الدكتور سليم دحه لـ «الشعب»:

المغرب أسقط كل الاتفاقيات والأعراف

حوار: سفيان حشيفة

يؤكد الدكتور ‘‘سليم دحه’’، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الوادي في حديث لـ»الشعب»، أنّ قرار الجزائر المتعلق بقطع العلاقات مع المملكة المغربية يأتي في فترة جدّ حرجة على الصعيد الإقليمي، بعد استنفاد كل مقومات الصبر وضبط النفس تجاه تجاوزات نظام المخزن ضد الجزائر سلطة وشعبا وإقليماً، معتبرا أن هذا القرار رغم قساوته على حساب طموحات التعاون المغاربي المشترك، إلاّ أنه الحل الأخير بالنسبة لصانع القرار الجزائري.

الشعب: تجاوز النظام المغربي كل القوانين والأعراف الدولية والحضارية مع دولة جارة، كيف تقيّمون قرار الجزائر بقطع العلاقات ؟
سليم دحة: قرار الجزائر بقطع العلاقات مع المغرب يمثل ردة فعل على تراكمات عديدة من التصرفات المغربية الرامية إلى إضعاف جارها الشرقي، والضغط من أجل شرعنة سياساتها التوسعية على حساب الجمهورية الصحراوية، وعلى حساب المناطق الحدودية الجزائرية، وبحسابات الربح والخسارة فإن تكلفة قطع العلاقات أقل حجماً من تكلفة إبقائها في ظل تجاهل المغرب لطلبات الجزائر بتقديم توضيحات بشأن تصريحات السفير المغربي التي تمس بوحدتنا الوطنية.
العلاقات بين الدول تختلف عن العلاقات بين الأفراد الطبيعيين، فالأولى تحكمها اتفاقيات ثنائية وأعراف ومواثيق دولية تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، والعمل والتعاون المشترك على إرساء السلم والأمن بكل مستوياته، وهذه المقومات والأعراف لا تحض بالإحترام من قبل المغرب الذي يستمر في انتهاك حقوق الشعب الصحراوي، وعدم الإكتراث بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
الدبلوماسية الجزائرية عُرفت بحكمتها ورزانتها وقوة تأثيرها في المواقف الدولية، واللجوء إلى هذا القرار من المؤكد له منطلقات، حدثنا عنها؟
 حسب بيان الخارجية الجزائرية فإنّ أسس ومنطلقات قرار قطع العلاقات تتمحور حول عدم التزام النظام المغربي ببنود إعادة تطبيع العلاقات بين الطرفين سنة 1988، والمتمثلة في الإلتزام بمعاهدة ترسيم الحدود وحسن الجوار، وكذلك دعم حق الشعبين الفلسطيني والصحراوي في إقامة دولتيهما، يضاف إليها الإلتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا الدولتين، والمغرب بإقامته علاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني ودعمه لحركتي «الماك» و»رشاد» الإرهابيتين يكون قد أسقط كل الاتفاقيات والأعراف والمواثيق التي تستند إليها العلاقات مع الجزائر. ووفق المنظور الواقعي، فإنّ الدول تزيد من قوتها بالتحالف أو التوسع أو تدمير الخصوم، والمغرب ينتهج السبل الثلاثة معاً لزيادة قوته على حساب الجزائر.
كيف سينعكس القرار على الوضع المغاربي، ومستقبل المنطقة من الناحية الإيجابية بما أن نظام المخزن ارتبط بعلاقات وتطبيع مع الكيان الصهيوني وما لذلك من خطر حقيقي على بلدان المنطقة؟
 التكامل المغاربي المنشود يكون بهذا القرار في أضعف حالاته نتيجة عدم تمتع نظام المخزن المغربي بالشرعية اللازمة لبقائه، بالتالي لا يمكن له أن يقدم ما يفتقده من شرعية إلى المشروع التكاملي المشترك، وما يعقده المغرب من تحالفات يمثل له مسألة وجودية تتعلق ببقاء النظام الذي يرزح أغلب شعبه تحت خط الفقر، وهذه التطورات ستدفع بالشعوب المتضررة إلى الخروج عن عصا الطاعة، وفي مقدمتها المغاربة، خاصة مع تزامن تفاقم وطأة الظروف الإقتصادية وتخلي النظام المغربي عن دوره في دعم القضية الفلسطينية العادلة.
هل سيؤثر قطع العلاقات مع نظام المخزن سلبا على الشعبين الشقيقين، وما مدى ذلك؟
 الجزائر إذ تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب تضع في حسبانها التفاعلات الشعبية والأخوية بين الجزائريين والمغاربة من خلال إبقاء الخدمات القنصلية للأفراد واحترام الامتدادات الأسرية بين الشعبين، إلا أن حجم الضرر الذي سيتحمله الشعب المغربي من جراء قطع العلاقات سيكون كبيراً مع تفاقم الشرخ المغاربي وتضاؤل فرص التكامل الإقتصادي المغاربي، وتراجع مداخيل الهجرة نحو أوربا.
السياسة الخارجية الجزائرية تصنف ضمن برنامج العمل وليس الفعل الفردي، بالتالي تمثل شخصية وزير الخارجية نقطة إلتقاء مؤسسات صنع القرار الخارجي. وفي أعراف النظام السياسي الجزائري يشغل الوزارات السيادية رجالات النظام الذين نشؤوا داخل السلطة وتدرجوا في المناصب داخله، والوزير الحالي للخارجية الجزائرية يعد أحد صقور النظام السياسي والمشبعين بقيمه وأهدافه، وهذا ما يجعل النهج الجزائري في التعامل مع جيرانه وعلاقاته أكثر ثباتاً وفعالية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024