بعد الجزء الأول من أنطولوجيا «سير وتراجم» المخصص سنة 2018 إلى « روائيي المغرب العربي»، أطل الكاتب والروائي والباحث التونسي المحسن بن هنية، مؤخرا على المشهد الثقافي بالجزء الثاني من عمله البحثي المتميز والذي خصصه هذه المرة إلى «روائيي الخليج»، والذي يقدم تفاصيله لقراء «الشعب ويكاند» من خلال هذا الحوار.
* «الشعب»: بعد روائيي المغرب العربي، قمتم بإعداد الجزء الثاني من سير وتراجم والذي تناول هذه المرة روائيي الخليج، هل يمكن بيان محتواه؟
** الكاتب المحسن بن هنية: عنوان هذا الكتاب باح بالمحتوى فلما تتأمل وتتمعن فيه قد تجد الديكور فيه اختلاف ونوافذ تنفذ بك إلى منافذ قد تختلف على ما اعتاد من منهج تكتب به السير الذاتية أي ولد سنة كذا تحصل على شهادات كذا ألف كتب كذا هذا جانب من نافلة البحث أن يدرج. أما المختلف عندنا أو مما وراء عتبة الذي كتبنا هو التفاصيل والتي رأينا أنها كثيرا ما تُهمل ولا يُؤرخ بها في حين نرى إنها حجر الأساس، حيث كثيرا ما تكون هي خلف هذا الذي صار كاتبا أو رساما فالبدايات لها منطلق منها ما هو تأثر بما يسمع من حكايات الجدات ومنها ما هو علاقات ومشاهدات ومواقف، وتنمية الموهبة المكتشفة لدى اليافع. وهنا يكون للمعلم والأستاذ الدور الايجابي الدافع لإثراء ما عند هذا اليافع. وكنا نذكر عندما نتحدث عن شخصية ما إنها تتلمذت على العالم فلان أو الشيخ فلان ثم يكون للقرناء، دور القرين بالقرين يقتدي.
إن المختلف لدينا هو النبش وإظهار هذه العوامل لأنها حجر الأساس فلولاها لا حشر المبدع مع ألاف الذين يتخرجون من الجامعات يحملون شهادة دكتوراه ولكن إلا القليل ممن يبرز لذلك في عملنا نركز على عامل البروز، إضافة إلى قسم يخص الشخصية التي ترجم لها، بعد السيرة نذكر المؤلفات ثم رأيها في تجربتها ثم بعض ما كتب بعض النقاد حولها ثم مقتطف من إبداعها أي خمسة محاور: سيرة ذاتية، مؤلفات، رأيها في تجربتها، رأي النقاد ومقتطف من إبداعها. هكذا تقدم لمن ولج عتبة عملها. ونضع على مائدته هذه الألوان التي تعطي فكرة تكاد تكون شاملة المغاير. لقد تحاشينا الأسلوب الأكاديمي ومصطلحاته وأحكامه لنقدم هذه المائدة بأسلوب إبداعي أدبي مع التزام العلمية الضرورية.
في أكثر من ثلاث سنوات حاولنا أن نذكر كتاب الرواية في أقطار منطقة الخليج إضافة إلى القطر اليمني في قسمين سير وتراجم، ثم تراجم فقط أي الكتّاب الذين لم تتجاوز مؤلفاتهم الروايتين ثم ألحقنا الملاحق في الجزء الثالث والأخير احتوت على بيوغرافيا الرواية الخليجية إضافة إلى معلومات عن النوادي والمواقع الالكترونية ذات الصلة.
*من شارك في هذه التجربة من الباحثين والمثقفين؟
** إن كنت أنا الماسك بناصية العمل البحثي هّذا وليس بمفردي فتعاونت ومازلت أتعاون مع ثلة من الأساتذة في الشأن البحثي في المراجع والتواصل مع مواقع الإخوة الروائيين، وكذلك البحث في المراجع الورقية سواء بالتحميل PDF أو مواقع الصحف التي نشرت حوارات مع المعنيين لاستقاء آرائهم ثم التصفيف والإخراج ثم من حيث المشاركة بالرأي والمساهمة مع ثلة من المهتمين من الجامعيين والكتاب من الأصدقاء المغاربيين وأيضا الخليجيين منهم من نصح ومنهم من قدم العمل بمقدمات كإضاءة في ثنايا الموسوعة للذكر لا للحصر الدكتور ابراهيم اوزغ من المغرب، والدكتور احمد التجاني سي كبير من الجزائر والدكتور حميد عبايدية من تونس، الدكتور خالد خضيري من المملكة العربية السعودية.
