التكنولوجيا المالية

ضرورة تفرضها تحديات التطوّر الرقمي والمالي

حوار: سيف الدين قداش

 البروفيسور مصطفى راجعي:

“الجزائر بحاجة لرفع مساهمة نسبة الإقتصاد الرقمي في دخلها الوطني”

 

أجرت «الشعب الاقتصادي» حوارا مع مدير مركز «هايك» للتّفكير الإقتصادي البروفيسور راجعي مصطفى، المتخصّص في تدريس مادتي المقاولاتية والاقتصاد بجامعة مستغانم، حيث تطرّقنا في الحوار لمحاور شتى حول اقتصاد المعرفة، وتطوير المؤسّسات النّاشئة، إضافة إلى الرّقمنة والتكنولوجيا المالية، ومستقبل اقتصاد الجزائر وغيرها من النّقاط.

-  «الشعب الاقتصادي»: ما هي رؤيتكم للإصلاحات الإقتصادية التي تتم حاليا خاصّة في إطار المؤسّسات الصّغيرة والنّاشئة؟ وهل تعتقدون أنّها ستؤتي أكلها؟
 البروفيسور مصطفى راجعي: الحكومة اليوم يبدو أنّها عازمة على إعطاء دفع قوي لاقتصاد المعرفة، الذي سيتمّ من خلال خلق بيئة متكاملة تسمح بحضانة ورعاية وإنشاء وتطوير المؤسّسات النّاشئة المعتمدة أساسا على تكنولوجيا المعلومات، وتسهيل نمو سريع للشّركات النّاشئة التي تستحدث حلولا عبر تقديم خدمات رقمية والتّطبيقات التي يستخدمها الزّبون.
في هذا الاتجاه قدّرت العديد من التّشريعات والقوانين والقرارات التي تتضمّن وضع إطار قانوني للمؤسّسات النّاشئة والحاضنات، وتسهيلات وتحفيزات مختلفة من أجل خلق ديناميكية جديدة للاقتصاد الوطني في اتجاه تنويع اقتصادي وانفتاح على اقتصاد المعرفة، وآخرها اعتراف قانوني من خلال السجل التجاري بنشاط المؤثّرين الاجتماعيّين، وأهمّها ربما السّماح لمصدّري الخدمات في إطار اقتصاد المعرفة بتحصيل مداخليهم بالعملة الصعبة كاملة دون تحويل جزء منها إلى الدينار، وأخيرا هناك اتجاه بإحداث قانون للمقاول الذّاتي.

- فرض الظّرف الحالي التّحوّل الرّقمي وخلق مقاربات جديدة في التّسوّق والتّجارة والتّعاملات المالية، كيف تجدون وضعية الجزائر في هذا الصّدد؟ وما الذي علينا بذله لتحقيق وثبة في هذا السياق..؟
 خلق فيروس كورونا تحديات للاقتصاديات في العالم، وهذه التحديات سمحت بظهور استجابات متنوّعة من أجل تجاوز هذا التّحدّي الوبائي، إحدى هذه الاستجابات تمثّلت في ظهور الطلب على التّسوّق الإلكتروني، وانخرطت العديد من المؤسّسات في تقديم خدمات عبر الأنترنت وخدمات التوصيل المنزلي. لكن رغم هذه المبادرات الجديدة مازال هناك تحديات مثل الدّفع الالكتروني، الذي يتسبّب في طوابير المواطنين من أجل سحب أجورهم.
وإذا عرفت الجزائر مرّة أخرى موجة جديدة من الوباء، فإنّ استمرار هذه الطّوابير البريدية سيشكّل مصدر انتشار كبير للوباء.
العامل الأساسي الذي يمكنه أن يسهم في تعزيز رقمنة التعاملات هو عامل الثّقة لدى الجمهور، حيث ينبغي أن يشعر الجمهور من خلال تجربة التعاملات الالكترونية بالأمان والفائدة من خلال استخدام البطاقات أو التطبيقات. نحن نحتاج إلى تعزيز بيئة تسمح بالثّقة والأمان للزّبون حتى ينخرط في التّعاملات الإلكترونية.
كما أنّ عرض آلات الدفع يجب أن يتوسّع لدى التجار، وينبغي أن تكون هناك حوافز لديهم لاستخدام الدّفع الإلكتروني مثلا كالتخفيضات الضّريبيّة.

