوطنية لتعزيز الأمن المائي للبلاد عبر محطات تحلية مياه البحر التي نشرف عليها، كمهمة أساسية للشركة الجزائرية للطاقة، من خلال الإشراف على تسير، صيانة وتشغيل محطات تحلية مياه البحر حيز الخدمة من جهة، بالإضافة إلى الاشراف على المشاريع الكبرى قيد الإنجاز في هذا القطاع من جهة أخرى.

- تشرفون على ملف تحلية مياه البحر منذ بدايته، ما مدى مساهمته في أمن الجزائر المائي إلى غاية اليوم؟
 فعلا، ملف تحلية مياه البحر عرف عدة مراحل، حيث انتقل قطاع تحلية مياه البحر من دور ثانوي فيما سبق، إلى لعب دور أساسي في تعزيز الأمن المائي للجزائر بفضل الإرادة السياسية الجديدة والقوية القائمة على الاستشراف في هذا القطاع، فبالعودة قليلا إلى الوراء، نجد أن تحلية مياه البحر كانت حلا ثانويا داعما للموارد المائية التقليدية المحلية، عبر خلق مزيج من المياه الغير تقليدية لتعويض فترات النقص المسجل على مستوى مياه السدود والمياه الجوفية خلال فترات الجفاف المتقطعة.
وقد ساهم هذا المزيج ولا زال يساهم بـ 17 % من احتياجات المواطنين من الماء الشروب، أي بمقدار 2.1 مليون م3/يوميا، إلا أنه، ومع التغيرات المناخية المتسارعة واستفحال الجفاف، وبفضل الرؤية والإرادة السياسية القوية للسلطات العليا في البلاد، على رأسها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، فقد تم المضي قدما نحو إستراتيجية وطنية أكثر نجاعة وفعالية في هذا القطاع، وجعل الأمن المائي في البلاد ضمن الأولويات الكبرى للدولة، فتم منذ 2020 إطلاق إستراتيجية جديدة تمثلت بداية في البرنامج الاستعجالي للمياه عام 2021، المتمثل في إنجاز ثلاث محطات تحلية مياه البحر لتعزيز الأمن المائي لشرق العاصمة وغرب ولاية بومرداس بقدرة إجمالية تقدر بـ 150 ألف م3/يوميا مجسدة في محطة الباخرة المحطمة بقدرة 10 آلاف م3/يوميا، محطة المرسى 60 ألف م3/يوميا ومحطة قورصو بقدرة 80 ألف م3/يوميا.
البرنامج الذي تمّ إنجازه في ظرف قياسي، ولأول مرة في تاريخ القطاع بالجزائر، بأيدي ومؤسسات جزائرية خالصة - ما يعتبر نقلة نوعية وتحولا جذريا في قطاع تحلية مياه البحر في الجزائر - مكّن من الانتقال من الشراكة الأجنبية في الإنجاز والتسيير إلى سيادة المؤسسات الوطنية على القطاع، وهذا - في حد ذاته - يعتبر إنجازا وقرارا تاريخيا للسلطات العليا في البلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مؤسّسا بذلك لعهد جديد من التحكم في تحلية مياه البحر بالجزائر. هو تحدّ رفعته المؤسسات الوطنية الجزائرية الكبرى بنجاح، نذكر منها كل من شركة سوناطراك وفروعها من الشركة الجزائرية للطاقة وعبرها الشركة الوطنية للهندسة والبناء وشركة كوسيدار للقنوات. إنه تحدّ وإنجاز ناجح في وقت قياسي وظرف صعب تمثل في جائحة كورونا “كوفيد-19”، حيث أنجزت محطة الباخرة المحطمة في 6 أشهر، المرسى في 11 شهرا ومحطة قورصو في 18 شهرا، محطمة بذلك كل الجداول الزمنية التي كانت تقدمها أحسن الشركات الأجنبية في هذا القطاع، والتي كانت تتراوح بين 36 و56 شهرا للإنجاز. لننتقل بعد هذه التجربة الأولى والناجحة لنسبة 18 % من مساهمة تحلية مياه البحر في حاجيات المواطنين من الماء الشروب، أي بـ 2.2 مليون م3/يوميا.

