الخبير في الشؤون الدولية، رضوان بوهيدل لـ «الشعب ويكاند»:

مقاومــة الشعب الفلسطيني قــدمت صورة نوعيـــة أربــكت المحتل

حوار: فضيلة بودريش

الطفرة الراهنة في وعي الفلسطينيين تُشكل بداية لنهاية المحتل

الرأي العام العالمي المتعاطف مع القضية يمكن الرهان عليه مستقبلًا

اعتبر الدكتور رضوان بوهيدل، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الدولية أن طفرة الوعي التي صار يتحلى بها الشعب الفلسطيني في الوقت الراهن، تشكل بداية تدريجية لنهاية حقيقية يضمحل فيها المحتل الصهيوني، في ظل انكشاف الحقيقة كاملة أمام الرأي العام العالمي الذي بدأ يضغط على حكوماته من أجل رفع الظلم والأذى الممارس في حق المدنيين الفلسطينيين الذين يطالبون باستعادة أرضهم، وراهن على نجاعة ضغط التكتلات الدولية التي تصنعها مواقف مختلف الدول في جميع القارات على المحتل وإجباره على الرضوخ للقوانين والشرعية الدولية. وقال إن ما يحدث من مقاومة للكيان الصهيوني أعطى صورة جديدة ونوعية مختلفة عن كل الصور النمطية التي عهدنا مشاهدتها عن القضية الفلسطينية، وبدا مقتنعا أن القضية الفلسطينية تكسب في الوقت الراهن العديد من النقاط في وقت يخسر بالمقابل الكيان الصهيوني رفقة حلفائه الكبار في العالم نقاط كثيرة.
- الشعب ويكاند: كشفت أحداث الشيخ جراح الأخيرة وبيت المقدس وباب العمود وعي كبير لفلسطيني الداخل «عرب 48»، وفي صدارتهم الشباب الذين أبدوا تمسكا مشرفا بقضيتهم وبفلسطينيتهم، وبسلمية فضحوا التوسّع الاستيطاني للمحتل، ونجحوا في تحريك التعاطف الدولي.. هل يمكن على إثر هذه المستجدات تسجيل تطورات إيجابية جديدة في مسار القضية الفلسطينية؟
رضوان بوهيدل: الأكيد أن أحداث الشيخ جراح الأخيرة أكدت مرة أخرى أن القدس أرض محتلة ويذكر أن الجميع يحاول تحريرها منذ سنوات طويلة، واليوم مرّت 73 سنة منذ زرع هذا الكيان الصهيوني الخبيث في قلب الأمة العربية، وفي الوقت الراهن بدا تمسك الفلسطنيين بقضيتهم واضحا وصلبا، ويبدو أنهم لن يتنازلوا عن مبدأ المقاومة وعن خيار الدفاع عن الأرض بكل ما أوتوا من قوّة، لأن ما أخذ بالقوّة لن يسترجع إلا بالقوّة، ورغم محاولة الاحتلال زرع مستوطنات متعدّدة في كل المناطق ودعم المتعصّبين من اليهود الذين دأبوا على اكتساح ساحات الأقصى مرارا ولمدة سنوات، غير أنه سجلت مؤخرا طفرة في وعي الشعب الفلسطيني، وصار الكثير منهم يفضلون التوجه للمقاومة  كحل واقعي على الأقل لإعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة المنابر الدولية بعد تغييبها عمدا من طرف القوى الكبرى التي تشكل مجلس الأمن الدولي ولديها سلطة القرار، لذلك أعتقد أننا اليوم نتجه أمام بداية نهاية الكيان الصهيوني ولو  بشكل تدريجي وبطيء لأن البداية ستنطلق من خلال المقاومة والوعي.
 انقلاب الموازين
- الوحدة الفلسطينية باتت التحدي الأكبر وضرورة مستعجلة للمّ الشمل ومواصلة الكفاح الذي وحده من يعبد طريق الحرية؟
من الملاحظ أن هناك إعادة توحيد الرؤى بالنسبة لكل الفصائل الفلسطينية، سواء بالنسبة لمن كان يؤمن بالمقاومة المسلحة كحل للأزمة ولإرباك وإخراج الاحتلال، مع هؤلاء الذين كانوا ينادون بالحلول السياسية وبالشرعية الدولية واحترام الاتفاقيات، لكنني أعتقد أنه حاليا حتى حركة فتح التي تمسك بزمام السلطة الرسمية في فلسطين المحتلة بدأت تغير في خطابها السياسي أمام الواقع المعاش والانتهاكات وحجم الجرائم التي يقترفها الكيان المحتل، ولاشك في هذا الظرف وعلى ضوء المستجدات هذه الفصائل ستتوّحد أكثر مع مرور الساعات والأيام القليلة المقبلة من أجل رؤية واحدة، لأن الخلاف ليس شخصيا، غير أنه خلاف حول الرؤى المؤدية إلى الحلول، وأرى أن الجميع يتقاطع حول تحرير فلسطين ولكن الخلاف في الطريقة لتحرير الأرض والتي بدأت تتضح بشكل أفضل بالنسبة لجميع الفصائل والأطراف في الأراضي المحتلة.
 
