يؤكد رئيس جمعية المصدرين الجزائريين، علي باي ناصري، في حوار لـ “الشعب أون لاين”، أن السنة المنقضية قدمت مؤشرات جد إيجابية على إمكانية الذهاب نحو أنموذج اقتصادي قائم على الإنتاجية، بدليل بلوغ هدف “تصدير قرابة 5 ملايير دولار”. وتوقع أن تبلغ الصادرات في السنة الجارية 7 ملايير دولار، خاصة إذا ما تم تعديل المنظومة القانونية في مجال الاستثمار والنقد والصرف.
الشعب أونلاين: تركز الجزائر على فتح معابر حدودية تجارية مباشرة مع دول الجوار، منها الدبداب وإن قزام وتندوف، كيف يستفيد المتعاملون الجزائريون من هذه المعابر؟
علي باي ناصري: لهذه المعابر أهمية كبيرة في جوانب عديدة، أهمها تمكين المصدرين الجزائريين من المنافسة بأسواق دول الجوار، بالنظر إلى ما توفره من امتيازات لتسويق منتجاتهم مباشرة إلى السوق الذين يريدون ولوجه.نتحدث عن أهمية معبر الدبداب، لأن عوامل عديدة تجعل ليبيا، في الوقت الحالي، من الأسواق المهمة جدا بالنسبة للمتعاملين المحليين، أهمها احتياجات هذه السوق والفرص التي تتيحها في قطاعات عديدة، إضافة إلى توفر قدرة شرائية في هذه الدولة، وهي نقطة مهمة مقارنة بدول جوار أخرى.
ليبيا تعيش حالة استقرار أمني، وفي مرحلة إعادة إعمار، لذلك السوق هناك تتطلب احتياجات كبيرة جدا، خاصة في الأشغال العمومية، الري والبناء.
تشير التقديرات إلى سوق بـ1000 مليار دولار. 200 مليار دولار في قطاعات تهم المتعاملين الاقتصاديين المحليين، والجزائر يجب على الأقل أن تستفيد من 10٪ أي ما يعادل 20 مليار دولار. مثلا السوق في دولة النيجر تهمنا، لكن درجة أهميتها اقتصاديا ليست بدرجة ليبيا، لذلك أقول إن معبر الدبداب مهم جدا بالنسبة للتجارة الخارجية الجزائرية.
وتتجلى نجاعة هذه المعابر في تجربة معبر موريتانيا من خلال النتائج المحققة، فمنذ دخول معبر تندوف الخدمة ارتفعت صادرات الجزائر من السكر، الإسمنت، مواد الحديد والصلب نحو السوق الموريتانية.
حققت الصادرات خارج المحروقات في 2021 أرقاما قياسية، ما عوامل ذلك؟
ارتفاع صادرات البلاد في 2021 راجع إلى عديد العوامل، أبرزها الاستثمارات الهامة في بعض القطاعات، نذكر منها الحديد والصلب، وهي أول مادة مصدرة في 2021، إذ بلغت قيمة صادرات الجزائر من هذه المادة 1 مليار دولار، مقابل ما يقارب 200 مليون دولار في 2017.
نفس الشيء بالنسبة لمادة الإسمنت، الذي ارتفع إنتاجها بالجزائر كثيرا بفضل الاستثمارات الهامة في السنوات الأخيرة، ولا ننسى أيضا أن ارتفاع صادرات هذه المواد له علاقة أيضا بانتعاش أسعار النفط.
ما توقعاتكم لصادرات البلاد هذا العام؟
الأرقام المحققة في 2021 بلغت نحو 5 ملايير دولار وهي مرشحة إلى الارتفاع العام الجاري. ينتظر تسجيل منحنى تصاعدي، خاصة في مواد مثل الإسمنت، والمواد المشتقة من البترول، الحديد والصلب.
بحسب ما هو متوفر لدينا من معطيات، نتوقع وصول قيمة صادرات الجزائر سنة 2022 إلى 7 ملايير دولار، خاصة إذا ما تم الإسراع في تعديل القوانين لتوسيع صادرات الجزائر خارج المحروقات وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي للمنتجات الموجهة للتصدير خارج المحروقات.
وما المطلوب تحديدا؟
في هذا الجانب، نشير إلى ضرورة الإسراع في تعديل بعض القوانين، منها قانون الصرف. كما أن الشركات التي تريد التوجه نحو التصدير بكميات كبيرة، يتعين عليها فتح شبكات توزيع في الخارج، وقانون الصرف الحالي لا يساعد على ذلك، وهو ما طالبنا به في لقاءات جمعتنا بمحافظ بنك الجزائر.
نتحدث أيضا عن قانون الاستثمار، فقد حان الوقت لسد جميع النقائص الموجودة وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية من أجل الاندماج في الاقتصاد العالمي، في موضوع التجارة الخارجية من المهم جدا توسيع قاعدة عرض المنتجات المحلية. حاليا، لدينا قائمة منتجات محدودة توجه للتصدير، مثلا، صدرت الجزائر 160 مادة فلاحية سنة 2021، لكن 92٪ من إجمالي الصادرات الفلاحية تمور (73٪)، وخروب ومشتاقته بـ(19٪).
لذلك نحتاج إلى استثمارات أكثر لرفع قاعدة عرض منتجات جزائرية موجهة للتصدير.
علينا الاستثمار أكثر في الصناعات التحويلية، وتركيز استثمارات في قطاعات تستقطب العملة الصعبة ولا تستهلكها، لذلك وجب الإسراع في تعديل قانوني الاستثمار والصرف.
وأضيف، أنه يمكننا الاستفادة كثيرا من استثمارات أجنبية تعود بفائدة على الخزينة العمومية وتنقل لنا تكنولوجيا وتجارب تخدم اقتصادنا.
ما هي القطاعات التي يمكنها تسجيل قاعدة إنتاج كبيرة ويعول عليها في رفع الصادرات خارج المحروقات؟
قطاع الصناعة الصيدلانية، بالنظر إلى أنه أصبحت لدينا شركات كبيرة قادرة على توسيع شبكة عرض مواد صيدلانية جزائرية. وهنا أشير إلى ضرورة الاستثمار في تصدير اللقاح المضاد لفيروس كورونا.
عموما، قطاع الصناعة الصيدلانية بالجزائر بدأ يتوسع، ومن خصائصه قوة الإنتاج، وهو قطاع يستحق الاستثمار وهو من الصناعات المستقبلية للجزائر.
وبالحديث عن الصناعات المستقبلية، الجزائر لديها كل المؤهلات للاستثمار في مجال صناعة السيارات الكهربائية مع شركات كبرى، والتصدير نحو أسواق أجنبية.
تتحدث السلطات العليا عن تحقيق قفزة اقتصادية، كيف يمكن إنجاح هذا المسعى؟
إضافة إلى ما سبق ذكره، النجاح الاقتصادي مرتبط بعوامل عديدة، أهمها العمل على تجسيد استثمارات كبرى وهذا يحتاج إلى توفير بيئة أعمال تشجع على الاستثمار وتستقطب الأموال، يرافقها عمل دبلوماسي كبير.
الجزائر لديها مؤهلات كثيرة مشجعة؛ مناطق للتبادل الحر بالجنوب، توفر يد عاملة، موارد طاقوية…إلخ. بالمقابل، نقائصنا معروفة والحلول موجودة.