دستــور جديــد أولويــة مع وضع المجتمع المدني خارج التجاذبات السياسية
تعمل الأكاديمية الجزائرية للعمل الإنساني و حقوق الإنسان، رغم حداثة نشأتها على وضع موطن قدم لها بين جمعيات المجتمع المدني، لتساهم في تحقيق جملة الأهداف التي سطرتها، غير أن الإنتماء السياسي لبعض المنتخبين المحليين يقف سدا منيعا أمام عملها الجمعوي و الإنساني بالدرجة الأولى، مثلما يصرح رئيسها سمير بورمكي في حواره لـ «الشعب»، لكن لم تجعله سببا لوقف نشاطها و هو في المهد وقررت مواصلة الطريق، قناعة أن الغد سيحمل تفاصيل أفضل و سيتحقق فيه الحلم، بوضع دستور توافقي يؤسس لجمهورية جديدة، و استكمال عملية البناء الديمقراطي بحل المجالس المنتخبة و انتخاب أخرى كما يعتقد.
- الشعب: كيف شاركت أكاديمية العمل الإنساني وحقوق الإنسان في جهود محاربة وباء كورونا ؟
سمير بورمكي: الأكاديمية الجزائرية للعمل الإنساني و حقوق الانسان، حديثة النشأة، حيث تحصلت على الاعتماد بتاريخ 12 أكتوبر 2019، و هي جمعية وطنية اجتماعية و حقوقية.
منذ تأسيسها كثفنا نشاطاتنا و جهودنا من خلال تنصيب مكاتب الأكاديمية على مستوى 48 ولاية لإشراكها في العمل التطوعي، و قد أكدنا للمنضوين تحت لوائها ضرورة إدراج العمل الإنساني في جميع النشاطات التي نقوم بها.
و لأن بداية نشاطنا تزامن و الظروف الصعبة التي تمر بها الجزائر، نتيجة تفشي وباء كورونا المستجد، نظمنا حملات تحسيسية وطنية لإبراز خطر الوباء و أهمية التقيد بتدابير و إجراءات الوقاية، كما فتحنا ورشات لصناعة الاقنعة و خياطة الكمامات و توزيعها على المؤسسات والمواطنين، فعلى سبيل المثال لا الحصر قدم المكتب الولائي لأدرار لوحده هبة تقدر ب 200 ألف كمامة للولاية، كما تكفلنا مباشرة بفئة المعوزين و المرضى و الفئة المسعفة، حيث قمنا في هذا السياق بتوزيع أكثر من 10 آلاف قفة منذ بداية الجائحة، في حين تم العمل في إطار جهود محاربة جائحة كورونا على توزيع ممرات التعقيم على مختلف المؤسسات العمومية،(للتوضيح منعت وزارة الصحة لاحقا استعمالها) و كثفنا حملات التعقيم للمؤسسات و الأماكن العمومية، كما جرى تكريم الطواقم الطبية نظير المجهودات المبذولة لمواجهة الوباء، مع توزيع وجبات جاهزة خلال شهر رمضان الكريم على الطواقم الطبية بالمستشفيات و كذا على الفقراء و المساكين و المتشردين، مع العلم أن الاكاديمية لم تتحصل على أي مساعدة مالية من الدولة وكل ما قامت به بفضل اجتهادات شخصية من الأعضاء و دعم المحسنين.
- تتطلب المرحلة الحالية تحسيس المواطنين بأهمية ارتداء الكمامة كوقاية من الفيروس القاتل ماذا سطرتم في هذا السياق؟
بخصوص تحسيس المواطنين بإلزامية ارتداء الكمامة كوقاية من الفيروس القاتل تقوم الاكاديمية من خلال مكاتبها بحملات و خرجات ميدانية متواصلة للتأكيد على ضرورة ارتدائها كونها وقاية قبل كل شيء و أن الدولة هي راعية لسلامة المواطنين بصفة خاصة و سلامة المجتمع الجزائري بصفة عامة مع توزيع الكمامات عليهم ، كما نعمل على توزيع مناشير و مطويات تخص ذلك، فكل المكاتب الولائية المشكلة من النخبة و الاطارات الشابة، مجندة لإنجاح هذا المسعى، و تعمل جاهدة على توسيع ثقافة ارتداء الكمامة في كل خرجاتها الميدانية و لقاءاتها المتكررة مع المواطنين على جميع المستويات، خاصة في الأماكن العمومية والساحات، و المراكز و المحلات التجارية حيث تكثر الحركة، و تستدعي يقظة أكبر، فضلا عن استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتذكير روادها بأهمية ارتداء الكمامة كوسيلة وقائية أولى من فيروس كورونا، من خلال نشر مقاطع فيديو أو رسائل مباشرة تعمل عدة شعارات هادفة لحماية الأفراد وعائلاتهم من انتقال عدوى محتملة.