- تمّ اختياركم لإطلاق عديد البرامج لتعزيز الأمن المائي عبر تحلية مياه البحر في الجزائر، كيف استجبتم لذلك؟
 استقبلنا قرار اختيار الشركة الجزائرية للطاقة، فرع سوناطراك، للإشراف على هذه البرامج الضخمة والمشاريع الإستراتيجية بروح المسؤولية العالية، كوننا أداة من أدوات الدولة المجهزة والجاهزة في أي وقت، وتحت أي ظرف لتطبيق استراتيجيات الدولة وتنفيذ مشاريعها، ونحن على أتم الجاهزية، تدعّمنا في ذلك بكوادر جزائرية عالية التأهيل، تمكّنت من جعل المستحيل ممكنا، وحققت سيادة البلاد على قطاع تحلية مياه البحر بعد أن كان رهينة الشراكات الأجنبية.

- أطلقت الجزائر أضخم البرامج في تاريخ البلاد، وعلى المستوى الإقليمي والدولي، كيف كان التحدي بالنسبة لكم؟
 حقيقة هو برنامج ضخم، وتجسيد للاستراتيجية الاستشرافية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، المتعلقة بمستقبل الأمن المائي للبلاد الذي سيتأثر كثيرا بسبب شح تساقط الأمطار الناتجة عن تسارع التغير المناخي العالمي المؤثر مباشرة على منطقتنا. في هذا الإطار، أطلق رئيس الجمهورية البرنامج التكميلي لتعزيز الأمن المائي في الجزائر، الذي يعد من أضخم المشاريع في قطاع تحلية

مياه البحر في تاريخ الجزائر، ومن أكبر البرامج على المستوى القاري، وضمن المشاريع الكبرى في تحلية مياه البحر على المستوى العالمي، سواء من حيث القدرة الإنتاجية أو قيمة الاستثمار الموجه للقطاع. هذا البرنامج المتمثل في إنجاز 5 محطات كبرى على طول الساحل الجزائري بقدرة إنتاجية تقدر بـ 300 ألف م3/يوميا لكل محطة، أي بإجمالي 1.5 مليون م3/يوميا، وبرقم استثمار يفوق 2.2 مليار دولار للمحطات فقط، دون احتساب استثمارات الربط بالطاقة وقنوات النقل والتوزيع.
هذه المشاريع التي أسندت بقرار تاريخي لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى مؤسسات وطنية جزائرية مائة بالمائة، حيث تمّ إسناد البرنامج لمجمع سوناطراك ومن خلالها الى الشركة الجزائرية للطاقة، في حين أسندت أشغال الإنجاز لفروع مجمع سوناطراك وكوسيدار للقنوات، على النحو التالي:
- محطة بريحان ولاية الطارف لمؤسسة الأشغال الصناعية الكبرى فرع سونطراك SARPI
- محطة توجة ولاية بجاية للمؤسسة الوطنية للقنوات فرع سوناطراك ENAC
- محطة كاب جنات 2 ولاية بومرداس للشركة الوطنية للأشغال البترولية الكبرى GTP
- محطة فوكة 2 ولاية تيبازة لكوسيدار للقنوات فرع مجمع كوسيدار COSIDER CANALISATION
- محطة الرأس الأبيض بولاية وهران للشركة الوطنية للهندسة والبناء فرع سوناطراك GCB
من جهة أخرى، تعتبر هذه المشاريع تحديا ترفعه أيدي جزائرية من خريجي الجامعة ومعاهد التكوين الجزائرية، بكفاءة وروح مسؤولية عالية جدا. والنتائج المحققة ميدانيا تؤكد ذلك، سواء فيما يخص تسيير وصيانة 14 محطة حيز الخدمة أو سير وتقدم أشغال إنجاز المشاريع الكبرى، التي هي قيد الإنجاز وتقترب حاليا من مراحلها الأخيرة والحاسمة قبل تسليمها.

