وزير الاتصال عمّار بلحيمر:

الأمن السيبراني تلتقي عنده جهود مختلف المؤسسات

آداب وأخلاقيات المهنة جوهر عملية إصلاح قطاع الاتصال

أبرز وزير الاتصال عمار بلحيمر، في حوار أجراه مع جريدة «أفريكا نيوز»، الأهمية القصوى التي توليها الوزارة لمسألة آداب وأخلاقيات الصحافة والإعلام في مشروع إصلاح القطاع، مشددا على ضرورة تنظيم سوق الإشهار من خلال نص تشريعي يضمن الاستفادة من الإشهار العمومي بشكل منصف ومهني.

- شهدت الساحة الإعلامية مؤخرا، عددا من الانتهاكات الواضحة لأخلاقيات المهنة، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، حالة جريدة الوطن. ولكن هذا ينطبق أيضا على مؤسسات إعلامية عمومية وخاصة، ثبت في الكثير من المرات عدم التزامها بأخلاقيات وآداب المهنة، لاسيما تلك التي ينص عليها قانون الإعلام ساري المفعول. ما هي رؤيتكم المستقبلية لملف أخلاقيات المهنة؟ وما هي الآليات الضامنة لهذا الجانب المهم من الممارسة الإعلامية؟
 ما يجب تأكيده، أن وزارة الاتصال لا تتسامح، في حدود صلاحياتها، مع أية تجاوزات أو تصرفات غير مهنية، سواء صدرت من مؤسسات إعلامية عمومية أو خاصة. وبما أنكم ذكرتم حادثة جريدة «الوطن» المتمثلة في حجب منارة جامع الجزائر من صورة الموكب الجنائزي للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، رحمه الله، فإن الوزارة تدخلت في حينها واتخذت، دون تردد، الإجراءات الواجب اتخاذها، من خلال بيان تضمن التنديد بهذا التصرف المشين واحتفاظ الوزارة بحقها في اللجوء إلى المتابعات القضائية اللازمة.
كما أن الوزارة، لم ولن تتأخر في التصدي لتصرفات مماثلة صادرة من قنوات أجنبية، إذ أقدمت على سحب الاعتماد من بعضها بسبب انحرافها عن الممارسة المهنية باعتماد المعلومات المغلوطة والتضليل والانحياز لجهة أو جهات معينة قصد الإساءة للجزائر.
إن هذه المواقف تعكس حرصنا الواضح والثابت على ضرورة التزام مختلف وسائل الإعلام بآداب المهنة وأخلاقياتها، التي شكلت جوهر عملية الإصلاح المتواصلة بالقطاع، لاسيما من خلال مشروعي القانون العضوي للإعلام ونشاط السمعي البصري. وقد تضمن المشروعان الآليات الضرورية لضمان الاحترافية والمصداقية، على غرار المجلس الوطني للصحافة.
إضافة إلى اضطلاع وزارة الاتصال بمهامها كاملة، من حيث السهر على احترام آداب المهنة وأخلاقياتها، علينا التذكير أن سلطة ضبط السمعي البصري تقوم هي الأخرى بدورها في هذا المجال، في إطار تنفيذ صلاحياتها ومهامها وهو ما تمت ترجمته بتدخلات السلطة المختلفة، على غرار إجراءات الوقف المؤقت أو النهائي لبعض القنوات وتوجيه تنبيهات وتحذيرات لوسائل إعلام أخرى، بما فيها العمومية.
 
- يتم حاليا التحضير لتأسيس جمعية وطنية لجمهور وسائل الإعلام الجزائرية، ما رأيكم أولا في هذه المبادرة؟ وما مدى استعداد الوزارة للتعامل مع هذه المبادرة التي يفترض أنها ستجعل صوت المشاهدين مسموعا بشكل أفضل؟
 شيء إيجابي أن تتسع دائرة الاهتمام بالجمهور الجزائري في علاقته بوسائل الإعلام منها المرئية، شريطة مراعاة المعايير الموضوعية في هذه المبادرات ومثيلاتها، كالتخصص والنزاهة والاحترافية وهو ما نلتمسه في أعضاء نقابة ناشري الإعلام التي كان موضوع إصلاحات القطاع أبرز اهتمامات أول اجتماع عقدته النقابة يوم 24 سبتمبر المنصرم.
فالقطاع، كما هو معروف، يشجع ويحفز كل المبادرات التي يسعى أصحابها إلى المساهمة في ترقية حق المواطن في المعلومة عبر مختلف وسائل الاتصال. ولا بأس أن نذكر هنا، بمساهمة الوزارة في عملية حصول النقابة على الاعتماد وذلك في سياق تعزيز وتفعيل العلاقة التشاركية والتكاملية وهو المنهج الذي تعتمده وزارة الاتصال في مسار الإصلاحات الجارية بالقطاع والمرتكزة على التنسيق وتحفيز أداء الشركاء النزهاء والأكفاء.
 
