د. رضوان مجاجي لـ «الشعب»:

المفاوضات ستكون مجدية عندما تتمّ بين روسيا وأمريكا

حوار: عزيز.ب

قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة سعيدة، الدكتور رضوان مجاجي، إنه لا يجب اجتزاء المشهد اليوم من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا من المعادلة الدولية، لافتا إلى أن المفاوضات، حال إقامتها، ستكون مجدية فقط عندما تجلس روسيا وأمريكا إلى طاولة واحدة للتفاوض، مشيرا إلى أن التطورات المتسارعة حتمت على الطرفين ضرورة عقد اجتماع يستدعي وفودا عسكرية وحكومية للجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض لتهدئة الأوضاع والتقليل من شدة العمليات العسكرية بين الأطراف المتنازعة.


- «الشعب»: الرئيس بوتين أمر بوضع قوات الردع الاستراتيجي الروسية في حالة تأهب بعدما وصف التصريحات الصادرة عن «الناتو» بالعدائية، ما تعليقكم؟
 «رضوان مجادي»: لقد أصبح العالم اليوم ينشغل بأحداث الأزمة الروسية- الأوكرانية ويتطلع إلى متابعة تطوراتها وفهم خلفياتها ومسبباتها، وكذا تداعياتها وتأثيراتها على العلاقات الدولية، خاصة في مستوى الصراع الأيديولوجي بين الكتلة الغربية وروسيا -حاليا- ويمكن أن يتطور ذلك إلى مستوى حرب بين معسكرين شرقي وغربي متى برزت سياسة التحالفات في مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، كما كان معروفا سلفا، فالتاريخ يكتب الأحداث ويوقع على تفاصيلها التي أضحت تغذي محور الأزمات بشكل مستدام من هذا القبيل.
على وجه الخصوص، الأزمة سلكت طرقا أخرى وأججت الأوضاع الراهنة، إلى أن أصبحت مصدر قلق للمجتمع الدولي، خاصة مع انتهاج سياسة التصعيد في الخطاب المتداول، حيث لمّحت روسيا لجاهزيتها لاستخدام أسلحة فتاكة، وهو رد فعل مضاد لتصريح حلفاء الكتلة الغربية الممثلين في حلف الناتو، طالما أن العداء بين روسيا والغرب أضحى يطفو ويسلك منحنيات خطيرة قد تهدد الأمن والسلم العالميين، مع العلم أن الصراع اشتد ووصل إلى مرحلة استعراض القوة على حساب العقلانية والرتابة.

-  هل تعتقدون بأن روسيا بإمكانها استخدام السلاح النووي ضد الناتو؟
 التكهن بمثل هكذا فعل من طرف دولة روسيا في استخدام السلاح النووي لكبح تحركات مرصودة لحلف الناتو تجاهها يبدو صعبا، خاصة في فهم طبيعة العلاقات الدولية التي يغلب عليها طابع عدم اليقين وصعوبة التنبؤ وتوقع اتخاذ روسيا لموقف عسكري قد يفاضل بين خيارين، الأول التأكيد على جهوزية القوة العسكرية الروسية والثاني احتمالية استخدام النووي لإرباك الكتلة الغربية وخلط حسابات التدخل بطرق مباشرة أو غير مباشرة لدعم أوكرانيا عسكريا، وأن مخاوف روسيا هي أمنية وسياسية أكثر منها اقتصادية.
غير أنه يمكننا فهم الموقف الروسي إزاء التصريح باستخدام الأسلحة النووية من منظور المقاربة الأمنية، وهي المدخل الذي يوفر جملة من الأسباب التي دفعت روسيا بأن تتخذ موقفا شجاعا وجريئا. فالعقيدة الأمنية الروسية غير متسامحة ولا تتساهل في التعاطي والتعامل مع كل ما يهدد أمنها القومي، وهنا يبقى احتمال استخدام السلاح النووي مرهونا بسلوك الكتلة الغربية ونواياها من خلال التحركات التي تباشرها جراء مسايرة الأزمة أو إدارتها بالطرق المعهودة.
وهناك شق آخر على قدر من الأهمية، وهو أن استخدام السلاح النووي ليس بالخيار المتاح والمسموح به للدول من منظور القانون الدولي، وهنا سيتحرك المجتمع الدولي في الساعات القليلة القادمة للتباحث في هذه النقطة ورصد مكامن الأزمة، أو على الأقل التحرك السياسي في إطار التهدئة والتحضير لمفاوضات ترسم خارطة وترتيبات النظام العالمي من الزاوية التوافقية، وهو ما كان بالفعل.

- بدأت المفاوضات بين الجانب الروسي والأوكراني، فهل من انفراج قريب؟
 التطورات المتسارعة حتمت على الطرفين، روسيا وأوكرانيا، ضرورة عقد اجتماع يستدعي وفودا عسكرية وحكومية للجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض لتهدئة الأوضاع والتقليل من شدة العمليات العسكرية بين الأطراف المتنازعة، وهي عملية لا تقترن بخطوة واحدة، وإنما لها مستويات تساير تطورات الأزمة.
-ما هو مطلوب في التفاوض، بحسب المعطيات، أن الطرفين ناقشا الأسباب والعوامل التي صعدت من الأزمة وأحالتهما على هامش الاقتتال والحرب، وينتظر منهما التوصل إلى حلول، وأن تكون تنازلات، شريطة تحقيق الاستقرار والأمن المشترك بين البلدين، دونما حاجة إلى تدخل أطراف خارجة عن المحور الجغرافي الذي تشترك فيه الأطراف ثقافيا وتاريخيا وعرقيا. كما أن هناك احتمالية فشل سبل الحوار والتفاوض، خاصة وأن روسيا لها مشاكل بامتياز مع القيادة السياسية التي تحمل فكرا يخالف عقيدتها.
- يبدو أن المعادلة ليست بين روسيا وأوكرانيا بل المسألة لها علاقة بالاستقرار الاستراتيجي بين روسيا، وأمريكا ما قولكم؟
أوكرانيا جغرافيا هي نقطة قوة أو ضعف، سواء لروسيا أو الكتلة الغربية، والصراع في هذا المحور لا يمكن التنبؤ بنتائجه، فمن يحتوي المنطقة سيهمن على محور العلاقات الدولية في المجالات السياسية والاقتصادية، خاصة أن الخلفية التاريخية للصراع بينهما مبنية على عوامل أيديولوجية وثقافية وجغرافية في نفس الوقت، وهو ما تسعى إليه أطراف هذا الصراع لفرض نوع من التوازن، على الأقل، وتبقى استراتيجيات وسياسات التوسع قائمة لتقويض قوة أحدهما على الآخر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024