- الوضع الوبائي مسيطر عليه وغلق الجامعات مستبعد
- نظام التفويج أثمر تحجيم خطر تفشي الوباء
يرى المنسق الوطني للمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، الدكتور عبد الحفيظ ميلاط، أن «كناس» ستكون شريكا أساسيا في الإجراءات التي تتخذها وزارة التعليم العالي للحد من انتشار فيروس كورونا في الوسط الجامعي، وعلى رأسها حملة التلقيح الوطنية المزمع تنظيمها في 17 من الشهر الجاري، حيث ستشهد مشاركة كل فواعل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي من وزارة وصية، مؤسسات جامعية وشركاء اجتماعيين من أجل إنجاحها، وهكذا تكون الأسرة الجامعية قد ساهمت بشكل أساسي في تعزيز الوعي الوطني.
-- «الشعب»: ستنظم حملة وطنية للتطعيم الجامعي يوم 17 جانفي الجاري، كيف ترى العملية وهل يمكن أن تساهم في كبح الوباء وسط الطلبة؟
- د. عبد الحفيظ ميلاط: المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي «كناس» كان دوما شريكا فاعلا في كل الخطوات الإيجابية التي اتخذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتجاوز تداعيات وباء كورونا ومن خلال فروعنا المنتشرة في كل جامعات الوطن، ساهمنا بدور كبير في حملات التوعية والتحسيس.
والملاحظ أنه إلى جانب حملات التوعية الإيجابية بضرورة التلقيح ضد وباء كورونا، وجود هواجس وتخوفات تسببها بعض الإشاعات السلبية التي تخوف من التلقيح وتشكك فيه داخل الأسرة الجامعية، لاسيما الطلبة الذين يرفضونه، بالرغم من أنهم لا يملكون المعلومات الكافية عن اللقاح.
-- كيف تقيمون العملية في الوسط الجامعي؟
- نسبة التلقيح للأسف ضعيفة داخل الأسرة الجامعية، ما جعلنا بعيدين عن نسبة المناعة الجماعية المطلوبة. اليوم ولمحاربة هذه الإشاعات السلبية، يتعين على كل فواعل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي من وزارة وصية ومؤسسات جامعية وشركاء اجتماعيين، تكثيف حملات التوعية الإيجابية بضرورة التلقيح، من خلال عدم الاكتفاء بالعمل المكتبي والنزول للميدان والاحتكاك بالطلبة وباقي أفراد الأسرة الجامعية، وهذا هو الغرض من الحملة الوطنية الجامعية المقررة بداية من 17 جانفي الجاري. هذه الحملة نتمنى أن لا تكون ظرفية بل مستمرة ومتواصلة على مدار السنة.
-- وما هي مقترحاتكم لإنجاح العملية؟
- بالإضافة لحملة التوعية الإيجابية التي تقوم بها الجامعة دوريا، يتعين، وبالتنسيق مع وزارة الصحة، تنصيب مراكز تلقيح دائمة داخل فضاءات الجامعات والإقامات الجامعية، وبعد انتهاء حملة التلقيح المقررة ليوم 17 جانفي الجاري، سنجتمع مرة أخرى لتقييم العملية ووضع خطط إضافية لتعزيز عملية التطعيم، والوصول على الأقل لنسبة 50٪ من التلقيح داخل الأسرة الجامعية، وهي النسبة التي تسمح للوصول للمناعة الجماعية وتمنع تفشي الوباء في الوسط الجامعي، بحسب تصريح المختصين في المجال.
-- بخصوص قرار وقف الدراسة، هل أصبح رئيس الجامعة مخولا بالتعامل مع القرار حسب طبيعة الوضع الوبائي، أي اتخاذ غلق انفرادي لكل جامعة تشهد تفشي الوباء؟
- ما أنبه إليه هنا، أنه يوجد بروتوكول صحي جامعي لمكافحة وباء كورونا، ساهمنا فيه من خلال المشروع الذي قدمناه للوزارة الوصية منذ بداية الوباء، والبروتوكول الصحي المطبق اليوم داخل الجامعة الجزائرية أثبت نجاعته في الحد من انتشار الوباء من خلال فرض إجراءات احترازية واعتماد نظام التفويج الذي أتى بثماره على الصعيدين البيداغوجي والصحي، وغيره من الإجراءات التي تضمنها هذا البروتوكول الصحي، ويسمح كذلك لمديري المؤسسات الجامعية تطبيق إجراءات احترازية إضافية حسب الظروف الخاصة لكل جامعة، لكن ليس معنى ذلك الذهاب لغاية غلق المؤسسة الجامعية، وهو الإجراء الذي لا يمكن اتخاذه إلا في حالة تسجيل ـ لا قدر الله ـ حالة وباء غير مسيطر عليها داخل المؤسسة الجامعية، ولا يكون إلا بالتنسيق مع الوزارة الوصية.
