الرئيس المدير العام لمصرف «السلام «، ناصر حيدر لـ «الشعب» :

هدفنا مرافقة المؤسسات الناشئة لتجاوز تداعيات الظروف الصعبة

حوار: خالدة بن تركي

 تفعيل المعادلة التكاملية بين الاقتصاد الجزئي والكامل

يرى الرئيس المدير العام لمصرف السلام ناصر حيدر، أن الصيرفة الإسلامية ستتحول مستقبلا إلى نظام بنكي يموّل العديد من المشاريع الموجهة للشباب، يتيح لهم قروضا غير ربوية من قبيل المساهمة أو المرابحة، في إطار خدماتها التي تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية ومع احتياجات المؤسسات الاستثمارية والاستغلالية ووفق صيغة جديدة من المؤسسات بمعاملات «حلال» وبالتمييز بين مستوى الانضباط الشرعي في منتجاته والتحسين المستمر في خدماته والتكفل الجيّد بمتعامليه.
-  الشعب: بعض الخبراء يؤكدون أن الصيرفة الإسلامية يمكن أن تساهم في دعم المؤسسات المصغرة والناشئة، كيف ترون ذلك؟
 ناصر حيدر: بالفعل، يمكن للصيرفة الإسلامية دعم المؤسسات الصغيرة والناشئة بما تقدّمه من خدمات متنوّعة تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية وتستجيب في ذات الوقت لاحتياجات هذه المؤسسات الاستثمارية والاستغلالية وتتلاءم مع الواقع الثقافي والسيكولوجي للمجتمع بصفة عامة.
فقد ثبت علميا أن الخلفية السيكولوجية للمتعاملين الاقتصاديين ببعدها الثقافي والعقائدي تؤثر بصفة مباشرة في سلوكهم الاقتصادي، مما يفسر عزوف العديد من أصحاب المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة عن تمويل مشاريعهم واحتياجاتها بالقروض البنكية أو إيداع فوائض سيولتهم في شبابيكها لعدم الوقوع في المعاملات الربوية، ما يحرم الكثير من حملة الأفكار ورواد الأعمال من إنجاز أو توسعة أو تطوير مشاريع اقتصادية ناجعة وذات قيمة مضافة وكفاءة تشغيلية ناجحة، ليصبح أمر توفير خدمات مصرفية ملتزمة بقواعد الشريعة الإسلامية الحل للمساهمة في توسيع دائرة صيرفة المعاملات الاقتصادية وتكثيف إنشاء المؤسسات وامتصاص جزء لا بأس به من البطالة، خاصة في المناطق الداخلية للبلاد المعروفة بتحفظها الكبير إزاء التعاملات المصرفية التقليدية.

- ما هي الآليات المعتمدة لانخراط هذه المنظومة المالية في هذا المسعى؟
إن المقاربة التي يعتمدها مصرف السلام لتسويق خدماته تقوم على القيم الثلاث التي تكوّن هويته وتحدّد إستراتيجيته تتعلق بالتميّز الذي تتبناه كثقافة جماعية، وفردية، نسعى لتحقيقها بأعلى المعايير، في كل ما نقوم به من أعمال، فذلك يعد دافعنا لتحقيق أهدافنا بالإضافة إلى التميّز من حيث مستوى الانضباط الشرعي في منتجاته وتنفيذ معاملاته والتحسين المستمر في جودة خدماته وحسن التكفل بمتعامليه والنمو المتوازن لمؤشرات أدائه وحوكمته بما يحقق أقصى درجات التوافق بين مصالح الأطراف ذات الصلة من مساهمين ومستخدمين ومودعين وممولين.
إضافة إلى الالتزام والشعور بالمسؤولية للاستجابة إلى كافة الحاجيات المطلوبة، والمنتظرة من قبل متعاملينا وزملائنا في إطار التقيّد الصارم بالقوانين والأنظمة السارية المفعول، من جهة، والضوابط الشرعية للمعاملات المالية، من جهة أخرى، إلى جانب التواصل سواء الداخلي والخارجي الذي يعد من أهم أولويات المصرف باعتباره الوسيلة المثلى لتقديم أفضل خدمة للعملاء.
وكذا الانفتاح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي والمؤسساتي عبر جميع وسائط التواصل الاجتماعي من أجل التفاعل مع الجميع ويتحاور معهم ويتقبل ملاحظاتهم وانتقاداتهم ويستفيد منها في مسعى التطوير والتحسين المستمر لخدماته وخلق جو من الشفافية والمصداقية والثقة في علاقاته مع محيطه.

- هل استطاع مصرف «السلام» بخدماته استقطاب حاملي المشاريع؟
 المصرف وفق إلى حدّ كبير في تجسيد هذه القيم ميدانيا ويسعى لتوفير الاستفادة من خدماته خاصة لحملة المشاريع الراغبين في المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، غير أن هذا لا يعني الكمال، حيث لا تزال الكثير من النقائص التي نجتهد لاستدراكها والاختلالات التي نعمل على معالجتها لنرتقي بأدائنا إلى مستويات أعلى ونساهم بنصيب أوفر في مسار التنمية الاقتصادية والشمول المالي في بلادنا.

- كيف سيتم تكييف منتجات الصيرفة الإسلامية في تمويل هذا النوع من المؤسسات، وهل ستضمن البنوك الإسلامية المرافقة لتجاوز سيناريوهات الفشل السابقة ؟
 في الحقيقة نسعى دائما للاستفادة من أخطائنا وأخطاء غيرنا لتقديم مقاربة أفضل ومنهجية أنجع في استيعاب احتياجات المتعاملين الاقتصاديين، وذلك عبر تحليل واقعي دقيق للواقع الاقتصادي وفرصه لتحديد عناصر قوّته وضعفه، بحيث نبتعد عن التوسع المفرط وغير مأمون العواقب، من جهة، والمبالغة في الإحجام والانكفاء المفوت للفرص، من جهة أخرى.
معادلة صعبة في الحقيقة، لاسيما في ظروف الأزمة الاقتصادية والصحية التي تمر بها البلاد على غرار بقية بلدان العالم، ولكننا نسدّد ونقارب بحيث نرافق المؤسسات الاقتصادية ذات القدرات والآفاق الواعدة في تجاوز تداعيات هذه الظروف الصعبة ونتوخى الحذر المطلوب إزاء تلك التي لا تستطيع الصمود لهشاشتها.
ويعد أيّ دعم إضافي لها تضييعا لأموال الناس دون طائل لمؤسسات مصرفية تستثمر أموال المساهمين والمودعين فهي مطالبة بالمحافظة عليها أولا وإدارتها بحكمة ومهنية ويقظة، ثم البحث عن سبل تثميرها وتنميتها بما يحقق أفضل العوائد ويساهم في ذات الوقت في تحريك دورة الاقتصاد في اتجاه تنموي مستدام.
وأكد أنه دون تحقيق هذه الفاعلية التكاملية بين الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي ضمن معادلة رابح- رابح لا يمكن تحقيق أيّة تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية، بل يمكنني القول إن أيّ مسعى يرجح أحد هذين المحددين على الآخر سيؤدي حتما إلى فشل مؤكد في كلا البعدين الاقتصادي والاجتماعي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024