-  كيف تمكّنت الشّركة الجزائرية للطّاقة من رفع التّحدّي؟
 هذه الديناميكية هي نتاج تراكم الخبرات التي اكتسبتها الشركة الجزائرية للطاقة على مرّ عقدين من الزمن، كونها متواجدة في الميدان منذ 24 سنة، مع ذلك استطاعت في هذا الظرف الوجيز أن تكتسب من الخبرة ما يمكنها من التحكم التام في قطاع تحلية مياه البحر من كل جوانبه، وأن تكون أداة فعالة في يد الدولة الجزائرية، استطاعت أن تنجح في تنفيذ سياسة الإدماج الوطني سواء من الجانب البشري بنسبة 99 بالمائة، أو المادي من حيث البناء بنسبة 99 بالمائة، أو من حيث التجهيز بنسبة 30 بالمائة، ممّا يعزّز مكانة بلادنا في هذا المجال ويجعلها في موضع تستطيع من خلاله العمل على المستوى القاري والدولي، لتصدير الخبرة والكفاءة الجزائرية في هذا المجال من حيث التسيير، الصيانة وانجاز المشاريع.
من جهة أخرى، وبالإضافة للبرنامج التكميلي الأول الذي هو قيد الإنجاز، فإن السلطات العليا للبلاد أقرّت برنامجا تكميليا ثانيا بقدرة إجمالية تقدر بـ 1.8 مليون م3/يوميا عبر 6 محطات جديدة منتشرة عبر كل الساحل بقدرة 300 ألف م3/يوميا عن كل محطة، ستكون مهمتها الوصول لعمق 150 كم نحو المناطق الداخلية لتعزيز أمنها المائي. ولن تقتصر فقط على المدن الساحلية، كما سيرفع البرنامج ذاته من مساهمة تحلية مياه البحر في تلبية حاجيات المواطنين من الماء الشروب الى 5.5 مليون م3/يوميا، أي بنسبة 60 %. وهذا استشراف آخر بعيد المدى للسلطات العليا لتعزيز مستقبل الأمن المائي في الجزائر بشكل جذري ونهائي.

- ما هي آفاق وتحديات قطاع تحلية مياه البحر على الأمد القريب، المتوسّط والبعيد؟
 عندما نتكلّم عن التحديات، يجب الإشارة إلى نقطة مهمة وجوهرية يغفل عنها كثيرون بخصوص هذا القطاع، فالتحدي الأكبر لا يكمن في إنجاز وتشييد هذه المحطات، بقدر ما يكمن في تسيير وصيانة وتأمين محطات تحلية مياه البحر لمدة لا تقل عن 25 سنة من حيث الجودة والفعالية المطلوبتين، حيث أنّ الأمن المائي في البلاد يتم عبر تأمين الصيانة والتسيير الحسن وتأمين توفير التجهيزات ومستلزمات التشغيل الأمثل لهذه الأخيرة، وبتصنيعها محليا. في هذا الصدد، تعمل الشركة الجزائرية للطاقة عبر مديرية التطوير ومديرية التشغيل والصيانة على دمج المنتوج الوطني ضمن خطط التطوير والصيانة، كما تعمل على إيجاد شركاء جادين لتصنيع التجهيزات واسعة الاستخدام محليا. ونحن ماضون ضمن هذه المقاربة بخطوات ثابتة، وبرفعنا لهذا التحدي نكون قد حقّقنا أمننا المائي كاملا، وهذا الأمر في متناولنا بالتأكيد.

-  كلمة لقرّاء “الشعب”..
 أود أن أؤكّد مرة أخرى أنّ الشّركة الجزائرية للطاقة - فرع سوناطراك - بجميع كوادرها وموظفيها، مجنّدة من أجل تجسيد استراتيجية رئيس الجمهورية فيما يخص ضمان الأمن المائي للبلاد، كما أنّنا ملتزمون كل الالتزام بالعمل من أجل توفير خدمة عمومية مستمرة، وتطوير فعاليتها باستمرار لتكون في مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها، الذي يبقى طموحنا الدائم وهدفنا الأساسي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024