الدكتورة حنان رزايقية لـ «الشعب ويكاند»

تجسيد الإصلاحات في شتى المجالات وتنظيم انتخابات شفافة في ظرف 18 شهرا

حوار : عزيز.ب

 دول منطقة الساحل وحدها المعنية بتحقيق الاستقرار بعيدا عن تدخّل قوى دولية

أكدت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة العربي التبسي بولاية تبسة الدكتورة، حنان رزايقية، صعوبة تقييم عمل الحكومة الانتقالية المالية الساعية لتحقيق طموح الشعب المالي بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تشكيلها..

«الشعب ويكاند»: تمر هذا الأسبوع ثلاثة أشهر على تولي الحكومة الانتقالية في مالي الحكم، كيف تقيمون مسار الفترة رغم التحديات التي واجهت السلطات؟
الدكتورة، حنان رزايقية: من الصعب الحديث عن تقييم لأداء الحكومة الانتقالية بعد ثلاث أشهر فقط من توليها الحكم، بحكم قصر الفترة غير أنه وانطلاقا من بعض ممارساتها يمكن الحديث عن أهم النقاط التي ميزت عمل هذه الحكومة والتي تساعد في التنبؤ بمستقبل مسارها.
لابد من الإشارة إلى أن عدم الاستقرار في مالي غذاه عاملان أساسيان أولاهما التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين الشمال والجنوب والثاني يتمثل في أزمة التمثيل العادل في ظل التنوع العرقي الاثني وهو الأمر الذي لم تراعه الحكومة الانتقالية فبالنظر للعنصر الأول لا وجود لتحرك ملموس لتقليص الفوارق بين الشمال والجنوب. أما فيما يتعلق بالعنصر الثاني فتشكيلة المجلس الانتقالي خير دليل على ذلك.
 - تستند خارطة الطريق الانتقالية إلى ضرورة وجود حكم توافقي، وهو ما يغيب عن عمل الحكومة الانتقالية الحالية.
- فشل الحكومة الانتقالية في حشد إجماع وقبول بخصوص المجلس الوطني الانتقالي باعتباره يجسد سيطرة عسكرية على حساب بقية فئات المجتمع، الأمر الذي سيساهم في تعميق الفجوة بين السلطة ومختلف الفواعل من جهة وبين السلطة الانتقالية والمجتمع من جهة أخرى.
- أن مختلف التحديات والعقبات السابقة الذكر تؤثر بشكل أو بآخر على مسار عمل الحكومة الانتقالية المكلفة بضمان تجسيد إصلاحات سياسية واقتصادية ومؤسساتية في ظرف 18 شهرا للوصول لانتخابات شفافة ونزيهة وبناء دولة مالية جديدة.
- قامت الجزائر بالتنسيق مع السلطات المالية بتنصيب لجنة مراقبة ومتابعة ميثاق المصالحة المنبثق عن إتفاق الجزائر، إلى أي مدى يمكن أن تسهم هذه الخطوة في استقرار مالي؟
 تعتبر الجهود الجزائرية من أهم الجهود الإقليمية المبذولة في سبيل حل الأزمة المالية والتي كان آخرها المساهمة في إنشاء ما أطلق عليه لجنة المراقبة والدعم التي تم الإعلان عن إنشاؤها إثر اجتماع مجلس السلم والأمن التابع لاتحاد الإفريقي، حيث تهدف هذه المبادرة لدعم المسار الانتقالي من أجل الوصول إلى تسوية سلمية وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة وتأسيس دولة مالية جديدة.. كما تهدف لتحقيق الاستقرار عبر فتح مجال للحوار مع مختلف الجهات. إن هذه المبادرة الجزائرية قد تؤدي إلى دعم المسار الانتقالي وتحقيق الاستقرار للدولة في حال نجحت في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف الفاعلة عبر تقديم ضمانات فعلية لضمان التمثيل العادل والسير الشفاف لهذه المرحلة.
- الدور الفرنسي في الساحل واضح من خلال التدخّل في شؤون دول المنطقة، لكن مع تغيّر الوضع في مالي بدت الأمور مختلفة، لاسيما مع توسع نفوذ دول عظمى، هل هذا يؤدي الى انفراج الوضع الأمني في المنطقة؟
 إن الدور الذي لعبته وتلعبه فرنسا منذ أزمة 2012، الذي تكلّل بالتدخل العسكري ليس بالأمر المفاجئ، على اعتبار أنها مثلت أهم اللاعبين المؤثرين في مسار الوضع العام في مالي والمنطقة الساحل بصفة عامة بفضل جهودها السياسية والاقتصادية والأمنية منطلقة في ذلك من ارتباطاتها التاريخية والجيو -ستراتيجية ونفوذها السياسي والاقتصادي.
