الأستاذة نبيلة بن يحي لـ«الشعب»:

ترجيح المقاربة الجزائرية لحل الأزمة الليبية دوليا وإقليميا

أجرت الحوار: فتيحة كلواز

 شمال إفريقيا تحول إلى عمق استراتيجي لدول متطورة

 المتغيرات الأمنيـة والإقليميـة تفرض رؤيـــة جديــدة

كشفت المختصة في العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتورة نبيلة بن يحي، في حوار مع «الشعب» أن موقف الجزائر تجاه الأزمة الليبية ثابت، حيث تصر من خلال تحركاتها الدبلوماسية على ضرورة أن يكون الحل ليبي – ليبي دون تدخل أطراف أجنبية معتبرة زيارة صالح عقيلة إلى بلادنا ترجيحا واضحا للمقاربة الجزائرية في حل سياسي سلمي.

أكدت بن يحي أن المتغيرات الإقليمية والإستراتيجية التي تعرفها المنطقة تفرض رؤية عسكرية جديدة خاصة في ظل نشاط مكثف للمليشيات والجماعات الإرهابية على الحدود الشرقية، وهو بالضبط ما استدعى إدراج هذا المقترح في مسودة الدستور التي تنص على المشاركة في عمليات حفظ السلام تحت مظلة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية.
الشعب: كيف تقيمين التطورات المتسارعة التي تعرفها الأزمة الليبية في الميدان؟
نبيلة بن يحي: شهدت الأزمة الليبية تطورا ملحوظا في جملة من المتأثرات على الصعيد الأمني والسياسي خاصة بعد استرجاع حكومة الوفاق الوطني للكثير من المناطق التي سيطرت عليها قوات المشير حفتر، وهي في اعتقادي السبب الذي جعل الحسم العسكري في صالح حكومة الوفاق الوطني.
طبعا هذا يجرنا إلى التأكيد على نقطة استراتيجية ومهمة هي المساعدة التركية لحكومة الوفاق الوطني في امتدادها وتحركها اتجاه المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات حفتر خاصة بعد تحرير مدينة ترهونة التي تعتبر نقطة استراتيجية في الأزمة الليبية، لأنها تضم ما يقارب 63 قبيلة أغلبها متواجد أيضا بمدينة طرابلس التي تبعد عنها بحوالي 90 كم بالإضافة إلى كونها من جانب آخرمنطقة استراتيجية لقوات حفتر، التي تقدمت نحو مناطق غربية أخرى كان من المفروض أنها تابعة لحكومة الوفاق خاصة منطقة سرت وبني وليد وطبرق أين يتواجد البرلمان أو مجلس النواب الليبي الذي يترأسه صالح عقيلة ما يشكل مشكلا في منطقة الشرق الليبي.
- ما هي أبعاد زيارة عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي إلى الجزائر؟
 تعتبر زيارة صالح عقيلة إلى الجزائر قفزة نوعية في حل  الملف الليبي وتقريب المقاربة الجزائرية نحو حوار بين الأشقاء ودعم للحل السياسي السلمي في ليبيا في ضوء التغيرات الأخيرة، وكذلك حتى انزعاج الكثير من الأطراف الموجودين في ليبيا، من بينهم صالح عقيلة رئيس مجلس النواب الليبي بطبرق والذي أكد على ضرورة أن يتجه كل الفرقاء نحو حل سياسي سلمي، ما يعني ترجيح كل الأطراف السياسية سواء الدولية أو الإقليمية  للمقاربة الجزائرية ما يعتبر نجاحا للدبلوماسية الجزائرية، خاصة إذا علمنا أن الضغط الدولي (الولايات المتحدة الأمريكية) فرض على مصر وضع خطة للتفاوض مع حكومة الوفاق الوطني.
- أي دور يمكن أن تلعبه الجزائر في ظل المشهد الأمني والسياسي الليبي؟
 أعتقد أن السياسة الخارجية الجزائرية ثابتة فيما يتعلق بالتدخل الأجنبي في الأزمة الليبية حيث تصر على ضرورة أن يكون الحل ليبي – ليبي دون تدخل أطراف أجنبية، على الرغم من أنها عرفت في مرحلة سابقة زيارات لوزير خارجية الجزائر من أجل بناء تقارب الأطراف الليبية في إطار دعمه للحوار ما بين الأشقاء الفرقاء.