- فشل قانون الإعلام السابق في جزأرة القنوات التلفزية الخاصة، كما ظل تطبيقه متعثرا فيما يتعلق بآليات التنظيم، مثل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وغيرها؟ لماذا حدث، في رأيكم، هذا التعثر في تنظيم الإعلام السمعي البصري؟ وما هي التدابير الجديدة في هذا الشأن؟
 لقد سجلت فراغات قانونية في قانون الإعلام الصادر سنة 2012 وكذا قانون السمعي البصري لسنة 2014، جعلتهما لا يستوعبان حالات وأوضاعا خاصة لأسباب عدة، منها حداثة تجربة التعددية والانفتاح الإعلامي آنذاك والتطور الرهيب الحاصل في مجال التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال.
هذه العوامل وأخرى، خلقت نوعا من الفوضى، لاسيما على مستوى قنوات خاصة، إلى جانب عدم قابلية تشكيل بعض الآليات كسلطة ضبط الصحافة المكتوبة.
وحتى نتجاوز هذه الأوضاع، كان لزاما التفكير في مقاربات جديدة لتسيير قطاع الاتصال ولترقية دور الصحافة والإعلام بشكل احترافي وشفاف، تعكسه آليات وميكانيزمات تتعلق أساسا بمهام الضبط والاستشارة والتفكير، نذكر منها الآليات المقترحة بموجب المشروعين المشار إليهما سابقا، كالمجلس الوطني للصحافة ولجنة السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري ولجنة آداب وأخلاقيات المهنة المكونة حصريا من الصحافيين.
في نفس السياق، ومن أجل احترام العمل بشفافية في النشاطات السمعية البصرية، تم اعتماد دفاتر الشروط العامة، التي تحدد القواعد المفروضة على مصالح البث التلفزيوني والإذاعي، إلى جانب دفاتر الشروط الخاصة، التي تحدد العلاقة التعاقدية بين السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي – البصري وبين مؤسسات السمعي البصري الخاصة.
 
- في مجال الصحافة الإلكترونية، تراهن الوزارة على تعزيز الأمن السيبراني من خلال جملة من الإجراءات كنتم قد تطرقتم لها في العديد من التصريحات السابقة، إلى أين وصلت هذه العملية لحد الآن؟
 الإعلام الجديد من المجالات ذات الأولوية في اهتمامات الوزارة. ولقد أصدرنا، قبل نحو سنة، أول مرسوم تنفيذي يتعلق بنشاط الإعلام عبر الإنترنت، الذي يتضمن عدة أحكام، من أهمها اشتراط توطين المواقع الإلكترونية في نطاق اللاحقة(.dz).
وفي إطار تنفيذ هذا المرسوم، تم لحد الآن تسجيل أكثر من مئة (100) موقع إلكتروني وفق الكيفيات والشروط المنصوص عليها، منها التوطين والإيواء من طرف مؤسسات عمومية وخاصة مؤهلة كمركز البحث في الإعلام العلمي والتقني (CERIST). إن هذه العملية تساهم في ضمان الأمن السيبراني، إذ تضع حدا لهيمنة أطراف أجنبية على مواقع جزائرية كانت إلى عهد قريب موطنة بالخارج وتلجأ لخدمات أقمار اصطناعية أجنبية.
كما يجب التأكيد في هذا المقام، أن الأمن السيبراني يعد مسألة وطنية تلتقي حولها جهود مختلف المؤسسات والجهات المعنية، على غرار المركز الوطني للأمن السيبراني وهو مركز عملياتي هدفه التصدي للهجمات الإلكترونية.
 
- تحدث ملاحظون للشأن الإعلامي في الجزائر، عن تجاوزات بالجملة على مستوى المؤسسات الإعلامية العمومية، لاسيما فيما يتعلق بتسيير المال العام وتسجيل تجاوزات واضحة في التوظيف والترقيات والتعيين في مناصب المسؤولية، شعارها الجهوية والمحسوبية، مستغلة في ذلك وضعها القانوني كمؤسسات عمومية ذات طابع اقتصادي وثقافي (EPIC) وبعدها عن آليات الرقابة الإدارية والمالية، بالمقابل تعاني بعض المؤسسات الإعلامية العمومية من أزمات مالية خانقة وصلت إلى حد عدم القدرة على تسديد مرتبات صحافييها وموظفيها، ألا ترون أنه حان الوقت لتحقيق مزيد من الشفافية في تسيير المؤسسات الإعلامية العمومية بشكل يحقق لها الاحترافية والفعالية، خاصة في هذا الوضع الحساس؟
لا أحد، سواء كأشخاص أو مؤسسات، أيّا كانت طبيعتها القانونية يمكنه خرق القانون دون متابعة ومحاسبة متى تأكد هذا الخرق من طرف الجهات المختصة.
فالقطاع الذي لا يتهاون بهذا الخصوص، يسعى إلى تعزيز أطر العمل بشفافية وانضباط ونجاعة من أجل تحقيق تكافؤ الفرص وتثمين الكفاءات والتصدي لمختلف التجاوزات بما فيها المالية والجبائية.
في هذا السياق، يجري العمل على إعداد مشروع قانون الإشهار الذي من شأنه تحديد وضبط كيفيات وشروط الاستفادة من الإشهار العمومي بشكل منصف ومتساو ومهني أيّا كانت طبيعة وسيلة الاتصال.
 