- ما رأيك في موقف إدارة بايدن من القضية الفلسطينية على ضوء التطورات الأخيرة..هل ستعيد النظر في القرارات الظالمة بما فيها مشروع صفقة القرن؟
 ما قام به بايدن ليس ضد ما قام به ترامب، بل هو امتداد له، ولكن التعاطي جاء بأسلوب مختلف، لذا لا يمكن المراهنة كثيرا على الموقف الأمريكي، وإلا لكانت أمريكا قد استدعت جلسة طارئة لمجلس الأمن كونها أحد أعضائه، غير أن الموازين ستقلبها كل من روسيا والصين، لأن التصريحات الأخيرة للرئيس الروسي وبعض التحركات الصينية بدأت تخلط أوراق مجلس الأمن، لاسيما فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبشكل أقل بريطانيا، وهذا ما يضع حكومات هذه الدول أمام ضغط شعبي في ظل اتضاح الحقيقة كاملة أمام الرأي العام الدولي الذي يشاهد الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال والمقترفة ضد المواطنين العزّل بشكل مباشر وعلى الهواء.
- كيف يمكن استخدام ورقتي قصف المدنيين الفلسطينيين وتمادي المحتل في تطبيق سياسة التوسع الاستيطاني، وتوظيف كل ذلك في فضح والضغط على المحتل الصهيوني، وبالتالي التأثير على الرأي العام العالمي؟
كل العالم يتابع ويشاهد هذه الجرائم الوحشية والفظيعة على المباشر، ولا شخص يمكنه بلغة المنطق والعقل أن يمنح الحق للكيان الصهيوني لمواصلة عنفه وبطشه وتنكيله في حق الفلسطينيين، ويمكن القول إن المحتل في حالة من الارتباك لأن الكيان الصهيوني الذي تعوّد على المواجهة من جبهة واحدة على الأقل، يواجه اليوم عدة جبهات على المستوى المحلي، وفوق ذلك تحاصره سلسلة من المشاكل والأزمات السياسية الداخلية بين حكومته ومعارضيها وكذا فشل حكومة الكيان الصهيوني في حماية مواطنيها وسقوط فزاعة الدولة التي لا تقهر والجيش الذي لا يهزم، واعتقد حاليا أن موازين القوى انقلبت والجديد صار على أرض الواقع مختلف كثيرا.
 الرهان على التكتلات
- التزمت الصين والدول العربية والإسلامية بدعم حق الشعب الفلسطيني إلى غاية استعادة حقه..كيف يتسنى افتكاك المزيد من الدعم الدولي وإرغام المحتل على الرضوخ للشرعية الدولية؟
عدد من الشعوب في مختلف القارات الأوروبية والإفريقية وأمريكا اللاتينية وكذا إلى جانب الدول العربية والإسلامية يمارسون نوع من الضغط على حكوماتهم كونها جزء من المجتمع الدولي للضغط على الكيان الصهيوني بطريقة أو بأخرى مثلما يحدث في بريطانيا من تظاهرات مندّدة بجرائم الكيان الصهيوني، وهذا الضغط على الحكومة مؤثر لأن بريطانيا عضو في مجلس الأمن الدولي، وبالتالي تحرص بسبب ذلك أن لا تتصادم مع مواطنيها وشعوبها وقد تذهب لإرضائهم باتخاذ مواقف ردعية للكيان الصهيوني. علما أن هذه الضغوطات قد تؤدي في الوقت الراهن إلى حلول عملية كالمقاطعة الدبلوماسية وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني. وحتى المقاطعة الاقتصادية قد تلعب دورا كبيرا في الضغط على الكيان الصهيوني للتوقّف عن هذه الجرائم ولو بشكل مؤقت.
