المختصة في جراحة الأوعية سُعاد بن علال لـ «الشعب»:

«دلتا» الأشدّ خطورة ويصيب الشباب أكثر

حوار: أحمد حفاف

أكدت البروفيسور سُعاد بن علال، المختصة في جراحة الأوعية والشرايين بمستشفى زارعة الأعضاء والأنسجة في البليدة، أن السلالة المتحورة لفيروس كورونا كانت أشد ضراوة، ومست فئة الشباب أكثر من كبار السن. وأن الموجة الثالثة للوباء، التي بدأت منتصف شهر ماي المنقضي، بلغت ذروتها أيام عيد الأضحى (الأيام العشرة الأخير لشهر جويلية المنقضي)، ويرتقب أن تتحسن الحالة الوبائية تدريجيا خلال الأيام القادمة.
­­-  الشعب: هل لكِ أن تصفي لنا الوضع الوبائي بعد حدوث الموجة الثالثة؟
 البروفيسور سعاد بن علال: لقد مررنا بفترة خطيرة بل هي الضربة القاضية، لقد كانت هذه الموجة الأكثر خطورة، وهذا النوع من الفيروس أشدّ ضراوة مقارنة بالموجتين الأولى والثانية.. فيروس دالتا أصاب الشباب أكثر من كبار السن، وحتى هؤلاء الذين لا يعانون من أي مرض مزمن، وسجلنا وفيات في فئة الشباب هذه المرة.
 لقد أصاب الوباء أيضا النساء الحوامل والأطفال، وهناك أطفال حديثو الولادة وُلدوا مصابين بالوباء، وتظهر عليهم الأعراض بإصابتهم بالحمى والإسهال خلال يومين أو ثلاثة قبل التعافي باستثناء الأطفال الذين كانوا في استشفاء في مستشفى «بن بوالعيد» (بالبليدة) فقد أثّر عليهم الفيروس.
-  كيف قضى أفراد السلك الطبي الأيام العصيبة التي تسبب فيها فيروس دالتا؟
 نحن نعاني على المستوى الذهني، خاصة وأن الأزمة الصحية مر عليها أكثر من سنة ونصف... فالمواطن العادي يرى خطورة الوضع الوبائي من بعيد ولا يتحمل ما يحدث بسبب الفيروس، فما بالك نحن. هناك آثار اجتماعية حدثت وطريقة الحياة تغيرت حتى صار يتعذر على الناس إقامة الأفراح والأقراح، وافتقدنا حلاوة الحفلات والأعياد... الفيروس ترك آثارا معنوية وشكل ضغطا كبيرا على أفراد السلك الطبي، وتزيد معاناتهم لما يعجزون عن التكفل بالمرضى، خاصة هذه المرة مع مشكل ندرة الأكسجين الذي لم يتم حله بعد.
-  لماذا ظهر مشكل نقص الأكسجين هذه المرة مقارنة بالأشهر السابقة للوباء؟
 قبل مجيئ الوباء كُنا في اكتفاء بخصوص مادة الأكسجين الطبي التي كانت متوفرة في الأجنحة الطبية وقاعات الإنعاش والمخابر ووحدات الإسعاف وفي الاستعجالات الطبية. لكن الفيروس يُسبب مشكلا في التنفس ونظرا لكثرة الإصابات أصبح الطلب عليه كثيرا. فيروس دالتا ينتقل عبر الهواء وسريع الانتشار ونسبة العدوى به تقدر 30 مرة مقارنة بالفيروس السابق خلال الموجتين الأولى والثانية.
-  كيف تفسرين وضعية شخص أجرى الفحص وتم إخباره بأنه كان مصابا بالوباء رغم عدم ظهور أعراض عليه؟
 السلالة المتحورة لفيروس «كوفيد-19» تجعل من الأعراض تختلف من شخص لأخر، فهناك من تظهر عليه أعراض تنفسية، وهناك من يشعر بأعراض الزكام، وهناك من يحس بصداع في الرأس أو بالحمى، وهناك من يُصاب بإسهال حاد... لكن هناك بعض الأشخاص تظهر عليهم أعراض خفيفة للمرض، وبعد إجراء الفحص الطبي تظهر لهم النتيجة إيجابية، حيث يكونون قد أصيبوا بالفيروس قبل أيام وأجسادهم بدأت تُطور المناعة ضده.
ما أردت قوله هو أن وباء كورونا بلغ الذروة أيام عيد الأضحى وعدد الإصابات في تراجع واتضح لنا ذلك خلال الأيام الأربعة الأخيرة (الحوار أُجري يوم الأربعاء الفائت)، وما أود قوله هو أن عدد الموتى بالفيروس المُصرح به، مقارنة بالعدد الحقيقي الذي هو أكبر بكثير، وربما يُصرحون بالأرقام التي تمنحها المخابر ولهذا السبب لا تعكس أرقامهم الواقع الحقيقي، كما هو الحال بالنسبة لعدد الإصابات، فإذا ما صرحوا بأن عددهم ألف، نضرب في عشر لمعرفة عددهم الحقيقي.