-  يمر العالم بمتغيّرات كبرى، أثّرت وتؤثّر على البنية الهيكلية للإقتصاد، كيف تقيّمون وضع الإقتصاد العالمي؟ وما هو استشرافكم لمستقبله ومستقبل اقتصاد الجزائر؟
 من الصّعب التكهّن والتنبؤ بمستقبل الاقتصاد، لا على المستوى الوطني ولا على المستوى الدولي، ظهور «كوفيد- 19» لم يتوقّعه أحد، ولم يتوقّع أحد الرّكود العالمي الذي خلقه، ولازال العالم في بداية التّعافي من الرّكود، ونحن اليوم نسمع عن موجات جديدة من الإغلاق لمواجهة سلالات جديدة من «كوفيد-19».
والإقتصاد الجزائري مرتبط بالاقتصاد العالمي، ورأينا كيف أنّ تباطؤ الاقتصاد العالمي ساهم في انخفاض الطلب على الطاقة، وكيف أثّر ذلك على سعر النّفط بالانخفاض.
إذن مستقبل الاقتصاد الوطني مرتبط بالاقتصاد العالمي، ونحن نعيش في عالم الاعتماد المتبادل وليس عالم الاكتفاء الذاتي.

- هناك تحوّل من الإقتصاد التّقليدي المبني على الرّيع في دول العالم الثالث إلى اقتصاد الخدمات والإنتاجية، كيف تقيّمون اتجاه الاقتصاد الجزائري في هذا الصدد؟ وما هي برأيكم الإصلاحات الهيكلية لتحقيق اقتصاد فعّال ومنتج يواكب التحديات والتحوّلات الاقتصادية الجارية في مختلف دول العالم؟
 الإقتصاد الجزائري يعاني من مصدر قوّته أنّه يعتمد على بيع الطاقة للخارج، ولكن لما ينخفض سعر الطّاقة تقل مداخيل المبيعات، وبالتالي تنخفض الجباية البترولية، هذه قصّة يعرفها الجميع والجميع واعي بضعف تنوّع الاقتصاد، والجميع يدعو إلى اقتصاد متنوّع.
شهدنا هذا العام حديثا عن اقتصاد المعرفة والاقتصاد الثّقافي، وهي اتجاهات مشجّعة في اتجاه تنويع الاقتصاد الجزائري أي تنويع مداخيله، وفي الجزائر علينا فتح عدة ورشات أخرى يشارك فيها العديد من الفاعلين، وأعتقد أنّ من بينها استكمال الدستورية كالبرلمان والمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي ومرصد المجتمع المدني.
هذه المؤسّسات ستلعب دورا تشريعيّا ورقابيّا واستشاريّا في الدفع نحو تنويع الاقتصاد، وخاصة تحسين بيئة الاقتصاد وخفض الطّابع البيروقراطي لبيئة الاقتصاد الجزائري، وإضفاء المزيد من الإقتصاد الرّقمي والمعرفي.

-  تتحوّل الأقطاب الإقتصادية في العالم من الغرب للشرق، فالصين تعمل من أجل أن تضاهي الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية وفيتنام تنافسان دولا أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا، ما هو استشرافكم لموازين القوى العالمية الاقتصادية؟ وكيف تجدون مستقبل الجزائر في ظلّ هاته المتغيّرات؟
 لو نلاحظ قطاعات اقتصاد المعرفة، فسنجد هذا الإقتصاد النّاشئ ينمو في جنوب آسيا أكثر من بلدان الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة. بلدان مثل كوريا الجنوبية وماليزيا تنمو فيها اقتصاديات المعرفة والإقتصاد الرقمي بشكل متزايد يصل إلى 20 بالمائة من الناتج المحلي في بلد مثل آسيا، وسرّعت جائحة «كوفيد-19» من توسّع قطاع اقتصاد المعرفة والرّقمنة المالية.
في حين أنّ بلدان الاتحاد الأوروبي مازلت متأخّرة مقارنة ببلدان جنوب آسيا، حيث بيروقراطية الاتحاد الأوروبي بطيئة ولا تسير بالسّرعة الكافية لتسهّل عملية الرقمنة الاقتصادية في آسيا، والجزائر كبلد فيه ديمغرافيا شبانية ومتعلّمة هو أقرب في خصائصه الديموغرافية لبلدان جنوب آسيا مثل ماليزيا وفيتنام، ولهذا لدينا فرصة كبيرة أن نحقّق النّمو الاقتصادي وننوّع اقتصادنا انطلاقا من رفع نسبة الاقتصاد الرقمي في الاقتصاد الوطني، حيث يمكن أن نجعل من 20 بالمائة هدفا معقولا نصل إليه في سنتين إذا وفّرنا البنية التحتية الملائمة لازدهار اقتصاديات المعرفة.