-- هذا يعني أن غلق الجامعات مستبعد؟
- أكيد، فاليوم يجب أن يسلط التفكير حول كيفية ضمان استمرار العمل والدراسة داخل الجامعة، مع تعزيز الإجراءات الإحترازية والوقائية لتحقيق المناعة الجماعية داخل الأسرة الجامعية، بدل التفكير في الغلق، لأن القرار له تداعيات كبيرة على المسار التعليمي للطالب وفي مختلف التخصصات، وما أحدثته الجائحة في بدايتها من أزمة في التعليم خير دليل على ذلك.
-- في الشق البيداغوجي، ما هي مقترحاتكم لإتمام السداسي الثاني بشكل عادي؟
- علينا أن نوضح أن الوضع الوبائي اليوم داخل الجامعة الجزائرية مسيطر عليه، وليست في مستوى خطورة السنة الجامعية 2019 و2020، ويمكننا الجزم أنه مستقر ولم يصل لدرجة التأثير في استمرارية الموسم الجامعي وذلك بفضل الجهود المبذولة من قبل مختلف الأطراف الفاعلة داخل الأسرة الجامعية، لأن الموسم الجامعي الحالي وبخلاف الموسمين السابقين وبخصوص موسم 2019 / 2020 يسير بطريقة طبيعية جدا في كل المؤسسات الجامعية، ولا يوجد أي تعطل في مسار التعليم داخل مختلف المؤسسات الجامعية.
-- تقصدون أن الحيطة والحذر ضروريان؟
- استقرار الوضع الوبائي وتحسنه داخل الأسرة الجامعية ليس معناه أن نتراخى في التدابير الوقائية التي أوصت بها اللجنة العلمية لمتابعة الوباء بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي، بل يتعين علينا أن نبقى دوما يقظين ومستعدين لأي طارئ، ويجب أن تكون هناك خطة جاهزة من أجل استكمال العملية التعلمية في حال حدوث أي طارئ.
اليوم، نحن في مرحلة الاختبارات المتعلقة بالفصل الدراسي الأول من الموسم الجامعي 2021- 2022 في معظم المؤسسات الجامعية، إن لم نقل كلها، أي أن الفصل الدراسي الأول تم إكماله والحمد لله في موعده الطبيعي ودون أي مشاكل، بعدها مباشرة سينطلق الفصل الدراسي الثاني في موعده المحدد من طرف وزارة التعليم العالي وفي كل ظروفه الطبيعية، وهي الظروف التي نتمنى استمرارها بل وتحسنها.
-- ما هي تحديات الأسرة الجامعية؟
- نعم. فاليوم، الرهان الوصول للمناعة الجماعية داخل الأسرة الجامعية وهو تحدٍّ صعب، لكنه ممكن جدا، بتعزيز التوعية الإيجابية وخلق مراكز تلقيح دائمة داخل الفضاءات الجامعية والإقامات الجامعية، كما ذكرنا أعلاه.
ويتعين أيضا تعزيز الرقابة داخل مختلف المؤسسات الجامعية والإقامات الجامعية لمدى احترام البروتوكول الصحي داخل قاعات المحاضرة التي تضم أعدادا كبيرة من الطلبة، خاصة وأننا لاحظنا حالة من التراخي في بعض المؤسسات الجامعية، وكذا التفكير بجدية في فرض الجواز الصحي في بعض النشاطات الجامعية غير البيداغوجية التي تفرض احتكاكا كبيرا.
أما النشاطات البيداغوجية، فإنها لا تطرح إشكالا، باعتبار أن نظام التفويج وفق لأبعد حد في تحجيم خطر الوباء من خلال ضمان التباعد الجسدي بين الأعداد الهائلة من الطلبة المتواجدة في الجامعات.