وتسعى الجزائر جاهدة ضمن حركتها الدبلوماسية إلى تقوية ودعم الحوار من خلال تسوية سياسية، أمر يفرضه الحوار بين الأشقاء الليبيين.
والكل يعلم أن المشكل في ليبيا هو مشكل المليشيات التي تجمع جنسيات مختلفة موزعة على الجهات الغربية، الشرقية والجنوبية، بل إنها تتقدم بطريقة متخفية وسريعة اتجاه الغرب وهنا الخطر الداهم نحو الحدود الشرقية الجزائرية، ما يجر إلى الاعتقاد أن العقيدة العسكرية الجديدة للجيش الوطني الشعبي ستساهم في الحفاظ على الأمن القومي الجزائري، لأننا أمام متغير أمني مهم هو المحافظة على الأمن القومي الجزائري الذي يهدده دخول هذه الجماعات الإرهابية بعد تطور المشهد الأمني والسياسي اللبيبي.
-   الكثير من المراقبين للشأن الليبي يرون المقاربة الجزائرية الحل الأنسب ؟
 ترافع الجزائر دائما من أجل تغليب الحل السياسي والتسوية السلمية بين الليبيين  خاصة إذا علمنا أنه إلى حد الساعة لم يحسم بعد في موضوع المبعوث الأممي في ليبيا وهذا شيء غريب جدا، على الرغم من تطور الأحداث داخل هذه الدولة الشقيقة التي تربطنا بها حدود جغرافية، تاريخية، دينية وثقافية فالمقومات التي تجمع البلدين كثيرة لذا نتمنى لها كل الخير من أجل أن تصل إلى نقطة الحوار والتسوية السلمية والسياسية بين الحكومتين  وعلى كل القبائل أن تجتمع لوضع حد للحرب التي يدفع ثمنها المدنيون الليبيون أكثر من السياسيين.
- ما رأيكم في الجدل الذي أثارته المادة 95 من مقترحات مسودة الدستور والتي تنص على مشاركة الجيش في عمليات حفظ السلام بعد مصادقة ثلثي البرلمان؟.
 مشاركة الجيش خارج الحدود ليست جديدة فالجزائر شاركت سابقا تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وكذا الجامعة العربية، لكن اليوم مع تعقد المنظومة الأمنية إقليميا ودوليا، وتغير مفهوم الحروب من نظامية تدور رحاها بين جيشين نظامين، أصبحت حروب لا تماثلية بين مليشيات وشركات أمنية، ما يتطلب الحذر والحيطة أمنيا، استراتيجيا وتكتيكيا.
هنا أصبح الأمر يتطلب القراءة الحذرة في تحصين حدودنا مع ثبات عقيدة الجيش دوما على المحافظة على متغير الدفاع وليس الهجوم، من أجل درء أي خطر تكون مصدره الحركات الإرهابية التي تحركها بعض الجهات الدولية في إطار ما يسمى بالحروب بالوكالة، المقترح إذاً جاء في إطار التغيرات الأمنية والإقليمية تجاوزت الحروب النظامية بين الجيوش وتحولت إلى حروب بمنظور آخر وبجيل آخر تتحكم به تقنيات جديدة.
- إذا هو خيار فرضه الواقع الأمني والإقليمي والاستراتيجي للدول المجاورة؟
 أعتقد أنها نقطة مهمة جدا لأنها إن لم تتحرك العقيدة العسكرية في إطار الدفاع عن الأمن القومي الجزائري قد يتحرك غيرنا، نحن في موقف لا بد لنا من أن نحدد فيه موقعنا في الخريطة الإقليمية وكذلك تحركنا الدبلوماسي والاستراتيجي في إطار الخريطة السياسية العالمية، خاصة إذا علمنا أن كل التحديات والرهانات تتجه نحو شمال إفريقيا بالذات بل يعتبر شمال إفريقيا اليوم العمق الاستراتيجي للكثير من الدول المتطورة، والجميع يعلم بالوجود الروسي، الأمريكي، الإيطالي والتركي في ليبيا، وكل ما يحدث في ليبيا يهم الجزائر، لان أمن ليبيا وسلامتها هو من سلامة الأمن القومي الجزائري.   

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024