- قررت السلطات العمومية منح تسهيلات للجمعيات التي شاركت بقوة في مواجهة الظرف الصحي، كمنحها صفة جمعية ذات منفعة عامة، هل ترون هذه الاجراءات كفيلة بإعادة الاعتبار للجمعيات الناشطة؟
لم تتحصل كل الجمعيات على التسهيلات من السلطة الوصية نظرا للخلفيات السياسية لأغلب المجالس المنتخبة، و الدليل على ذلك تأكيد رئيس الجمهورية و الوزير الأول على ضرورة تسهيل نشاطات الجمعيات الفاعلة خاصة تلك التي برزت بقوة في فترة جائحة كوفيد 19، فقد سجلنا و للأسف وجود منتخبين يحاولون عرقلة نشاط مكاتبنا الولائية و البلدية، وزرع الفتنة غير اننا لن نتخاذل و سنكون سندا للمواطنين و ندافع عن حقوقه، و نكون طرفا في بناء الجزائر الجديدة.
الشعب الجزائري همشته الأنظمة السابقة و هذا أكبر سبب وراء غياب المواطنة، لكن الجزائريين رغم كل الظروف و المحن أثبتوا أنهم من أرقى شعوب العالم و الدليل على ذلك الهبة التضامنية الكبيرة للأفراد و الجمعيات و المؤسسات لمجابهة الوباء بالتنسيق مع السلطات العمومية.
لذلك ان اعادة الاعتبار للجمعيات خطوة نراها ضرورية و لابد منها، لأن ما قدم لحد الآن مجرد حبر على ورق و نحن ننتظر التطبيق الفعلي للوعود.
من جهتنا، وحتى يكون عمل الأكاديمية قائما على أسس صحيحة و سليمة، برمجنا على مستوى 48 ولاية دورات تكوينية بالتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الانسان من أجل تكوين أعضاء الأكاديمية، كما أن الدورات ستكون مفتوحة أمام كل الجمعيات و عموم المواطنين يتم فيها تكوينهم في مجال حقوق الانسان و التكوين الاداري، و ستكون أول دورة يومي 26 و 27 جوان 2019 إذا تم رفع الحجر بشكل شامل حيث أن كل المكاتب الولائية على أتم الاستعداد و الجاهزية.
- تم فتح الباب لجميع الشخصيات، الأحزاب والجمعيات للمشاركة في إثراء مسودة تعديل الدستور، ما هي مقترحاتكم في هذا الإطار؟
نثمن المجهودات المبذولة، خاصة الحرص على الذهاب إلى وضع دستور جديد يناسب الظرف الحالي و يجسد حلم كل الجزائريين في بناء جزائر جديدة .
أما بخصوص المسودة فقمنا كمكتب تنفيذي بإرسال المسودة الى المكاتب الولائية على مستوى 48 ولاية، بحيث ستقوم اللجان القانونية الولائية بإثرائها و بعثها للمكتب الوطني و بدورنا سنخرج بمقترحات و نرسلها لرئاسة الجمهورية و سنعلن عنها لاحقا.
ومن بين المقترحات التي تسلمناها، أن تعمل الدولة على ترقية كل اللهجات الوطنية ويستحدث لذلك مجمع للهجات الوطنية يوضع تحت وصاية رئاسة الجمهورية، الغاء المادة 16 إذ أن كل البلديات تخضع لنفس القانون عبر التراب الوطني.
في باب الحقوق الاساسية و الحريات العامة، نرى ضرورة حماية ممارسة العبادات دون تمييز ضمن قوانين و تشريع شامل، اقرار مبدأ التصريح لممارسة حرية الاجتماع و التظاهر، اقرار مبدأ التصريح لإنشاء الجمعيات و مبدأ عدم حلها الا بقرار قضائي، دسترة حرية الصحافة بكل اشكالها ومنع الرقابة القبلية عليها، اقرار حق المواطن في الوصول الى المعلومات و الوثائق و الاحصائيات و اكتسابها و تداولها، لا يمكن للقانون ان يتضمن احكاما تعيق بطبيعتها حرية انشاء الاحزاب السياسية.
في محور تعزيز الفصل بين السلطات و توازنها، نقترح تكريس مبدأ عدم ممارسة أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين، إلغاء مقترح امكانية تعيين رئيس الجمهورية نائبا له، اقرار حق المجلس الدستوري في رقابة القرارات المتخذة اثناء الحالة الاستثنائية، تعزيز مركز رئيس الحكومة، اقرار مدة حالة الطوارئ 30 يوما لا تجدد الا بموافقة البرلمان، اقرار مدة 60 يوما للحالة الاستثنائية و عدم تجديدها الا بموافقة البرلمان، اقرار التصويت داخل البرلمان بحضور اغلبية الاعضاء، تحديد العهدة البرلمانية بعهدتين.