- تعتبر الرّقمنة والإدارة ركيزتان أساسيتان لبعث فاعلية اقتصادية أكثر سرعة واختصارا وجدوى، من خلال رؤيتكم ما هي الإصلاحات المجدية في هذا الصّدد لاقتصادنا؟ وما هي الأرضيات المجدية التي يمكن العمل عليها لتعزيز هذا الاتجاه وخدمة الإقتصاد الوطني؟
 الإرادة السياسية لإضفاء الرّقمنة على الاقتصاد والحوكمة متوفّرة، وهناك عدّة نتائج تحقّقت، رأينا كيف أنّ رقمنة الوثائق المدنية الآن هي فعلية، وهناك المزيد من الخدمات الإدارية والقضائية أصبحت مرقمنة، ويحصل عليها المواطن دون التنقل للمصالح المعنية كما في السابق، فقط يجب مواصلة تعزيز الحوكمة الرّقمية وإجراء تقويم مستمر من أجل تحسين جودة الخدمة، يمكن للمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي ومرصد المجتمع المدني، وهما مؤسّستان دستوريتان استشاريتان أن يصدرا تقارير سنوية أو نصف سنوية لقياس جودة الحوكمة الرقمية، ورفع توصيات للحكومة قصد التحسين المستمر للخدمة الحكومية الرقمية.

- بالإضافة للثّروات الباطنية، هناك الفلاحة والصّناعات التّحويلية وقطاع الخدمات، واقتصاد المعرفة والابتكار العلمي والتّكنولوجي، كيف يمكن تحويل هذه المجالات إلى ميادين خصبة وفاعلة لدعم روافد الاقتصاد الوطني التقليدية؟
 أولا اسمح لي أن أصحّح خطأ شائعا في استخدام مصطلح الثّروات. الموارد الباطنية (غاز وبترول وغيرهما) تتحوّل إلى ثروات إلاّ بعد بيعها في السوق المحلية أو الدولية. لو ينخفض سعر النفط إلى أدنى من تكلفة إنتاجه فلن يصبح ثروة، وإنما مجرّد مواد كيمائية بدون قيمة اقتصادية، ولهذا تنويع الاقتصاد الوطني ضروري لتنويع مصادر الناتج المحلي، وكل القطاعات التي ذكرتها هي قطاعات تسهم بنسب مختلفة في الناتج المحلي. لكن نحن مدعوون إلى الاهتمام بتطوير نسبة إسهام اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي، فبعض بلدان آسيا يشكّل الإقتصاد الرّقمي فيها 20 بالمائة من الناتج المحلي، خاصة أنّ هذا الاقتصاد الرّقمي المعرفي يسهم في تطويره الشاب من خلال المؤسّسات النّاشئة. ولاحظنا مؤخّرا بعض المؤشّرات المشجّعة مثل إعفاء المؤسّسات النّاشئة التي تصدر خدماتها من التوطين البنكي والاعتراف القانوني بنشاطات «الفريلانس» وصنّاع المحتوى والمؤثّرين، وهي كلّها أنشطة تتم في اقتصاد المعرفة والرّقمنة، ونموّها وتوسّعها يشكّلان عاملين أساسيين في تنويع الاقتصاد الجزائري.