يجب المواصلة في حشد الدعم الدولي ولا ينبغي استصغار أي طريقة تضامنية، حتى وان كانت منشور عبر وسائط التواصل الاجتماعي، مثلما قامت به شخصيات سياسية وفنية ورياضية وثقافية مشهورة، كل هذا يعتبر طريقة ضغط لاستقطاب المزيد من المتعاطفين والمؤيدين الجدد، فهناك من لم يكن يعلم ما يجري في الواقع بفلسطين وتعرف عن طريق الصدفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأبدى تضامنه مع القضية الفلسطينية كذلك يمكن للمنظمات غير حكومية أن تلعب دورا من خلال بناء عدد من التحالفات وإيصال صوت الشعب الفلسطيني وكل ما يحدث في المنابر الدولية، وكذلك يمكن الرهان على دور المنظمات الحكومية وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في ظل غياب أهم المنظمات في هذا الشأن، ويتعلق الأمر بالجامعة العربية التي بدت عاجزة تماما كهيئة وتكتل في مواجهة ما يحدث للفلسطينيين لذلك الرهان كبير على هذه التكتلات للضغط على الكيان الصهيوني من كل ناحية، لأنه لن يتوانى في الرضوخ إلى الضغوطات الدولية وسيجد نفسه محاصرة ثم يتلاشى ويصبح غير موجود إذا استمر في جرائمه.
حشد دولي كبير
الصين دولة مهمة وتلعب دور دبلوماسي كبير كقوة تجارة واقتصادية، حيث يمكن أن تضغط حتى على بعض الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي اتخاذ موقف ضد ما يحدث من جرائم، مع انضمام روسيا لنفس الموقف وهذا من شأنه أن يشكل نوع من التكتل والتحالف داخل مجلس الأمن الدولي الذي بإمكانه إصدار قرار ردعي بالنسبة للكيان الصهيوني حتى يتوقف عن هذه الجرائم ولو بشكل مؤقت، لأننا تعوّدنا أن الكيان الصهيوني لا ينقص من حدّة جرائمه ويعود، ولعلّ هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة في ظل الحشد الدولي المؤيد للقضية الفلسطينية.

- التطبيع أثّر سلبا على القضية الفلسطينية.. ما هي الخيارات المتاحة حتى تستعيد القضية الأم صدارتها عربيا وإقليميا؟
 تطبيع عدد من الدول العربية والإفريقية مع الكيان الصهيوني، منحه نوع من القوّة النفسية لمواجهة الفلسطينيين، لأنه يعلم حاليا ويعتقد أن الفلسطينيين فقدوا الدعم من ناحية، لكن هذه الحسابات خاطئة، لأنه عندما تفقد دعم من دولة صغيرة وتكسبه من جهة أخرى من دولة كبيرة، يكون أهم، وربما ما يحدث من مقاومة للكيان الصهيوني أعطى صورة جديدة ونوعية مختلفة عن كل الصور النمطية التي عهدنا مشاهدتها عن القضية الفلسطينية، وكذا ما يحدث من صراع عربي صهيوني أو صراع فلسطيني صهيوني على أرض الواقع، لذلك القضية الفلسطينية تكسب اليوم العديد من النقاط في وقت يخسر بالمقابل الكيان الصهيوني رفقة حلفائه الكبار في العالم نقاط كثيرة.—

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024