المديرة الفرعية لإعادة التشجير، صبرينة راشدي:

الكـل بحاجـة لمساحـة خضـراء ليعيــش في بيئـة سليمــة

حوار: زهراء - ب

تقول المديرة الفرعية لإعادة التشجير والمشاتل بالمديرية العامة للغابات، صبرينة راشدي، في حوار مع «الشعب»، إنّ المخطّط الوطني للتشجير الذي انطلق منذ 20 سنة، حقّق 67 بالمائة من أهدافه، حيث تمّ تشجير مساحة 841 ألف هكتار، من مجموع مليون و245 ألف هكتار هدف محدّد، ومن أجل تعميم الثقافة البيئية عن طريق التشجير، يتم سنويا القيام بحملات تحسيسية لإشراك فعاليات المجتمع المدني والهيئات الوطنية والدولية في عمليات تجديد الفضاء الغابي أو إنشاء مساحات خضراء في المحيطات العمرانية الجديدة، مشيرة إلى أنّ الساكن يحتاج إلى 10 متر مربع من المساحة الخضراء حتى يعيش في بيئة سليمة.

كما تتحدّث في هذا الحوار، عن مشاريع التشجير الاقتصادي، الذي يستهدف غرس الأشجار المثمرة في المناطق الجبلية والمعزولة، موضحة أن مديرية الغابات تتكفّل بمنح الشتلات مجانا للسكان الجواريين للغابة والفلاحين العائدين لخدمة أرضهم بعد هجرها.
-  الشعب: ما هو واقع التشجير في الجزائر ؟
 المديرة الفرعية لإعادة التشجير صبرينة راشدي: من سنة 1984 إلى 2008، بذلت عدة مجهودات من أجل رفع مساحة الفضاءات الغابية، وخلال هذه الفترة ازدادت المساحة الغابية بمليون هكتار، حيث انتقلت من 3 ملايين و900 هكتار إلى 4 ملايين و115 ألف هكتار بفضل البرامج المسطرة ضمن المخطّطات السنوية، والخماسية، والمخطط الوطني للتشجير، الذي انطلق في 2008.
الهدف من التشجير إعادة تأهيل وتعمير المحيطات المتدهورة سواء من جراء الحرائق أو الرعي الجائر، أو توسع الخرسانة، لأنّ الغطاء النباتي يستنزف من عدة جهات، لذلك نعمل في كل مرة على استعادة الغطاء النباتي عن طريق التشجير، ولو أن هناك تجديد طبيعي هو الأفضل لأنّ الشتلات تتأقلم مع الوسط الذي تنمو فيه، ولكن إذا تعذّر التجديد الطبيعي نلجأ إلى عملية الغرس.
المخطّط الوطني للتشجير كان يرمي إلى تجسيد مليون و245 ألف هكتار على مدى 20 سنة، وحققنا في 2021، 67 بالمائة من الهدف الإجمالي المسطر، أي قمنا بتشجير مساحة 841 ألف هكتار إلى غاية ديسمبر 2021، وفي كل سنة نحاول تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف للبرامج المسطرة، خاصة ما يخص باختيار الشتلات.
وبسبب التغيرات المناخية، أصبحت الفترة الحارة تمتد من 3 إلى 4 أشهر، وهذا لديه أثر على عمليات التشجير، وبالتالي نضطر إلى توقيف عمليات الغرس في ديسمبر، لأن كل عمليات التشجير التي تتم في جانفي، فيفري، مارس، أفريل وماي، تحتاج إلى سقي مكثف حتى نضمن نجاح المغروسات.
- يعد المجتمع المدني شريكا في حملات التشجير وحماية المحيطات الغابية، ما هي الإستراتيجية الاتّصالية المسطّرة لتوسيع مشاركته؟
 فيما يخص توعية المجتمع المدني حول ضرورة حماية الثروة الغابية، نقوم بحملات تحسيسية، وحملات تشجير تطوعية بمساهمة الجمعيات وهيئات المجتمع المدني، وكل من يرغب في المساهمة في عمليات التشجير يتقدم الى مديريات محافظات الغابات على مستوى الولايات الـ 58، ولكن يجب احترام فترة الغرس، التي تمتد من 25 أكتوبر إلى غاية 21 مارس، و21 مارس هو نهاية موسم التشجير، والكثير من فعاليات المجتمع المدني والجمعيات تنسى أنّ بداية التشجير تكون في أكتوبر وعندما يصل مارس يريدون الغرس، وهذا خطأ، في مارس ينتهي موسم التشجير، وشاهدنا هذا العام أنه لم تكن أمطار كثيرة، وبالتالي ضاعفنا عمليات التحسيس من أجل التوضيح أنّ إعادة تأهيل الأنظمة الإيكولوجية الغابية ليس بعملية الغرس فقط، وإنما بعملية صيانتها وتنظيفها من الأحراش التي تكون سببا في الحرائق في فصل الصيف، وبالتالي نعمل مع الجمعيات.