* هل تختلف الموسوعة المتعلقة بروائيي منطقة الخليج عن السلسلة السابقة أم اعتمدتم نفس الصيغة في الإعداد؟
** من حيث النمط والمنهج المتبع، فقط هذه أعمق لكثرة المعلومات المتاحة حاليا، كما أشرت حيث وسائل التواصل الالكتروني التي ساهمت في اختصار مدة الانجاز حيث امتدت الموسوعة المغاربية لأربع سنوات في حين الموسوعة الخليجية أنجزت في ظرف ثلاث سنوات ونصف تزيد وأضفنا للسيرة الذاتية صورة المبدع ثم زيادة البعض ممن تعاونوا معنا وأمدوا سيرهم أو راجعوا ما كتبنا فأضافوا للذي تحصلنا عليه أو لم يتح لنا أو شطب ما فيه زيادة، تقريبا هذه أوجه الاختلاف بين العملين وهو لا يبدو جوهريا.
* هل هناك أوجه تقارب بين الرواية الخليجية *المشرقية* والرواية المغاربية؟
** في الحديث عن الرواية التزمت باصطلاح رأيت أنه الأصوب في التمييز بين الروايات، الرواية العربية في شمال إفريقيا أي المغاربية، والرواية العربية في الشام إلخ... لوجهة نظرت من خلالها إلى أن كل ما كتب باللغة العربية هو عربي واللغة هي حاملة الثقافة، وبالتالي ما كتب بها ينسب إليها وإضافة الشام أو الخليج أو حوض النيل هو من خصائص المجتمعات في التفاصيل المحلية كاختلاف اللهجات المؤشرات المتسربة عن العلاقة بالمستعمر لذلك نجد الرواية المغاربية اغترفت من مناهج المدرسة الروائية والنقدية والمنهجية الفرنسية حتى أن كثيرا من الروايات كتبت باللسان الفرنسي، ونفس الحال بالنسبة للرواية المشرقية مؤشرات المناهج والأساليب لا يخلو لها ظل، أعيد القول أن للمحلي خصوصية حاضرة من خلال حضور العامية والتي تمثل الاختلاف البارز.
أما الآن هّذه المحليات تقلصت وفسحت المجال المشترك إلى الثقافة العربية والمؤثرات العالمية،وفي ذلك تلاقح موجب لأن تمازج الثقافات فرض الحضور.
* حدّثنا عن مشروعك المقبل، دائما في سلسلة سير وتراجم؟
** لا مقبل أو متأخر لنقل المشروع المستمر أي مشروع سير وتراجم الروائيين العرب هو الذي نواصل العمل عليه مادامت الحياة لم تسحبنا من فضائها قد نشرع في القسم الثالث الذي حددناه كتسمية روائي الشام وما بين النهرين وهو يشمل العراق، سوريا، لبنان، الأردن و فلسطين، بداية من السنة المقبلة ونطمح أن يتطور مشروعنا ليصبح كمؤسسة وفضاء قائما مكانا ومواكبة ولتأسيس هذه الخطوة لابد من دعم مهم وهدفنا في ذلك حتى لا يرتبط المشروع بشخصي وإنما يستمر والأهم انه يكون مفتوحا ومتجددا وملاحق للحديث من الإنتاج الروائي وبروز روائيين جدد كل سنة والموضوع يطول نحدد موجباته، منها يتولاه الآتون من بعدنا ثم الدعوة للمؤسسات ذات الشأن الثقافي مثل الاكسير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أو الجامعة العربية ووزارات الثقافة أو المؤسسات الاقتصادية والأثرياء من عشاق الثقافة والأدب ولم لا تتطور إلى مجلة باسمها وحتى محطة وقناة تهتم بالشأن، هذا توقنا كإصرار لأمر يعجزنا ونحن دونه.
*وهل هناك جديد في كتاباتك الإبداعية الأدبية؟
المبدع تسكنه الكتابة كفطرة وهاجس أو غريزة ليس من طبيعته التخلص منها فهي ضرب من الإدمان إذا تركها يختل مزاجه ويشعر باختناق أو نقص فيزيولوجي في تركيبته بالرغم من أن مشروع *سير وتراجم* ينهش وقتي ولكن اقتنص سويعات لإشباع غريزة الكتابة من ذلك العمل على انجاز حالة إبداعية ناشزة -عن قصد - للتجنيس والتحديد هي تجنس للسيرة الذاتية بتناول إبداعي لا يخضع لضوابط التوقيت الزمني التراتبي والتوالي جدية التاريخ –أو المرجعيات الوثائقية إلا ما ندر، بل هي صورة تختزنها الذاكرة فيها الاسترجاع والحضور لا تختلف عن الذي يتحدث بدون قيد عندما يتذكر من خالات ومشاهد هذا العمل قد يظهر خلال منتصف السنة المقبلة.