المسار العسكري، سيعود بالوبال على كل المنطقة
أكّد الخبير في العلاقات الدولية ومدير تحرير المجلة الأفريقية «العلوم السياسية»، الدكتور بشير شايب أنّ « اختيار المغرب هذا التوقيت بالذات لخرق وقف إطلاق النار، يحيل إلى حصول المملكة على تأييد خارجي ومباركة من جهات دولية معينة، لا تحب الخير للمنطقة ككل».
وقال الدكتور «بشير» في حوار مع «الشعب»، على خلفية مستجدات الوضع في «الصحراء الغربية»: ليس من مصلحة المنطقة، أن تظهر بؤرة توتر جديدة في الصحراء الغربية، إضافة إلى الشمال المالي والوضع في ليبيا»، معتبرا أنّ «العودة إلى المفاوضات، أمر حتمي، تجنبا للطريق المسدود».
الشعب: كيف ينظر الدكتور بشير شايب لقضية الصحراء الغربية الآن؟
د.بشير شايب: من الجانب القانوني الدولي، لا يختلف إثنان على أنّ مشكلة الصحراء الغربية، هي مسألة تصفية استعمار، وفق لوائح الأمم المتحدة، باعتبارها مستعمرة اسبانية قديمة منذ انسحاب إسبانيا من إقليم ما يعرف بالساقية الحمراء ووادي الذهب في سنة 1975، فقرر المغرب تنظيم ما يسمى بالمسيرة الخضراء، ولعب على العنصر الديموغرافي وأحدث تغييرات كثيرة.
وبالنسبة لقضية معبر الكركرات، المنطقة المتنازع عليها بين المغرب والبوليساريو، هناك اتفاق واضح ينصّ على وقف إطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمغرب.
- لماذا اختار المغرب هذا التوقيت لخرق اتفاق وقف إطلاق النار؟
اختيار المغرب هذه اللحظة للتدخل وخرق وقف إطلاق النار، وبالتالي العودة إلى حالة الحرب، يحيل إلى حصول المغرب على ضوء أخضر من جهات دولية معنية، لا تحب الخير للمنطقة ككل.
كما توجد عدة اعتبارات أخرى يرى المغرب أنها تخدمه، ومنها أنّ الجزائر منشغلة بمرض الرئيس بعد استفتاء الدستور والأوضاع السياسية والتطورات الراهنة في البلاد والتي يخيّل للمغرب أنها لصالحه، لكن الأمر الواقع لا ينتظر أن يحل بهذا المنطق العسكري الذي سيعود بالضرر على المغرب، والمنطقة ككل. وليس من مصلحة المنطقة أن تظهر بؤرة للتوتر الجديدة بالصحراء الغربية، إضافة إلى الشمال المالي والوضع في ليبيا.
- في نظركم لماذا لجأ المغرب إلى الخيار العسكري؟
أعتقد أنّ المغرب لجأ إلى الخيار العسكري ظنّا منه أنها لحظة تاريخية فارقة لتحقيق مآربه بين المتغيرات الدوليَّة والأوضاع الإقليميَّة، لكن الأمور، بحسب رأيي دائما، لن تسير وفق هذا المنطق الذي لم يحقق أي شيء يذكر عليه، ولابد من التهدئة وخطوط التماس التي رسمتها الأمم المتحدة ومباشرة مفاوضات سياسية وإعادة إطلاق مسار التسوية في الصحراء الغربية.
وأكرر أنّ المسار العسكري، سيعود بالوبال على كل المنطقة، فلا أحد سيجني ثمار الوضع العسكري أو الوضع المفروض عسكريا في منطقة متنازع عليها.
- كيف ترون مستقبل الصراع بين المغرب والبوليساريو، وهل هي حقا حرب حقيقية؟
حاليا هم في وضعية حرب، لأنّ الرئيس الصحراوي أعلن أنّ اتفاق الهدنة انتهى. وبحسب الأنباء المتوفرة بالمنطقة، هناك اشتباكات ومناوشات وعمليات قصف لمواقع تقع خلف الجدار العازل بمعبر الكركرات، وبالتالي فالأمور مرشحة في الأيام القادمة لتصعيد عسكري ما لم تتدارك المغرب الموقف أو ما لم تثمر الجهود الدولية بإيجاد حلول لهذه المسألة.
وأؤكد مرة أخرى، أن المنطقة حاليا بحالة حرب حقيقية على الأقل لطرفين اخترقا وقف إطلاق النار، فهذا أمر مخالف لكل المواثيق الدولية وأبجديات القانون الدولي، وتبقى المعارك مسألة أخرى أو تفصيلا من تفاصيل الحرب.
- ما هي الأدوات والآليات التي تراها مناسبة لإدارة الأزمة؟
الأمم المتحدة مطالبة بإجبار كل الأطراف على احترام التزاماتها ووقف إطلاق النار وفق المقررات الأممية، وأيضا بعثة «المينورسو» التي شكلت في سنة 1991 مطالبة برفع التقارير اللازمة إلى الهيئة الأممية، ونفس الشيء بالنسبة للإتحاد الإفريقي وكل المؤسسات السياسية الدولية.
- الكثير يتساءل، هل ستتدخل الجزائر أم لا؟
بالنسبة للجزائر موقفها ثابت من قضية الصحراء الغربية، باعتبارها بين المغرب وبين جبهة البوليساريو، والمخرج الذي رسمته الأمم المتحدة، هو تنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهذا الذي يعرقله المغرب، ويطرح مبادرة الحكم الذاتي الموسع كحل لإنهاء النزاع، مع الاحتفاظ برموز السيادة كالعلم والسياسة الخارجية والعملة وغيرها، وهذا هو الإشكال القائم.