الشاعر سليمان جوّادي لـ «الشعب ويكاند»:

نوعـان من الغناء لا يوجدان إلاّ في الجزائـــر

حوار: الخير شوار

 لم نتمكــن مـن صناعـة النجــوم فمــا بالك بالرمــوز

الدعـوة إلى حـب الوطــن ليسـت دعايـــة 

إهمالنــا للأرشيــف الفنـي ضيّـع علينـا أمــورا كـــثيرة

في هذا الحوار المقتضب مع الشاعر سليمان جوّادي، نحاول الاقتراب من «مشكلات» الأغنية في الجزائر، انطلاقا من سؤال: هل فعلا هناك أغنية جزائرية تتوحّد حولها الأذواق، إضافة إلى قضايا أخرى ذات الصلة، لعل أبرزها غياب «الرمز» الفني، على غرار ما هو موجود في مجتمعات أخرى.
والشاعر سلميان جوّادي، الذي يرأس حاليا مؤسسة «بيت الشعر»، واحد من أبرز الذين كتبوا للأغنية الجزائرية، إن بالفصحى أو بلغة قريبة منها، ويعتبر أحد العارفين بمشكلات الأغنية في البلاد.

كثر الحديث عن «الأغنية الجزائرية»، هل هناك فعلا أغنية تتوحّد عندها أذواق الجزائريين، أم هي مجرد محاولات لم يكتب لها النجاح؟
لقد حاول الملحنون والمطربون الرواد خلق طابع غنائي يجانس بين أغلب الطبوع الجزائرية مبتعدين عن التصنيف التقليدي: بدوي، شعبي، قبائلي، شاوي، صحراوي، وهراني إلخ... لكن محاولاتهم لم تجد من يبني عليها ويواصلها. وتجلى ذلك لدى أوراد بومدين والميسوم وعبد الرحمن عزيز وأحمد وهبي وغيرهم، كما اجتهد من بعدهم كل من مصطفى زميرلي ومحمد بوليفة كل حسب رؤيته وإمكاناته الإبداعية والفنية، لكنهما لم يتمكنا مثل سابقيهما من فرض اجتهادهما ورؤيتهما وظلت محاولاتهما، رغم جديتها، حبيسة جمهور محدد...
هناك نوعان من الغناء لا يوجدان إلا في الجزائر وهما الراي والآي ياي، لكننا جابهناهما إما بالعداء أو التجاهل. لو حاول الملحنون الكبار وخاصة المختصين في الموسيقى، الاستثمار فيهما جيدا لاستطعنا الخروج بأغنية جزائرية محضة موحدة لكل الأذواق.

لماذا في رأيك لم نستثمر في تنوّع الطبوع الموسيقية في الجزائر، ولم ننتج «رمزا» نتفق حوله، رغم أننا نمتلك نجوما وصلوا إلى العالمية؟
قلتها في عدة مناسبات، إننا لم نتمكن من صناعة النجوم في شتى مجالات الإبداع فما بالك بالرموز. نجومنا في الأدب والغناء صنعوا خارج ديارنا ولم نسهم نحن إلا في محاولة تشويهها وتقزيمها وتحطيمها، لن نتمكن من صناعة هذه الرموز الموحدة حتى نتمكن من إعادة برمجة ذهنياتنا والسيطرة على نزعاتنا الجهوية والفكرية.

كيف توقفّت عن كتابة كلمات الأغاني؟ هل تغيّرت طريقتك في الكتابة، أم أن الزمن هو الذي تغيّر؟
صدقني أنه بعد وفاة رفيق دربي الموسيقار محمد بوليفة، لم تعد لي رغبة في الاستمرار ولولا محاولات محتشمة مع كل من فؤاد ومان وزكية محمد، لكنت قد ودعت ميدان الأغنية يوم رحيل محمد، رحمة الله عليه.

على ذكر الغناء، هل عملت التكنولوجيا المتطوّرة إلى إنهاء «عصر الطرب»، أم أنها ساهمت في توفير أرشيف كبير لم يكن متوفّرا إلا لعدد قليل من المحظوظين؟
الشق الثاني من السؤال هو الأرجح، ما زال عدد كبير من الناس يتذوق الأغنية العربية ويستلذها وقد وفرت له الوسائط الحديثة سبل الوصول إليها بيسر وسهولة لم تكن متوفرة من قبل.

يقال إن «الأغنية الوطنية» كانت مجرد وسيلة «دعائية» وانتهت بانتهاء مهمتها، إلى أي مدى توافق على هذا «الادّعاء»؟
الدعوة إلى حب الوطن وعشقه والاستماتة من أجل الدفاع عنه ليس دعاية بل ضرورة علينا تشجيعها ودعم العاملين عليها من كتاب وملحنين ومطربين. و»الدعاية» من أجل حب الوطن ونصرته لا تموت ولا تنتهي بانتهاء الأفراد والحكومات والأنظمة بل هي باقية ما بقي الوطن.

رغم الانفتاح الكبير الذي يشهده العالم الرقمي، إلا أن أرشيف الطرب الجزائري غير متوفّر بالشكل الكافي، ما مصير ذلك التراث؟
مع الأسف الشديد، دولتنا لا تولي أهمية للأرشيف. تلتقي في ذلك السلطة والمجتمع، مما ضيع علينا أمورا كثيرة في مختلف المجالات وليس في مجال الطرب وحده... هناك اجتهادات فردية لأرشفة المدونة الغنائية الجزائرية، لكنها تبقى قاصرة ما لم تتدعم بهيئة وطنية تعطى لها الصلاحيات والإمكانات لرقمة كل تراثنا الغنائي وتسهيل الوصول إليه ولتكن هذه الهيئة تابعة لمؤسسة الإذاعة الوطنية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024