- مقولة الأرقام المصرح بها لا تعكس الواقع متداولة بكثرة وسط الشارع وفي مواقع التواصل، وحتى المختصين أقروا بها، ما السبب الذي جعلكم تعتقدون بذلك؟
 السبب هو أن الناس لا يذهبون إلى المستشفيات حتى تتعقد وضعيتهم الصحية، وفي بعض الأحيان تجد أفراد عائلة كلهم مصابون وماكثون في البيت ولا أحد يعرف أنهم كذلك ليقوم بإحصائهم، وشخصيا عرفت بعض الأشخاص أصيبوا بالوباء واقتنوا أجهزة التزود بالأكسجين وبقوا في منازلهم.
-  بحسب المعطيات الحالية فإن عدد الإصابات بالوباء سينخفض تدريجيا ما رأيك؟
 نعم نتمنى ذلك... هناك بشائر خير.
لاحظنا حذرا من قبل المواطنين من الوباء هذه المرة، هل ارتفعت درجة الوعي عندهم؟
بالعكس، أنا شخصيا أرى تراخيا كبيرا وتهاونا في التقيد بإجراءات الوقاية ضد الوباء. وهناك درجة قليلة من الوعي ويمكن أن نكتشف ذلك في مراكز البريد حينما تُشاهد الأشخاص ملتصقين مع بعضهم البعض، فلا يوجد تباعد اجتماعي، والأمر لا يختلف في حافلات النقل.
 فمثلا، أنا شخصيا وقبل عيد الأضحى بأسبوع، تركت سيارتي مركونة وقررت التنقل على متن القطار من العاصمة إلى البليدة، ولما ركبت القطار وضعت حقيبتي في الكرسي الذي بجانبي الذي من المفروض يبقى فارغا لفرض التباعد الاجتماعي، فجاءت امرأة لتجلس فأخبرتها بأن الوضعية الوبائية تفرض علينا التباعد، فشتمتني وجلست بالرغم عني، بل سخرت مني وقالت عني بأنني خائفة من فيروس كورونا.
- هناك من يرى بأن التلقيح هو الحل وهناك من يتخوف منه، ما قولك؟
 لابد من إجراء التلقيح وكل اللقاحات مفيدة، اللقاح لا يمنع الإصابة بالوباء بل يحمي من التعرض لحالة خطيرة وصعبة. مثلا في عائلتي: أنا أخذت لقاح «سبوتنيك» الروسي، أخي وأختي أخذا لقاح «أسترازينيكا» البريطاني، زوجي أخذ اللقاح الصيني الثاني، وعمتي أخذت اللقاح الصيني «سينوفارم» وأختي أخذت اللقاح الصيني «سينوفاك» وأمي ستأخذه الأسبوع المقبل، وهذا يعني أننا في عائلة واحدة أجرينا التلقيح بأربعة أنواع من اللقاح ضد الوباء.
التلقيح ضد الوباء مهم كما هو الحال بالنسبة لأمراض أخرى مثل «بوحمرون» الذي أودى بحياة 20 شخصا في إحدى جهات الوطن خلال سنتي 2016 أو 2017 على ما أظن، حيث اكتشفوا فيما بعد بأن هؤلاء المتوفين يقيمون في مناطق معزولة ولم يجروا التلقيح ضد هذا المرض، وأيضا بسبب الجهل بضرورة التلقيح.
- ما العمل لمجابهة الأزمة الصحية التي يعاني منها العالم بسبب كورونا؟
 علينا أن نتحلى بالانضباط والوعي واحترام إجراءات الوقاية، مثل التباعد وتعقيم اليدين وارتداء الكمامات في الأماكن العمومية، والوقاية خير من العلاج. فالله يأمرنا بأن لا نؤدي بأنفسنا إلى التهلكة، كما طلب منا الخليفة عمر بن الخطاب بأن لا نغادر مكانا موبوءاً لتفادي نقل الفيروس والعدوى إلى آخرين، وهذا أمر حدث في تاريخ حضارتنا قبل 14 قرنا من الزمن.
لقد شاهدت يوم العيد موكب زفاف لأشخاص متهاونين، وتوفيت فتاة في مستشفى «فرانتز فانون» بالبليدة عشية عيد الأضحى، فتاة حامل تبلغ من العمر 23 سنة، فقط أصابها الفيروس في عرس، وهذا أمر غير مقبول تماما، خاصة بالنسبة لنا نحن كمسلمين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024