يتوجّب اتباع البروتوكول المحدّد من وزارة الصحة بحذافيره، من أجل تفادي العدوى بفيروس كورونا كوفيد 19 المستجد أثناء مرافقة الجثث إلى غاية الدفن، من باب حماية كل الأشخاص المعنيين بهذه العملية سواء كانوا أفرادا من بين الطاقم الطبي أو من أهل المتوفى، ويبقى ذلك أهم وقاية لدرء خطر انتشار الوباء، بحسب د ــ أسامة كروش، أستاذ مساعد بمصلحة الطب الشّرعي، بالمستشفى الجامعي لتلمسان.
- الشعب: تثار تساؤلات عديدة حاليا حول ضرورة الإجراءات الوقائية التي يحرص القيام بها الطّاقمان الطبي والإداري في مستشفياتنا، بخصوص كيفية التعامل مع جثث الأشخاص المتوّفين جرّاء الإصابة بفيروس كورونا، هل من توضيح؟
الدكتور أسامة كروش: تغمر العاطفة الجيّاشة أهل المتوفى مع فقدان أحد الأقارب، ممّا يدفع بهم للمطالبة بإلقاء نظرة على فقيدهم، وهذا يعتبر غير مسموح به إطلاقا دون اتخاذ الإجراءات اللازمة ليسقط معه حق التقرب من جثة الشخص المتوفي الذي كان في حياته في حالة العزل الكلي بالعناية المركزة جراء الإصابة بفيروس كورونا كوفيد 19 المستجد، أو تمّ التّأكد من إصابته بعد وفاته، وذلك بعد ظهور نتائج التحاليل، والتقرب من الجثة يكون تحت شروط حدّدتها وزارة الصحة.
ويمثّل غسل الجثّة أمرا خطيرا جدا في الوضعية الوبائية والابتعاد عن القيام بذلك يحد من انتشار العدوى، ويمنع منعا باتا الاحتكاك المباشر بالجثة أو لمس أغراضها الحالية، حماية لأهل الفقيد بالدرجة الأولى والمحيطين به .
كما يتوجّب التّعقيم الكلي لكل الآثار المتخلّفة عن الجثّة، بل والتعقيم الكلي لكل مكان تواجدت به الجثة وكل الوسائل والأدوات التي استعملت لعلاج الشخص المتوفى.
- لماذا من الضّروري توّخي الحيطة والحذر في عملية التّعامل مع جثث المصابين بالفيروس؟
إنّ العمل ببرتوكول طبي خاص، يُلزم الطاقم الطبي الساهر على سلامة المواطنين من العدوى باتخاذ إجراءات الحجر التام للحالات التي تم التثبت من إصابتها بفيروس كورونا كوفيد 19 المستجد والتي ظهرت علامات المرض عليها، وذلك بوضع المصابين تحت العناية المركزة مع العزل الكلي، وهذا ما يمكن أن يتفهّمه بالضرورة أهل المصابين، لأنه يدخل في نطاق علاجي وقائي.
ولكن في حالات الوفاة يتغيّر الأمر بالنسبة لأهل المتوفى، لأنّهم يظنون أنّه مع الوفاة يزول خطر العدوى ولكن هذا غير صحيح إطلاقا، لأنّ الوضعية مختلفة تماما هنا، وتبتعد كليا عن الحالات العادية لمختلف الوفيات الأخرى.
حقيقة لم يثبت بعد أن الفيروس يمكنه أن يعيش لساعات طويلة في جسد الميت، لكن آثار مخلّفات الجثة في محيطه لاسيما لباسه والجلد والسرير والأدوات، وكل ما يحيط بالميت يعد عاملا مباشرا في نقل العدوى.
- هل هناك إجراءات في الطب الشّرعي الجزائري تحدّد كيفية التّعامل مع الجثث المتوفّين بالوباء؟
في الحالات العادية هناك إجراءات عامة نقوم بها للتكفل بالجثث بمصلحة الطب الشرعي، ولكن في الحالات الوبائية، حيث تكون درجة العدوى جد قصوى، وهنا يتم دراسة الحالة الوبائية ووضع تدابير خاصة بكل حالة، ففي حالة الوفاة جراء الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي، هناك إجراءات محدّدة بحسب خصائص الفيروس، حدّدت مسبقا بعد الدراسة المختصة في ميدان الطب الوبائي.
أما في حالة انتشار كورونا، فبعد دراسة الحالة الوبائية من طرف المختصّين، تمّ وضع تدابير معينة اتّفق عليها الأطباء الشرعيون، بعد لقاء لهم فور تسجيل الوفيات الأولى بمصالح الطب الشرعي توصّلوا الى مجموعة من النقاط حرّرت في مدوّنة من أجل حماية الأطباء الشرعيين، وركزت هذه المدونة على الإجراءات الوقائية والعملية الملزم اتخاذها أمام حالات الوفيات المصابة بالوباء.
- من خلال تعاملكم مع هذا النّوع من الوفيات، ما هي الإجراءات المطبّقة على أرض الواقع؟
عندنا في الطب الشرعي، فيما يخص أموات كوفيد 19 الذي يلجأون الى مصلحة من مصالح مكافحة الوباء، يتكفّل بهم فريق مختص في تهيئتهم للدفن أي دون نزع الملابس ودون غسل، يكفّنون ويوضعون في التوابيت مع مراعاة احتياطات السلامة والتعقيم ثم تأتي المصالح المختصة من الحماية المدنية والأمن لنقل ومرافقة الجثة الى مثواها الأخير أي المقبرة، حيث توضع في قبر عميق في ما يخص الجثث التي تلج الى المصلحة، والتي عندها موت مشكوكة. يقوم الطبيب الشرعي بفحصها ومعاينتها، مع أخذ تدابير الوقاية لأنّنا لا نعرف سبب وفاتها ويحرّر تقرير الى وكيل الجمهورية.
- وماذا عن الجثث التي توضع في إطار التشريح؟
بخصوص الجثث التي توضع في إطار التشريح، يقوم الطبيب الشرعي بتشريحها فإن ظهر أنه أمام حالة موت عن طريق التهاب رئوي دخلت في زمرة الاصابات المشكوك فيها كورونا، ويسري عليها اجراء الوقاية في الدفن، علما أن التعامل مع الحالات المؤكدة من الاصابات والحالات المشكوك فيها يتم بنفس درجة الحيطة، على غرار أن نكون أمام حالة وفاة في عائلة على صلة بمريض بكورونا أو نسجل أعراض كورونا نقلها إليها أهل الميت قبل الوفاة أو تحاليل اشعاعية أو دموية توحي حالة التهاب رئوي في حياة الميت.
هذه أمثلة تجعلنا نتعامل مع الجثث كأنها وفاة بكورونا في ما يخص من يقول إن الفيروس يتلاشى بعد الموت حقيقة لا ينتقل عبر الهواء، لكن عند الميت السوائل التي تخرج من الأمعاء والرئتين، وتسيل من الأنف والفم مشبّعة بالفيروسات، ضف الى ذلك كل ما يحيط بالميت من ملابس وملزمات طبية استعملت في حياته...قد تحمل فيروسات.
ومازالت الدراسات لم تثبت جزما وقطعا تصرّف الفيروس مع السوائل البيولوجية، وعلى نسيج الملابس أو المعادن...