و في باب السلطة القضائية، و من أجل تعزيزها نقترح إلغاء دسترة مبدأ عدم جواز نقل القاضي و الضمانات المرتبطة به، و إعادة النظر في تشكيلة المجلس الاعلى للقضاء، بحيث تسند نيابة رئاسة المجلس الأعلى للقضاء الى رئيس المجلس الدستوري الذي يمكن له أن يرأس المجلس نيابة عن رئيس الجمهورية، الغاء مقترح ابعاد وزير العدل و النائب العام من تشكيلة المجلس الاعلى للقضاء، عدم رفع عدد القضاة المنتخبين الذين يمثلون قضاة المجالس في عضوية المجلس الاعلى للقضاء، و الحفاظ على عدد قضاة النيابة المنتخبين، ادراج ممثلين اثنين عن المجلس الوطني لحقوق الانسان ضمن تشكيلة المجلس الاعلى للقضاء.
أما في المحور الرابع المتعلق بالمحكمة الدستورية، فنرى ضرورة الغاء مقترح اقرار المحكمة الدستورية بدلا من المجلس الدستوري اذ لا يعقل انشاء هيئة مهما كانت لتحل محل القاضي الأول للبلاد او المجلس الدستوري بحيث يحل الادنى في مكان الاعلى، كما نقترح توسيع صلاحيات المجلس الدستوري لتشمل رقابة توافق القوانين و التنظيمات مع المعاهدات، اقرار الرقابة الدستورية البعدية على الاوامر و التنظيمات، اقرار حق طلب الهيئات في طلب راي تفسيري من المجلس الدستوري، تكريس اختصاص المجلس الدستوري بالنظر في مختلف الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية بعد اخطار الجهات المختصة، توسيع رقابة الدفع لتشمل التنظيم الى جانب القانون.
و في المحور الخامس المتعلق بالشفافية الوقاية من الفساد و مكافحته، نقترح دسترة السلطة العليا للشفافية و الوقاية من الفساد و مكافحته و ادراجها ضمن الهيئات الرقابية.
- ما هو تصوركم لبناء جمهورية جديدة يجد كل شخص فيها مكانه ؟
بناء جزائر جديدة حلم طالما انتظرناه طويلا، و نحاول تجسيده بدورنا من خلال الاكاديمية سواء من حيث الأعضاء أو الفاعلية في الميدان (الكمية والنوعية) و نحن نؤمن بفكرة الشخص المناسب في المكان المناسب.
الذهاب إلى دستور جديد يرتقي الى مستوى جزائر جديدة هو ضرورة حتمية و مستعجلة لنذهب مباشرة إلى حل المجالس المنتخبة الحالية، و بناء مؤسسات الدولة من جديد، و هكذا يستعيد المواطن الجزائري ثقته في مؤسساته و قيادته و العكس صحيح .
- كيف تستعيد الجمعيات الثقة مع المواطن، بعد أن صنف كثير منها في خانة المستغلة لدعم الدولة بسبب عددها الكبير على الورق وغيابها في الميدان؟
سبق و انخرطنا في جمعيات عديدة و لاحظنا خمول و جمود وعراقيل كبيرة داخل هياكل الجمعيات بحيث ان العديد من رؤساء الجمعيات يستغلون أختام الجمعية للمصالح الشخصية والسياسية وهذا ما زرع الشك في نفوس المواطنين وحتى المنخرطين فيها وسبب فقدان الثقة، ونعمل على رد الاعتبار للجمعيات من خلال الاجتهاد في تطبيق اهداف الاكاديمية التي هي اهداف نبيلة بدرجة كبيرة.
وقد وضعنا صوب أعيننا تحقيق جملة من الأهداف، أهمها المساهمة في تنسيق العمل الانساني مع الشركاء و المواطن القائم على مبادئ الاخوة لمناصرة المحتاجين و المتضررين من خلال جمع و تبادل المعلومات و تحليلها بهدف تحديد الاولويات و الاحتياجات لحشد و تنظيم الانشطة الانسانية، نشر ثقافة المواطنة وحقوق الانسان باعتبارها دعائم المجتمع المدني ورقيه، العمل على نشر ثقافة السلم و اللاعنف والتكافل و التضامن بين المواطنين مع نبذ التطرف بكل اشكاله ورفض استعمال ذلك كوسائل للمطالبة او الدفاع عن الحقوق.
المساهمة الفعالة في حماية الشباب من الآفات الاجتماعية و ذلك بواسطة التوعية الاجتماعية الشاملة و القيام بدراسات استقصائية و احصائية اتجاه الفئات الهشة بالتنسيق مع الجهات المختصة، و تنظيم ملتقيات وطنية و دولية و دورات تكوينية وورشات للأعضاء و المنخرطين و لعموم المواطنين لتأطيرهم و تكوينهم في مجال العمل الانساني والحقوقي، والعمل مع السلطات المختصة في بناء مجتمع مدني قوي يضمن حماية الحقوق لاعتبارها مترابطة وغير قابلة للتجزئة مع العمل بمجالي الدفاع والتعزيز.