-  تظهر التكنولوجيا المالية «Fintech» كمتغيّر جديد في التعاملات النقدية والتجارية، متجاوزة بذلك النّقود التقليدية والبنوك وبطاقات الائتمان، برأيكم كيف يمكن تطوير نظامنا المالي وفق التحديات الشاملة ومتطلّبات التجارة العالمية مع تعزيز حضور التكنولوجيا المالية في تعاملاتنا المختلفة؟
 «الفينتك» أو التكنولوجيا المالية هي قطاع ناشئ يتطوّر بشكل سريع في جنوب آسيا، الصين، سنغافورة وماليزيا، وهي عبارة عن أرضية أو «بلاتفورم» مالي يضمّ شبكة من الخدمات المالية الجديدة كالقرض الالكتروني مثلا، ناهيك عن الدفع الالكتروني الهاتفي الذي أصبح الأداة الأساسية في التعاملات المالية في آسيا، وأصبحت «الفينتك» تسهم في رفع نسب الاقتصاد الرقمي في الاقتصاد الإجمالي بمستويات متسارعة، وخاصة بعد جائحة «كوفيد-19»، حيث سارعت بلدان جنوب آسيا إلى توسيع وتطوير البنيات التحتية لـ «الفينتك»، وهي تضمّ بنوكا رقمية تقدّم قروضا رقمية ومؤسّسات تأمين رقمية تقدّم خدمات رقمية، وغيرها من الأنشطة التي خفّضت من التّكاليف التقليدية (بناية، موارد بشرية، رأسمال، عمالة)، وتحوّلت إلى بلاتفورمات توفّر طائفة واسعة من الخدمات.
ومرّة أخرى الجزائر بإمكانها اللحاق بهذا التطوْر المالي الرقمي، وأن تضع بنيات تحتية آمنة وتسهيلات لاحتضان المؤسّسات الناشئة في مجال تقديم الخدمات المالية الرقمية، خاصة أنّ الديمغرافيا الشبانية والمتعلّمة تسهّل علينا تطوير هذا النوع من القطاع المالي النّاشئ، الذي هو جزء من اقتصاد المعرفة.

- تحدّثت تقارير عن انخفاض النّاتج القومي الخام بداية من عام 2018 بـ 2 بالمائة، فيما تحدّث صندوق النقد الدولي عن استنفاذ الجزائر الاحتياطات الدولية في حدود 2022 جرّاء غياب الإصلاحات الهيكلية لتحسين القدرة التنافسية وتقليل العجز المالي، في بيئة من أسعار النّفط المعتدلة. برأيكم أليس هذا تقدير تشاؤمي؟ وهل أمام الجزائر مجال كاف للمناورة والمواجهة في ظلّ انخفاض أسعار المحروقات وضعف تدفّق الاستثمارات وتحديات فيروس كورونا؟
 الجزائر منذ 2017، دخلت مرحلة بنيوية هي العجز في الميزانية نتيجة انخفاض مداخيل الجباية البترولية، واستنفذنا في تلك السنة مدخّرات صندوق تعديل الميزانية الذي كان يغطّي العجز في الميزانية، حيث كان يتمّ التخطيط للميزانية وفق سعر مرجعي متدنّي، ولمّا ترتفع الأسعار يتمّ صب المداخيل في صندوق ضبط الإيرادات، لكن في 2017 انتهى كل هذا، ودخلنا مرحلة عجز الميزانية، وكل سنة يكون لدينا 20 مليار دولار كرقم للعجز. كل هذا هو نتيجة الاعتماد على اقتصاد أحادي المداخيل يتأثّر بسعر سلعة واحدة في السوق الدولية هي النفط، الآن الجميع واعي بضرورة تنويع الاقتصاد، ومن مساوئ الصدف أنّ تطبيق برنامج الرئيس تبون تصادف مع جائحة «كوفيد-19» التي تسبّبت في ركود اقتصادي عالمي وركود اقتصادي محلي نتيجة الإغلاق وغلق الحدود وتوقّف التّجارة الدولية. الاقتصاد الجزائري في حاجة إلى تنويع مداخيله، وتنويع المداخيل يحتاج إلى بيئة أعمال مسهلة وغير بيروقراطية، وغير مكلّفة للمتعاملين الاقتصاديّين والمؤسّسات.
وفي الجزائر لدينا مرض ورثناه من الاستعمار هو التضخّم التشريعي للنّصوص المنظّمة للأنشطة الاقتصادية، وكلّ نصّ ينتظر نصّا آخر يشرحه، وفي الغالب ينسى المشرّع أو المشرّعون إصدار نصوص تطبيقية لأنّهم يكونون مشغولين في إصدار نصوص جديدة.
الإقتصاد يحتاج إلى الإقتصاد في التشريع والاكتفاء بوضع قواعد بسيطة، وترك الممارسات تحدّد أشكال متنوّعة من التّطبيقات، وفي حالة النّزاع يمكن اللّجوء إلى المحاكم التجارية التي ربما تفضّل الصّلح لحلّ النّزاعات.
المثال الأبرز على ما أقول هو الصّيرفة الإسلامية، لقد ظهرت في الجزائر سنة 1990 بدون أن يكون هناك أي نصّ يتكلّم عن البنوك الإسلامية، واليوم في 2020 صدر قانون الصيرفة الإسلامية، والسّؤال هل هذا القانون سيسهّل عمل تطوّر قطاع الصيرفة الإسلامية أم أنّه قد يعطّل بعض الخدمات المالية بحجّة أنّ القانون لم يتطرّق إليها.
أحيانا غياب الإطار القانوني يكون أفضل من وجود إطار قانوني صارم ومفصّل لتأطير نشاطات جديدة غير موجودة في الواقع الاقتصادي.