هذا العام أبرمنا عدّة اتفاقيات مع هيئات جزائرية وحتى دولية أرادت المساهمة في عملية تجديد الفضاءات الغابية التي تضررت من حرائق جويلية السنة الماضية، منها سفارة هولندا، ومؤسسة دولية ساهمت في غرس 200 ألف شجرة عن طريق تمويل الجمعيات.
نصر على أن تكون الجمعيات همزة وصل بين الإدارة والمجتمع المدني، الإدارة كمسؤول على حماية هذه الثروة وتحسينها والاستثمار فيها والجمعيات كيد مساعدة في هذا الهدف، لأن الثروة الغابية هي ميراث جيل عن جيل، وبالتالي كل جزائري مسؤول عن حمايته وتثمينه وازدهاره.
ومن أجل ذلك، أبرمت عدّة اتفاقيات مع جمعيات من أجل غرس مليوني شتلة، فوراء إنتاج شتلة هناك مجهودات أعوان يقومون بوضع البذرة ومتابعتها في المشتلة حتى تمنح مجانا للجمعيات والخواص لغرسها، ثم تترك على أساس أنّها ستنمو بمفردها، ولكن الشتلة تحتاج إلى اهتمام ومتابعة، مثلها مثل الرضيع، تحتاج إلى متابعة واهتمام على الأقل من سنتين إلى خمس سنوات، حتى نضمن نمو الشتلة.
حماية وازدهار الثروة الغابية مهمة الجميع، لهذا شعار العمل مع الجمعيات هو «نغرسها ونكبرها»، بمعنى كل واحد يغرس شجرة يكون مسؤولا عن متابعتها إلى غاية نموّها، وتصبح شجرة قادرة على تأدية وظائفها الإيكولوجية والإقتصادية لأنّ الشتلات الغابية لديها أهمية اقتصادية ليست الأشجار المثمرة فقط، من هي اقتصادية لأنّها تدر ثمارا، إنما حتى الشتلات الغابية اقتصادية ولديها ثمار، ويمكن استخلاص فوائد سواء كانت طبية أو عطرية منها، وبالتالي كل ما هو موجود في الطبيعة مهم جدا للتّوازن الإيكولوجي والبيئي، حتى نقلل من الاحتباس الحراري الذي نعاني منه، ويتزايد درجات الحرارة سنة بعد سنة، ما يتسبّب في تدهور الغطاء النّباتي، لأنّ وجود توسيع الغطاء النباتي يزيد من الرطوبة وبالتالي سيقلّل من الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة والعكس صحيح، ما يؤدّي إلى تدهور الغطاء النباتي، وظهور التصحر وندرة الموارد المائية سواء جوفية أو سطحية، وبذلك نستنج أنّ النظام الإيكولوجي الغابي مهم جدا، لحماية ثروة المياه، والتوازن الايكولوجي لوفرة مناصب شغل للسكان الجواريين للغابة والمتواجدين في الأوساط المعزولة، خاصة أنّ الغابة موجودة في المناطق الجبلية المنعزلة، وبالتالي حماية الثروة الغابية كميراث للأجيال مهمة الجميع.
- على ذكر الأشجار الاقتصادية، أوصى رئيس الجمهورية بإيلاء الأهمية للأشجار المثمرة عند تجديد المساحات الغابية المتضرّرة من الحرائق، هل تمّ تجسيد ذلك؟
 لوزارة الفلاحة برنامج غرس للأشجار المثمرة، ونحن كمديرية غابات نساهم بإعطاء الشتلات في المناطق الجبلية فقط، لأنّ مهمتنا الغرس في مساحات لا تتجاوز هكتارين، أما المساحات الكبيرة فهي من مهام المصالح الفلاحية، لذلك نمنح الفلاحين والسكان الجواريين للغابات الأشجار المثمرة للاستفادة منها، حتى لا يتّجهون إلى قطع الأشجار أو الاستغلال غير المقنن وغير الشّرعي للغابة، ثم يصبحون بذلك شركاء في حماية الفضاءات الغابية.
نركّز على منح شتلات الفلين، الصنوبر الحلبي، الكاليتوس، الزيتون والتين، الكرز والخروب، وهذه الأخيرة بدأ مشروع غراستها في مساحات صغيرة وكل سنة نوسع مساحتها حسب الطلب، وبدأنا في تطوير شعبة الخروب في 2019، والآن لدينا طلبات كثيرة للاستثمار في هذا النوع من الشجر المثمر، لأنّها شجرة يمكن غرسها في جميع مناطق الوطن ولديها فوائدة متعددة، فيمكن أن تحول ثمارها إلى مسحوق بديل للكاكاو، كما تصلح كأعلاف للحيوانات، كما أنّها شجرة تثبت التربة وتقاوم للجفاف، وهي شجرة علفية تستغل للرعي، واقتصادية، ولكن يجب مراعاة شروط جني ثمارها، لأنّ نزعها قبل النضج تهلك الشجرة، وبالتالي يجب مراعاة المسار التقني لجني الثمار، وهذا مؤطر من طرف الأخصائيين حتى لا يكون استغلال عشوائي لهذه الثمار ولا نهلك الأشجار.