- تحدث وزير التعليم العالي والبحث العلمي في أكثر من مناسبة عن انفتاح الجامعة على محيطها المهني، ولاشك أن تخصص الإعلام والاتصال يعد من أهم التخصصات التي تحظى بإقبال كبير من طرف الطلبة، سؤالنا هو هل هناك تنسيق أو تعاون بين الوزارتين، سواء في التكوين أو في إدماج الطلبة في المحيط المهني، خاصة وأنهم يعانون من الغلق الذي تمارسه العديد من المؤسسات في وجه الطلبة؟ وثانيا يثير العديد من الأكاديميين مسألة تحفظ الوزارة على المشاركة في التظاهرة العلمية التي تنظمها الجامعات في مختلف ولايات الوطن في مواضيع تهم القطاع بالضرورة؟
 إن العمل التشاركي والتنسيق القطاعي من أساليب العمل الأساسية التي اعتمدتها وزارة الاتصال في علاقتها مع مختلف المؤسسات والقطاعات، بما فيها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. كما أنها لم تتأخر يوما عن المشاركة في أي نشاط أو تظاهرة علمية عبر مختلف ولايات الوطن، بل بالعكس نحن نشجع هذا النوع من النشاطات، نظرا للإضافة الفكرية التي تتوج العروض والنقاشات المقدمة في مثل هذه المناسبات والنشاطات.
أما بخصوص التوظيف فسياسة القطاع، تقوم على المساهمة قدر المستطاع في التكفل بالموضوع على مستوى مؤسسات الإعلام العمومية. لكن علينا بالمقابل التأكيد أنه لا يمكن للقطاع وحده الاستجابة للعدد الهائل والمتزايد من طلبات المتخرجين، سواء من المدرسة الوطنية العليا للصحافة أو من معاهد التكوين التابعة لوزارة التعليم العالي وغيرها من المؤسسات.
فوق هذا وذاك علينا التذكير أنه بموجب سياسة الخصخصة والانفتاح الإعلامي، فإن مهنة الصحافة أصبحت بدورها تخضع لقواعد السوق.

- تتحدث بعض الأوساط المهنية والأكاديمية عن التحضير لقانون إعلام جديد ونصوص تشريعية أخرى منظمة لقطاع الإعلام في ظل إقصاء تام (بحسبهم) للشركاء المهنيين والباحثين والمختصين في علوم الإعلام والاتصال، حيث اقتصرت لجنة إعداد القانون في معظمها على قانونيين ومسؤولين إداريين، ما هو ردكم على ذلك معالي الوزير؟
 فعلا لقد أعد قطاع الاتصال مشاريع نصوص جديدة بعضها تم عرضه في اجتماع مجلس الوزراء، على غرار قانوني الإعلام والنشاط السمعي البصري.
وحرصا على ضمان النجاعة اللازمة لهذه النصوص، التزمنا، قبل أزيد من سنة، بالعمل على مستوى ورشات تضم كافة الشركاء والمختصين والخبراء في مجال الإعلام والاتصال. وقد تم إعداد المرسوم التنفيذي لنشاط الإعلام عبر الإنترنت بهذه الطريقة، لكن جائحة كورونا حالت دون مواصلة العمل بهذه الطريقة أو الأسلوب.
ورغم هذا الظرف الصحي الصعب، إلا أننا نظل ملتزمين ومشجعين لمقاربة العمل التشاركي بمساهمة مختلف الأطراف المعنية والمختصة. ويكفي هنا التذكير بالاجتماع التشاوري الذي عقد في جانفي الماضي، بحضور ممثل رئيس الجمهورية المكلف بالمؤسسات والمنظمات الدولية ومديري المؤسسات الإعلامية العمومية وممثلي النقابات الناشطة في القطاع وباحثين وحقوقيين وفعاليات المجتمع المدني، لمناقشة قانون الإعلام.
ويندرج اللقاء في إطار إعداد القوانين الجديدة المتعلقة بالقطاع الاتصال وبمهنة الصحافة وهي العملية التي تشرف عليها لجنة وزارية مختصة بمشاركة لجنة ضبط السمعي البصري والتي أنجزت مشروعي القانون العضوي للإعلام ونشاط السمعي – البصري.
إضافة إلى هذه الإسهامات، فإن النصّين سيعرضان لاحقا على البرلمان بغرفتيه من أجل مزيد من الإثراء قبل المصادقة عليهما.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024