-  تعتبر الصّين شريكا اقتصاديا مهمّا في المنطقة، بحكم عدم وجود نوايا جيو-سياسية واضحة في مشاريعها الاقتصادية، لكن البنك الإفريقي للتنمية انتقد وجودها في إفريقيا وهيمنتها على مديونية عدد مهم من الدول الإفريقية منها جيبوتي والكونغو، مقابل مشاريع إنشاءات ضخمة، كيف تقيّمون هذا الوضع؟ وهل تعتقدون أنّ الجزائر تسير بمنطق رابح - رابح مع الصين، ولا تحدّي في الأفق في ظلّ تعميق علاقتنا الاقتصادية معها؟
 فعلا هناك تقارير اقتصادية دولية تصف الاستثمارات الصينية الحكومية في البنيات التحتية للدول الفقيرة في إفريقيا على أنّها عمليات تهدف للوصول إلى التأثير السياسي، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الفقيرة، حيث إنّ البلدان الفقيرة تكون غير قادرة على تسديد القرض الحكومي الصيني الضخم لبناء ميناء أو مطار أو طريق سيّار.
أظن أنّ الجزائر ليست معرّضة لمخاطر التدخل الصيني في شؤونها لأنّها ليست دولة فقيرة، والجزائر لديها العديد من الشّركاء الاقتصاديّين الذين لديهم استثمارات دولية عندنا. ولكن الحذر مطلوب مع الجميع حتى لا تتحوّل الاستثمارات الاقتصادية فرصة للتأثير السياسي أو الثقافي في البلد لخلق جماعات مصالح موالية للحكومات الأجنبية تدفع بالقرار السياسي حتى يكون في صالح الشّركات الأجنبية على حساب الاقتصاد الوطني.
إذن الحفاظ على تنويع الشّركاء الإقتصاديّين وهو ما تعوّدت عليه الجزائر هو أفضل طريقة لعدم الوقوع في شراك التأثير السياسي الخارجي، منطق رابح - رابح هو القاعدة مع الجميع وليس فقط الصين.

- كلمة حرّة لكم للتّنويه بأهم النّقاط التي تعتقدون أنّها تستحق الإثراء...؟
 أعتقد أنّ الوضع العام للبلد لا يدعو إلى القلق الشّديد، هناك تحديات نعم لكن لدينا فرص كذلك، التّحدّي الأساسي هو تنويع الاقتصاد، والآن هناك توجّه حقيقي للذّهاب في هذا الاتجاه، وبرنامج الرئيس تبون يدعّم تنويع الاقتصاد وتطوّر قطاع المؤسّسات النّاشئة واقتصاد المعرفة والحوكمة الرّقمية، والتّسهيلات المتزايدة مؤشّرات مطمئنة، لكن يبقى التّقييم ومتابعة الإنجازات وتقييمها، وهذا هو الدور المعوّل على المؤسّسات الاستشارية كالمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي ومرصد المجتمع المدني حتى تلعب دورها في تقويم وتعديل السياسات العمومية في هذا المجال، كما أنّ البرلمان القادم الذي سيتشكّل أساسا من الشباب الجامعي سيوفّر إطارا ملائما لمساءلة الحكومة، وتقديم المقترحات التّشريعية التي تدفع بتحسين البيئة المؤسّساتية التي تخلق الحوافز وتخفّف القيود، وتخفّض التّكاليف وتمنح الضّمانات والثّقة لكل الفاعلين الإقتصاديّين الكلاسيكيّين أو النّاشئين في القطاعات النّاشئة القائمة على استخدام تكنولوجيا المعلومات من أجل خلق الثّروة بتقديم أفضل الخدمات للمواطن والمستهلك. البلد يحتاج إلى خفض حجم التّشريعات، والبرلمان القادم أتمنّى قبل أن يصدر قانونا جديدا أن يقوم بإلغاء قانون أو أكثر لأنّ البلد ملغّم من خلال التّشريعات التي كبحت ومازالت تكبح انطلاقة قويّة للإقتصاد الوطني.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024