يرى الدكتور سالم أقاري، الأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة تمنراست، أن إمكانية فوز القوائم المستقلة في تشريعيات 12 جوان الجاري، أمر مرجح، في ظل مؤشرات عديدة تحيلنا إلى تسجيل تراجع واضح للقاعدة الشعبية للأحزاب السياسية. ومع ذلك، فإن اختيار النخب القادرة على تحريك الملفات الثقيلة التي تنتظر البرلمان القادم يبقى قيد مسؤولية الشعب.
- الشعب ويكاند: هل تتوقعون أن يُحدث المترشحون المستقلون المفاجأة بالفوز في تشريعيات 12 جوان، أم أن الخبرة ترجح كفة الأحزاب؟
بخصوص الحديث عن إمكانية إحداث القوائم المستقلة للمفاجأة في تشريعيات 12 جوان 2021، فإن القول بذلك مرجح، على ضوء تراجع القاعدة الشعبية للأحزاب السياسية وفشلها طيلة 20 سنة في ممارسة وظائفها، من تنشئة سياسية وإنتاج القيادات السياسية الفاعلة والمقبولة لدى الجماهير، ناهيك عن الفشل في إرساء برامج واقعية، تعكس تطلعات المواطنين. هذا بالإضافة إلى وصمة ممارسات الفساد التي ألحقتها بعض الشخصيات السياسية المحسوبة على كبرى التيارات الحزبية تأثيرا على الساحة السياسة وهو ما يمكن أن يرجح كفة القوائم الحرة في تسيدها للمشهد السياسي في تشكيلة البرلمان المقبل، وذلك لعدة اعتبارات، منها عزوف الناخب عن التصويت لصالح القوائم الحزبية واعتبارها المسبب الرئيس لما حدث من تشويه للمشهد السياسي، طيلة عشرين سنة، ما أدى بالشعب للخروج في حراك 22 فبراير 2019.
- كيف تقيمون الأسابيع الثلاثة من الحملة الانتخابية؟
بالنسبة لتقييم الحملة الانتخابية في الثلاثة أسابيع المنقضية من عمرها، نجد أن فيه التزاما من طرف الأحزاب والقوائم الحرة بالضوابط القانونية للحملة الانتخابية والواردة في الأمر الرئاسي رقم 21/01 والمتضمن القانون العضوي للانتخابات، بحيث لمسنا تجاوبا مع المحاذير المتضمنة في محتوى هذا القانون، من نبذ لخطاب الكراهية والتمييز، بل وعملت الأحزاب والقوائم الحرة على انتهاج خطابات مفادها إعادة الأمل للمواطن في العملية السياسية في كنف الجزائر الواحدة والجديدة والتي تسع الجميع، حفاظا على أمانة الشهداء.
وقد نالت القضية الفلسطينية خلال الأسابيع الماضية من حيث المواضيع ذات الاهتمام القومي، القسط الأكبر من محتويات الخطاب السياسي.
إلا أنه من جانب آخر، وفيما تعلق بجودة الخطاب السياسي ومحتواه بما يتماشى مع المهام التشريعية والتمثيلية والرقابية لعضو البرلمان، فنلمس تباينا في مستويات الخطاب السياسي وبعده في بعض الأحيان عن تطلعات المواطن، جراء غياب برامج للمترشحين، تعكس تطلعات هذه الشريحة في إطار الجزائر الجديدة وكذلك غياب النظرة الاستشرافية للحلول التي يمكن أن يضعها البرلمان القادم كآلية لتفعيل التوأمة البرلمانية، خدمة للامتدادات الجيوـ استراتيجية للجزائر في فضائها الإفريقي والمغاربي وما يحمله من مستجدات، ترتبط بالمستقبل الأمني للمنطقة كالانقلابات في مالي وما يجري في تشاد وإعلان فرنسا مؤخرا اعتزامها الخروج من مستنقع الحرب على الإرهاب بالساحل الإفريقي وهو ما يبقي الخطابات ناقصة المداخل السياسية في التعبئة والتجنيد في مستوى هذا الحدث الهام. ويمكن إرجاع ذلك، لافتقاد الخبرة أحيانا وغياب التكوين السياسي لدى عموم المترشحين، نتاج الشروط التي تم اعتمادها والتي تجعل بعض الشباب، وإن توفرت فيه الكفاءة، يصطدم بمتطلبات التكوين السياسي التي قد لا تتاح لكل مترشح.
- ما هو تصوركم لتطورات المشهد السياسي، في ظل النتائج التي تفرزها التشريعيات من حكومة وبرلمان؟
لا شك أن البرلمان المقبل سيجد في أجندته العديد من الملفات الثقيلة والشائكة، من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتي تنتظر الحسم ويبقى الأمل على الشعب في اختيار النخب التي يمكن أن تحرك هذه الملفات وتكون قيد المسؤولية، خاصة باعتبار أن الحكومة ستسفر عن الأغلبية البرلمانية، اعتمادا على ما ورد في دستور الفاتح من نوفمبر.