- يغيب التّشجير في الأحياء الجديدة، هل يوجد برنامج لتوسيع اهتمام المواطنين بغرس الأشجار في هذه المناطق؟
 إذا لاحظنا عدد طلبات المجتمع المدني عن طريق الجمعيات وحتى الخواص وممثلي الأحياء والمجمعات السكانية خاصة في السكنات الجديدة، مختلف الصيغ، نشاهد أنّ السكان يعملون على المساهمة حتى أنّه يوجد في برامج السكن مساحات خضراء، ولكن بعضهم يشترون الشتلات، ويتقرّبون من محافظات الغابات لأخذ نصائح تقنية حول الأصناف التي تلائم المنطقة التي يقطنون فيها حتى لا تقطع، توجد طلبات كثيرة لدى محافظات الغابات حول أشجار الزينة لاستعمالها في المساحات الخضراء، أو مصدات الرياح المستعملة في المستثمرات الفلاحية، وتوجد طلبات كثيرة من سكان عادوا إلى أراضيهم، يفضّلون الأشجار المثمرة الريفية، مثل الزيتون، التين والكرز.
نشاهد في السنوات الأخيرة، وبعد الحملات العديدة مثل «شجرة لكل مواطن»، «43 مليون» وبثها عبر وسائل الإعلام، توسع الاهتمام بالمشاركة في عمليات التشجير، ويوجد أطفال شاركوا في حملات منذ 2008، والآن أصبحوا يتابعون الأشجار التي غرسوها.
ما زالت مجهودات تبذل لأنه يوجد أعداء الطبيعة، فكما نغرس يوجد من يقطع، ولكن نقول نحن هنا، وسنواصل التحسيس حتى يصبح التشجير منعكسا فطريا، وقبل بناء منزل جديد تغرس شجرة أمامه، لأن الجميع يجب أن يعرف أن كل ساكن يحتاج إلى 10 متر مربع من المساحة الخضراء حتى يكون في بيئة سليمة سواء كانت صحية أو ذهنية، لأنّ المساحات الخضراء تقلّل التلوث، وتتأقلم مع التغيرات المناخية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024