غير أنه وبالرغم من كل هذه الاعتبارات لم تستطع فرنسا الحفاظ على تفرّدها بالمنطقة فقد عملت أطراف دولية أخرى على ضمان موطئ قدم لها في المنطقة مثل الولايات المتحدة والصين والهند وتركيا وغيرها كلها تريد لعب دور في المنطقة عبر المساهمة في حل أزمات المنطقة لضمان مصالحها الجيواقتصادية، في المنطقة وخير مثال على ذلك اللقاء المبرمج بين المبعوث البريطاني الخاص إلى منطقة الساحل كليم نايلور، الذي أكد على دور بلاده في دعم المرحلة الانتقالية وإمكانية نشر قوات عسكرية ضمن القوات الأممية لضمان أمن المنطقة، ناهيك عن الدور الولايات المتحدة التي تعتبر تسعى لتوسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري في المنطقة عبر لعب دور سياسي من خلال مراقبة المسار السياسي المالي، غير أن هذا لا يعني بالضرورة تراجع النفوذ الفرنسي، خاصة وأن تواجدها مدعم بتواجدها العسكري وسياسيا واقتصاديا عبر مختلف ارتباطاتها المختلفة بأهم فواعل المنطقة خاصة منظمة الايكواس.
أما الحديث عن انفراج الوضع الأمني في المنطقة مع تدويل الأزمة عبر توسيع نفوذ الدول العظمى، فالأمر بعيد كل البعد خاصة وأن كل هذه الدول تهدف لخدمة مصالحها الخاصة على حساب مصالح المنطقة وهو ما يؤدي إلى عقد اتفاقيات لخدمة مصالحها والدخول في منافسة حميمة تؤدي إلى زيادة الوضع تأزما، كما قد تؤدي اختلاف وجهات النظر حول الحل المناسب للأزمة مع مراعاة مصالحها قد يؤدي إلى تفاقم أزمات المنطقة بدل حلها، وخير مثال على ذلك ما حدث ويحدث في العراق من تقسيم بسبب تضارب مصالح مختلف القوى الدولية وهو ما يعني، أن الحل الحقيقي للأزمة، لابد أن يكون برعاية دول الجوار انطلاقا من اعتبار حل الأزمة يساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
- ظاهرة الإرهاب في منطقة الساحل عادت بقوة في الآونة الأخيرة، ما يعزّز فرضية استمرار تواجد قوات حفظ السلام، التي تلقى رفضا لدى شعوب المنطقة، ما هي أسباب الحقيقة لعودة النشاط الإرهابي؟
 إن من أهم أسباب تفعيل النشاط الإرهابي في أي منطقة في العالم هو عدم الاستقرار الأمني الذي غذته مختلف أزمات التي مرت بها المنطقة، خاصة بعد أحداث ما أطلق عليه إعلاميا «الربيع العربي»، والتي ساهمت في دعم التدخلات الأجنبية التي كانت ليبيا بدايتها ثم مالي الأمر الذي تسبب في انفلات امني ساعد مختلف الجماعات المتطرفة في دعم نشاطها في المنطقة مستغلة في ذلك هذا الوضع الذي سهّل لها سبل الحصول على الدعم المالي والبشري والسلاح.
هذا إضافة إلى يأس الشباب من قضية التغيير في دولها الأمر الذي دفع بها لاختيار سبل الإرهاب والكفاح المسلح البلوغ أهدافها.
غياب العدالة الاجتماعية والسياسية والتوزيعية ساهم وانتشار مفهوم الدولة الفاشلة في هذه المنطقة وتنامي هشاشة البنى المؤسسية في هذه الدول ساهم في تزايد عمل هذه الجماعات الإرهابية التي رأت في ذلك فرصة للاستيلاء على المناطق غير المستقرة أمنيا.
صحيح أن قوات حفظ السلام الأممية ساهمت في القضاء على بعض قادة الجماعات الإرهابية، غير أن هذه القوات كان تدخلها له دور في توسيع نفوذ وانتشار هذه الجماعات المتطرفة كما أنها كانت سبب أساسي في عدم استقرار المنطقة وهو ما جعل شعوب هذه المنطقة يرفضون هذا التواجد.
لذلك، أكرر أن دول منطقة الساحل وحدهم المعنيون بتحقيق الاستقرار في المنطقة عبر الاستفادة من مختلف تجارب دولها في التعامل مع ذلك، بعيدا عن تدخل قوى دولية تهدف بالدرجة الأولى لحماية مصالحها متجاهلة في ذلك مصالح دول المنطقة.
- تفاوض بعض الدول مع الإرهاب والتنازل بالفدية لصالح مصالح شخصية يجعل الجماعات الإرهابية في كفة قوة، ما رأيك؟
 إن تقديم فدية في العمليات التفاوضية مع الجماعات الإرهابية يمثل نقطة قوة بالنسبة لهذه الأخيرة، خاصة وأن ذلك يمثل منبع تمويل لها ومصدر من مصادرها الأساسية للحصول على الأموال، فمن أجل مكافحة الإرهاب والقضاء عليه لابد من تجفيف منابع تمويلها، وبالتالي لابد أن تكون العمليات التفاوضية تضمن عدم حصول هذه الجماعات على أي فدية عبر الاستعانة باستراتيجيات أخرى تضمن تحقيق مصالح هذه الدول.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024