يرى منسق مصلحة كوفيد بمستشفى مايو بباب الوادي الدكتور كريم سعدي، أن المنحنى التصاعدي للإصابات بالمتغير الجديد أوميكرون، قد يؤدي إلى انهيار المنظومة الصحية. مشيرا أن الأطفال أدوا دورا في نشر العدوى، مما جعل الأرقام تتصاعد بشكل لافت، داعيا المواطنين إلى الابتعاد عن الاستهتار الذي يؤدي إلى تواصل حاد في ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس.
الشعب : مع تسجيل زيادات قياسية في الإصابات وعدد الوفيات، هل يمكن أن تشكل هذه الأرقام تهديدا للمنظومة الصحية؟
الدكتور سعدي: طبعا، المنظومة الصحية قد تجد نفسها للمرة الثانية بعد الموجة الشرسة التي عشناها شهري جويلية وأوت الماضيين في مواجهة وضعية صعبة بسبب الضغط الرهيب الذي يحدثه المتحور «أوميكرون» المتفشي بشكل واسع ومتسارع، ما تسبب في توتر لدى الأوساط الصحية التي كانت في وضعية ترقب بعد ارتفاع منحنى الإصابات منذ أكثر من أسبوعين، حيث توقعت تصاعدا رهيبا عند دخول الذروة وهذا ما نعيشه حاليا.
- بعد تجاوز متحور أوميكرون «دلتا» في نسبة الإصابات بـ57٪ من إجمالي الحالات المكتشفة، هل يمكن القول إن المتحور الجديد سيسيطر على الوضع في الأسابيع المقبلة؟
-- في حال استمرار المنحنى التصاعدي لعدد الإصابات بالمتغير الجديد، فإنه سيسيطر بنسبة أكبر على الوضع الصحي، وهذا بالنظر إلى خاصيته المعروفة بقوة الانتشار بثلاثة أضعاف مقارنة بالمتغير دلتا، خاصة وأننا نعيش الذروة، وبذلك سنعرف عدوى عدد كبير من الأشخاص الذين يعتقدون أنها نزلة برد، لكن في الغالب هي أعراض متحور أوميكرون، وذلك واعتمادا على المعطيات والدراسات العلمية المتاحة، فإن المتحور الجديد سيهيمن على الوضع الصحي، وهذا حسب ما تعيشه أغلب البلدان.
-هل خاصيته الجينية بكونه يحدث طفرات كثيرة هي السبب في توقع سيطرته على الوضع الصحي؟
طبعا، خاصية الانتشار السريع التي يتميز بها المتغير أوميكرون وكذا فترة حضانته وعدد طفراته التي تتجاوز 32 طفرة مقارنة بالطفرات الأخرى، يجعلنا نتوقع أنه المتغير المهيمن مستقبلا.
- بحسب الملاحظات الميدانية، هل متحور أوميكرون ودلتا من عائلة واحدة، وهل حقيقة أعراض أوميكرون خفيفة ولا تتطور في الجهاز التنفسي؟
-- المتحورات من عائلة واحدة، لكن الخاصية تختلف وجميع المتغيرات الجديدة هي سلالات من فيروس كورونا تتميز بصفة واحدة ترتبط بتغيير صفة أو أكثر من الصفات التالية المتمثلة في زيادة قدرة الفيروس على الانتقال أو التغيير في الوباء، وكذا تغير المظاهر السريرية للمرض، خاصة مع انخفاض فعالية تدابير الوقاية أو وسائل التشخيص واللقاحات والعلاجات المتاحة.
أما عن الأعراض، فعلا أوميكرون يصيب الجهاز العلوي التنفسي وأعراضه تتمثل في درجة حرارة بسيطة في الجسم، سعال جاف، حكة أو التهاب في الحلق، فقدان حاستي الذوق أو الشم، إعياء، صداع، غثيان وقيء وإسهال، احتقان أو ضغط في الجيوب الأنفية أو سيلان الأنف. أما المتحور دلتا، فإنه ينتقل مباشرة إلى الجهاز التنفسي السفلي المتمثل في الرئتين، مما يزيد الحاجة إلى مادة الأكسجين.
-كيف يمكن التمييز بين الأنفلونزا و»أوميكرون»؟
--لا يمكن التمييز من الناحية الصحية والأعراض. لكن الملاحظ ميدانيا، أن أعراض أوميكرون أكثر قوة من الأنفلونزا الموسمية. ولتأكيد الفرق فالحل في تحليل» بي.سي.أر» وليس الاختبار السريع لتشخيص الفيروس، فهو لا يعطي النتيجة الحقيقية قبل 5 أيام من المرض، وهو ما غالط الكثير من المواطنين.
وأؤكد هنا، أن الأشخاص الذين لديهم أعراض خفيفة عليهم بعزل أنفسهم إلى غاية تأكد العكس. وأشير بخصوص تحليل «بي.سي.أي «، أن استعماله في المستشفيات يقتصر على حالات الاستشفاء فقط، أما حالات التشخيص العادية فيعتمد فيها على «سكانير» وهذا بالنظر إلى تفاقم حالات المرض.
-على ضوء ارتفاع عدد الإصابات بأوميكرون عند الأطفال، هل يجب التشخيص المبكر والعلاج السريع لتفادي المضاعفات؟
--ما يجب الإشارة إليه، أنه تم تسجيل عدد كبير من الإصابات بهذا المتحور عند الأطفال الذين هم أكثر تأثرا بالفيروسات التنفسية، خاصة لدى الفئة العمرية بين 11 إلى 17 سنة التي يبقى عندها الفيروس مدة أطول، ما يزيد إمكانية نقل العدوى إلى الكبار من عائلاتهم ومحيطهم القريب.
- وما هي الأعراض الشائعة عند الأطفال؟
--أغلبهم يعاني من الحمى، آلام الحلق، السعال والإرهاق، حيث سجلت مصالح طب الأطفال نسبة إقبال تجاوزت 15 حالة يوميا. وما يجب الإشارة إليه، أن الخطورة عند الأطفال تكمن في نقل العدوى لأكثر من 15 شخصا في وقت قصير جدا، الأمر الذي سيجعل من المتحور الجديد المهيمن في الأيام المقبلة ويؤدي إلى تسجيل إصابات غير مسبوقة في حال عدم توخي الحيطة والحذر.
-هل صحيح أن الأطفال الأقل من خمس سنوات أقل عرضة للإصابة من الفئة ما فوق 11 سنة؟
-- بحسب مصالح طب الأطفال، فإن الفئة العمرية فوق 11 سنة الأكثر عدوى بالمتحور الجديد «أوميكرون»، وهذا خلافا لسلالة دلتا التي أصابت الأطفال أكثر من كوفيد المرجعي، إلا أن تأثير «أوميكرون» عليهم يبدو أقوى، لكن يبقى غير خطير، بحسب الدراسات الأخيرة، ماعدا الفئات التي تعاني أمراضا مزمنة أو تنفسية.
إن الوضع خطير ويجب العودة الى التلقيح لضمان الحماية الجماعية، مع الالتزام الصارم بالتدابير الوقائية المتمثلة في ارتداء القناع الواقي والتباعد الجسدي من أجل كسر سلسلة العدوى، وكذا لتعبر هذه الموجة بردا وسلاما على بلادنا.