-- الجامعة الجزائرية تعيش الجائحة للموسم الثالث، هل حان الوقت لاعتماد مخطط مجابهة الأزمات الذي يضمن استمرار التعليم دون مشاكل؟
- الجامعة الجزائرية جزء من المجتمع الجزائري وهي تعيش ما يعيشه المجتمع. اليوم، كما جاء في سؤالكم، نعيش الموسم الثالث من هذا الوباء اللعين. هذا التعايش سمح لنا بتحكم أحسن في الوضعية، وسمح لنا كذلك بالانتباه لأهمية الدراسة عن بعد كحل مواز للتعليم العادي في الظروف العادية وبديل له في الظروف الاستثنائية. فوجود مخطط وطني لمجابهة الأزمات ليس مقصورا على الجامعة الجزائرية، بل كل المؤسسات وهو ضرورة ملحة لتجاوز حالة الارتباك التي عشناها جميعا عند ظهور هذا الوباء أول مرة.
ثقتنا كبيرة في السياسة التي تعتمدها الدولة لضمان مجابهة الأزمات في حالة الأوبئة والكوارث كذلك، لكن يبقى علينا كفواعل ونخب جامعية أن ندعم هذه السياسة ونعززها لتكون لنا مشاركة إيجابية في بناء سياسة واضحة ومستقرة ومستقبلية لمكافحة الأوبئة والكوارث في بلادنا.
-- بخصوص التعليم عن بعد، هل تعتقدون أنه حل بديل؟
- أكيد، أحسن حل لضمان استمرارية الجامعة الجزائرية في أسوإ الظروف الوبائية، لكن بشرط توفير كل الإمكانات التي تسمح بتطويره وجعله مسارا دائما وموازيا للتعليم الحضوري في الظروف العادية وجعله مسارا بديلا في الظروف الاستثنائية يسمح باستمرارية الجامعة في جميع الظروف العادية والاستثنائية كالتي نعيشها للسنة الثالثة على التوالي.
-- بخصوص السنة الجامعية ومع التأخر المسجل ببعض الجامعات، هل يمكن إنهاء الموسم في الوقت المحدد؟
- كما ذكرت أعلاه، السنة الجامعية 2021-2022 تسير في ظروف طبيعية جدا في المعظم، إن لم نقل في كل المؤسسات الجامعية، ولا يوجد أي تأخير والحمد لله في برنامج الموسم الجامعي لحد الآن في جميع التخصصات. لذلك، فإننا نتوقع في حالة استمرارية نفس الوضع على حاله إنهاء الموسم الجامعي الحالي في آجاله إن شاء الله، ولن نشهد أي تأخير. طبعا هي نظرة إيجابية مرتبطة باستقرار الوضع الوبائي في الفصل الدراسي الثاني وهو ما نتمناه. لكن أؤكد في هذه النقطة، أن التعليم عن بعد ينقذ السنة الجامعية في حال تفاقم الوضع الوبائي.
كيف السبيل لإنجاح الحملة الوطنية للتلقيح؟
الرسالة هي رسالتنا جميعا، ونحن جميعا ملزمين بها سواء إدارة، أساتذة، طلبة أو موظفين، الجامعة هي بيتنا جميعا ونحن جميعا ملزمين بالحفاظ عليها، ونحن كأسرة جامعية، يتعين علينا أن نعطي المثل للمجتمع بمختلف طوائفه حول أهمية التلقيح ضد هذا الوباء اللعين، نحن كأسرة جامعية يتعين علينا أن نكون في الصفوف الأمامية لمجابهة هذا الوباء، مسؤوليتنا كبيرة وهامة جدا في تعزيز الوعي الوطني من أجل دعم حملات التلقيح والجامعة ستنتصر على هذا الوباء، ولن يوقفها الفيروس عن أداء رسالتها، بل بالعكس سيكون محفزا لها لتطويرها وتقدمها.
-- وهل بإمكانكم ذكر بعض الصور لمشاركة النخبة في مجابهة الأزمة؟
- طبعا، فمن منا لا يتذكر الأمثلة الرائعة التي قدمتها الجامعة الجزائرية في مكافحة الوباء عند بداية ظهوره، خاصة في السنة الأولى من الجائحة التي كان بمثابة شيء جديد على الأسرة الجامعية، وكيف ساهمت بقوة في المجهود الوطني لمحاربة الوباء، أين فتحت كل مخابرها للمساهمة في صناعة المعقمات الطبية باختلاف أنواعها وأحجامها وغيرها من وسائل الحماية التي كنا بحاجة إليها، والجامعة الجزائرية وبفضل العناية الخاصة التي توليها لها الدولة الجزائرية، ستبقى دائما رقما هاما في صناعة النخبة الوطنية، ونتمنى أن تكون أحسن وأحسن مستقبلا،.